لا تزال شخصية الفنان فضل شاكر تثير الانقسام بين محبيه وخصومه، إذ تجمع قصته بين موهبة فنية استثنائية ومسيرة حياة مثقلة بالجدل. وبينما يبقى الرأي العام منقسماً حوله، خاض الممثل الأردني عماد عزمي تحدّياً كبيراً بتجسيد شخصية فضل في الوثائقي الدرامي "يا غايب"، الذي تعرض منصة "شاهد"، خلال مرحلة نجاحه الفني، واضعاً نصب عينيه مهمة إنسانية وفنية تتخطّى الأحكام المسبقة.

في حديث خاص لـ"النهار"، قال عزمي إن قبوله الدور كان مشروطاً بموافقة فضل شاكر نفسه، "فلو لم يوافق فضل، لما كنت قبلت بأن أجسد شخصيته. وموافقته منحتني ثقة كبيرة، وكانت ضرورية كي أستطيع الدخول إلى عالمه بصدق".

وعن بداية تحضيره للدور، أوضح أنه لم يكن يملك معلومات كافية عن الشخصية سوى بعض المقابلات القديمة التي لم تكن كافية للوصول إلى جوهر فضل الحقيقي. وأشار إلى أن المقابلات أظهرت انطباعات غير واضحة إلى حد ما، لأن الأشخاص في العادةً يجسدون صورة يرغبون في تصديرها خلال اللقاءات الإعلامية. لذلك، مثل التواصل المباشر مع فضل نقطة التحول الأساسية بالنسبة إليه.

الممثل الأردني عماد عزمي يجسد فضل شاكر في مرحلة النضوج الفني

استرجع عزمي اللحظة المفصلية التي تواصل فيها مع شاكر، قائلاً لـ"النهار": "حين تحدثت إليه مباشرةً، بدأتُ أرى القصة من عينيه. جلسنا نتحدث لساعات عبر الهاتف، وسمعت منه تفاصيل حياته التي كنت قد قرأتها نصاً، لكنها عندما خرجت من فمه، اكتسبت عمقاً آخر. يومها، أدركت أني أمام مسؤولية ضخمة، فقصته تتجاوزني كممثل، هي حكاية إنسانية كاملة".

وتحدّث عزمي عن الدعم الذي تلقّاه من محمد شاكر، نجل فضل، خلال التصوير، قائلاً إنه كان بمثابة المرشد له في التقاط تفاصيل الشخصية، من حركاته إلى طريقة تفاعله مع المواقف. وأضاف: "في بعض المشاهد الخاصة بكواليس تسجيل أغنية "يا غايب"، كان محمد يجلس بجانبي ويوجّهني: الآن فضل كان ليبتسم، الآن كان يعبّر بعينيه... هذه التفاصيل الصغيرة كانت المفتاح لأداء صادق".

أما عن التحدي الأكبر الذي واجهه، فقد لخّصه بسؤال كان يرافقه طوال فترة العمل: "ماذا أوصل فضل شاكر إلى هذه المرحلة؟"، مؤكداً أن الهدف لم يكن إصدار حكم، بل محاولة فهم رحلته الطويلة منذ الطفولة وحتى وصوله إلى وضعه الحالي.

الممثل الأردني عماد عزمي

وعن تطلعاته المستقبلية، أشار عزمي إلى أنه يخطط لتقليل انشغاله بوسائل التواصل الاجتماعي، وإعادة التفرغ للقراءة ومتابعة الأعمال السينمائية النوعية. كما عبّر عن رغبته في العودة إلى أداء الأدوار الكوميدية بعد سنوات من الغوص في الأدوار الدرامية الثقيلة.

وختم حديثه بالإشادة بالطاقم الفني المساند للوثائقي، مشدداً على أن النجاح لا يعود إلى الممثلين وحدهم، بل إلى فريق كبير من "الجنود المجهولين" الذين بذلوا جهداً هائلاً خلف الكاميرا لتحقيق أفضل نتيجة ممكنة.

الممثل عماد عزمي خلال مشاركته في مهرجان البحر الأحمر السينمائي

يُذكر أن وثائقي "يا غايب" من كتابة جورج هزيم ونور المجبّر وناي عازار، وإخراج فاطمة رشا شحادة، أنتجته شركة "2pure" لصاحبها المنتج اللبناني رودولف جبر، بالتعاون مع "شاهد" ومجموعة "MBC". وجسّد ريان حمو شخصية شاكر في طفولته، فيما جسّد عزام الشبعان دور شاكر في شبابه، وقدّم عماد عزمي شخصية شاكر في فترة النضوج والأحداث الجدلية. أما أبرز الممثلين المشاركين في هذا العمل فهم: ستيفاني عطالله، سميرة الأسير، طلال الجردي، رامي عطالله، دارينا الجندي.