الفيدرالي الأميركي ومعضلة السياسة النقدية: كيف سيضبط التضخم مع رفع الرسوم؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفيدرالي الأميركي ومعضلة السياسة النقدية: كيف سيضبط التضخم مع رفع الرسوم؟ - تكنو بلس, اليوم الأحد 13 أبريل 2025 07:53 صباحاً

عادةً ما يُنظر إلى السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأميركية على أنها المتحكم الرئيسي في السياسات الكلية قصيرة الأمد، وقد نجح الفيدرالي الأميركي في الحفاظ على انخفاض مستويات التضخم دون آثار جانبية كبيرة على الاقتصاد. وتتساوى أهمية الحفاظ على استقرار الأسعار، وتحقيق أعلى قدر من التوظيف بالنسبة للفيدرالي، ورغم تعارض هذين الهدفين في كثير من الأحيان، علماً بأن الفيدرالي يركز بدرجة أكبر على المدى الطويل، وبالتالي يحرص على استقرار معدلات التضخم بدرجة أكبر من السياسيين.

 

وكان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قد أشار في محضر اجتماعه الأخير في 18-19 آذار /مارس 2025 الى أنه وفي ظل تزايد حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية، فإنه من المناسب الحفاظ على النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عند نطاق 4.25% - 4.5%، وذلك مع استمرار النشاط الاقتصادي في التوسع بوتيرة قوية، رغم بقاء التضخم مرتفعاً بعض الشيء.

 

جيروم باول، رئيس الفيدرالي الأميركي (وكالات)

 

الأسواق تلتقط أنفاسها

إلا أن الصدمة التي أحدثها قرار الرئيس الأميركي بفرض رسوم جمركية على معظم دول العالم وفي مقدمتها الصين والاتحاد الأوروبي، والتي نجم عنها زلزال اقتصادي ومالي أصاب معظم الاقتصادات وأسواق المال من أميركا مروراً بأوروبا والخليج وصولاً الى شرق آسيا والصين واليابان. ولكن مع شبه التراجع عن القرار المذكور بتعليقه لمدة تسعين يوماً – باستثناء الصين – قد سمح للأسواق باستعادة بعض من خسائرها والتحرك مجدداً في المنطقة الخضراء.

 

وفي موازاة تلك الأحداث، يترقب الأميركيون والعالم بأسره قراراً قد يكون بحجم قرار الرئيس نظراً لآثاره التي تطال الكثير من الاقتصادات حول العالم، وهو ما سيسفر عنه اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يومي 6 و7 أيار /مايو المقبل. فالفيدرالي في بداية دورة التيسير النقدي الراهنة لم يواجه معضلة في ما يتعلق بخفض أسعار الفائدة والحفاظ على استقرار سوق العمل والحفاظ على قوة الاقتصاد، لكن الحرب التجارية تهدد بحدوث صدمة في جانب العرض قد تفاقم أزمة التضخم، وترفع مستويات البطالة. ومن المتوقع أن يقوم الفيدرالي بإجراء تقييم حول ما إذا كان ارتفاع الأسعار المتوقع نتيجة التعريفات هو حدث مؤقت. وإذا كان الأمر كذلك، فقد يختار الفيدرالي تثبيت سعر الفائدة على الدولار الأميركي حتى زوال تلك الآثار. وفي حال ثَبُت العكس، فسوف تصبح موازنة الفيدرالي بين خفض التضخم والحفاظ على التوظيف مهمة بالغة الصعوبة. 

 

دين أميركا يرتفع إلى 100%؟

وفي موازاة ذلك، قد يجد الاحتياطي الفيدرالي نفسه في حال تفاقم الضغوط التضخمية مضطراً للرضوخ لارتفاع الأسعار مقابل الحد من تكاليف خدمة الدين عبر خفض الفائدة، أخذاً بالاعتبار أن هيمنة السياسة النقدية على الاقتصاد الأميركي تواجه تحديات متمثلة في تفاقم الدين العام، حيث يتعين على الفيدرالي عند رسم سياسته النقدية وتحديد سعر الفائدة أن يأخذ بعين الاعتبار تقييم أثرها على عجز الموازنة ومؤشرات الاستقرار المالي واستدامة الاقتراض الحكومي. وتشير أحدث التقديرات، أنه من المتوقع أن يصل إجمالي الدين العام في الولايات المتحدة إلى نحو 100% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الجاري.

 

ناهيك عن ذلك، لا ينبغي إغفال جحم الضغوط التي يتعرض لها الاحتياطي الفيدرالي ولا سيما رئيسه جيروم باول من قِبل الرئيس الأميركي لخفض سعر الفائدة واتهامه بالتلاعب السياسي. فالاحتياطي الفيدرالي لا شك في موقف حرج وفي معضلة في ظل تعقيد المشهد نتيجة التوترات التجارية وارتفاع أسعار بعض السلع. فالفيدرالي يقف اليوم بين الرضوخ للضغوط السياسية من جهة وللآثار المترتبة على فرض الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأميركي، وبين القدرة على تحديد سعر فائدة محايد، وهي التي توازن بين التضخم والنمو، والتي قد تكون انخفضت بفعل بعض السياسات التجارية. إلا أن ذلك لا يعني وجود مبرر واضح لتقليص أسعار الفائدة في الأجل القصير.

 

ماذا عن التضخم؟

فالرسوم الجمركية قد تُخفف من الحاجة لرفع الفائدة، لكنها لا تبرر خفضها، خاصة في ظل استمرار الضغوط التضخمية فوق المستويات المستهدفة. إن تطبيق رسوم جمركية جديدة سوف يجعل من عملية خفض أسعار الفائدة أكثر تعقيدًا، ويُشكّل عائقًا إضافيًا أمام صناع القرار النقدي، حتى في ظل مؤشرات على تباطؤ الاقتصاد أو ضعف سوق العمل. 

 

إن تجاهل التأثيرات التضخمية للرسوم الجمركية يشكل مخاطرة حقيقية، من شأنها أن تؤثر سلبًا على مصداقية الاحتياطي الفيدرالي في كبح التضخم. فالأولوية القصوى للمجلس الاحتياطي الفيدرالي في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة تبقى في الحفاظ على استقرار توقعات التضخم على المدى الطويل، وأهمية إبقاء الأسواق وقطاعات الأعمال واثقة من التزام الفيدرالي بتحقيق هدف التضخم عند المعدل المستهدف 2%.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق