يوسف أيوب يكتب: المهمة الرئاسية في تجديد الخطاب الديني - تكنو بلس

صوت الامة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
يوسف أيوب يكتب: المهمة الرئاسية في تجديد الخطاب الديني - تكنو بلس, اليوم السبت 26 أبريل 2025 09:06 مساءً

حديث الرئيس عبد الفتاح السيسى، الدائم والمتكرر عن تجديد الخطاب الدينى، منطلقه الأساسي الرغبة الحقيقية في الارتقاء بهذا الخطاب، وتطوير آليات التواصل، لمواجهة الفكر المتطرف وكافة الأفكار المغلوطة، والتي يمكن اعتبارها في الوقت نفسه «ملغومة» وتسيطر على عقول الكثيرين، نتيجة ثقافة دينية كانت سائدة خاصة في القرى، التي كانت متروكة لأشخاص يطلق عليهم مجازاً لقب «شيخ»، وفى الحقيقة لا يمت للمشيخة بشئ.

 

والأكثر من ذلك، أن هناك من كان ينتقى من التراث وقائع كانت مرتبط بزمن وبيئة معينة، ويريد تطبيقها على الوضع الحالي، مما انتج فكر متطرف، وأساء إلى صورة الدين الإسلامي، رغم أنه دين التسامح، ويدعو دوماً للفكر والتفكير.

 

لذلك فإن انشغال الرئيس السيسي بمسألة تجديد الخطاب الديني، يعود إلى رؤيته لواقع يتطلب التغيير، واقع مرتبط بأفكار مغلوطة عن الدين، يجرى تعميمها من جانب شخصيات دينية، وهذه الأفكار انتجت لنا عقول ملغومة. وهذا الانشغال الرئاسي لاقى تجاوبا كبيراً من المؤسسات الدينية، لانها رأت في الدعوة الرئاسية للتجديد ما يتوافق مع صحيح الدين، وأيضاً، رأتها مناسبة لمواجهة كافة الأفكار المغلوطة التي أساءت للإسلام.

 

وإنشغال الرئيس السيسى بتجديد الخطاب الدينى، تحول مع مرور الوقت إلى خطوات عملية مدروسة، مع المؤسسات الدينية الرسمية، تستهدف في الأساس التعامل مع العقول التى تتعامل مع المواطنيين في شرح مفهوم الدين، والرد على كافة الاستفسارات والفتاوى، والمقصود هنا الأئمة والمشايخ، ومن هنا كان ما رأيناه الثلاثاء الماضى، بتخريج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف من «الأكاديمية العسكرية المصرية» بمركز «المنارة» للمؤتمرات الدولية في القاهرة، والتي شهدها الرئيس السيسى، ومن خلالها وجه الرئيس عديد من الرسائل المهمة، التي توضح المنهج الرئاسي في مسألة التجديد.

 

الرئيس قال أننا بحاجة إلى «خطاب ديني مستنير، وفكرٍ رشيد، وكلمة مسؤولة»، وأن مهمة «تجديد الخطاب الديني لا يكون إلا على أيدي دعاة مستنيرين، أغنياء بالعلم، واسعي الأفق، مدركين التحديات، أمناء على الدين والوطن، قادرين على تقديم حلول عمليةٍ للناس، تداوي مشكلاتهم، وتتصدى لتحدياتهم، بما يُحقق مقاصد الدين ويحفظ ثوابته العريقة»، مع أهمية مواكبة التطور من دون المساس بالثوابت.

 

ومن هذه النقطة تحديداً يمكن الحديث كثيراً عن فكر التجديد، فالهدف ليس الثوابت كما يدعى البعض، وإنما التجديد مرتبط بالفكر والشخص القائم على التواصل مع طالبى الفتوى أو المشورة الدينية، بحيث يكون هناك مواكبة مع التغيرات الزمنية والمكانية، فكثير من الوقائع التي يستند لها بعض المشايخ في فتواهم وأرائهم كانت مرتبط بحدث وزمن وبيئة معينة، ومع التغيرات التي حدثت بمرور الزمن، لا يمكن القياس عليها، لان الظروف تغيرت، وهذا لا يعنى انكار ما حدث، لكن أن نعمل العقل والمنطق في مسألة القياس.

 

ومن هنا يأتي الاهتمام بالعنصر البشرى، أو القائمين على شرح الدين للمواطنيين، فالثوابت معروفة ولا مجال لإنكارها، لكن المهم ان يكون القياس على وقائع الماضى، مرتبط ايضاً بما حدث ويحدث من تغيرات، وأقرب مثال على ذلك ما حدث مؤخراً من راى لأحد أساتذة الفقة المقارن بالأزهر الشريف، وهو الدكتور سعد الدين الهلال، الذى أثار جدلاً حول أحكام الميراث، وقوله إنه لا يوجد نص قرآني صريح يمنع المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وهو ما رد عليه الأزهر الشريف ودار الإفتاء بالتأكيد على أن نصوص الميراث قطعية لا تقبل التغيير، وليست محلاً لاستفتاءات شعبية لتغييرها. ويضاف إلى ذلك أيضاً الحديث المتكرر عن وقوع او عدم وقوع الطلاق الشفهى، فكل هذه الأمور تتطلب أولاً تحديد الثوابت الدينية، والتي لا يمكن الدخول في النقاش حولها، وترك ما دون ذلك محلاً للنقاش والاتفاق والإجماع.

 

والثابت بالنسبة لنا جميعاً يكون بنص قرانى واضح وصريح، او بحديث نبوى، أما خلاف ذلك، فيجوز القول فيه.

 

بالعودة إلى ما قاله الرئيس السيسى الثلاثاء الماضى، فإن مهمة تجديد الخطاب الديني لا تنحصر في تصحيح المفاهيم المغلوطة فحسب، بل تمتد لتقديم الصورة المشرقة الحقيقية للدين الحنيف، كما تجلّت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما نقلها الصحابة الكرام، وكما أرسى معالمها أئمة الهُدى عبر العصور، ولأنه يؤمن أهمية العنصر البشرى في مهمة التجديد، فإنه اكد أن «تخريج كوكبة جديدة من الأئمة الذين سوف يحملون على عاتقهم أمانة الكلمة، ونشر نور الهداية، وترسيخ قيم الرحمة والتسامح والوعي"، لذلك وجه وزارة الأوقاف، بالتعاون مع مؤسسات الدولة الوطنية، وعلى رأسها الأكاديمية العسكرية المصرية، بوضع برنامج تدريبي متكامل يُعنى بصقل مهارات الأئمة علميًا وثقافيًا وسلوكيًا، بهدف الارتقاء بمستوى الأداء الدعوي، وتعزيز أدوات التواصل مع المجتمع، ليكون الإمام نبراساً للوعي، متمكناً من البيان، بارعاً في الإقناع، أمينًا في النقل، حاضرًا بوعيٍ نافذ وإدراكٍ عميق لمختلف القضايا الفكرية والتحديات الراهنة.

وكان من ثمار هذا التعاون، تخريج هذه الدفعة من الائمة ممن "تلقَّوا إعدادًا نوعيًا يمزج بين أصول علوم الدين الراسخة وأدوات التواصل الحديثة، متسلحين برؤية وطنية خالصة، وولاءٍ لله ثم للوطن، وإدراكٍ واعٍ لتحديات العصر ومتغيراته، مع المحافظة على الثوابت».

 

الاهتمام بالعنصر البشرى يستند إلى رؤية رئاسية واضحة، أشار إليها في الحفل الأخير، حينما لفت إلى أهمية الاقتداء بالإمام السيوطي كنموذج يحتذى به، حيث قدم مساهمة استثنائية من خلال تأليف 1164 كتابًا خلال حياته، وأكد الرئيس السيسي أن الكلمات وحدها لا تكفي لإحداث تأثير في المجتمع، بل يجب أن تُترجم إلى أفعال إيجابية وفعالة تُشكل مسارًا يُتبع ويُنفذ، وضرب مثالًا على ذلك باستخدام مقار المساجد، إلى جانب كونها أماكن للعبادة، لتقديم خدمات تعليمية للطلاب، مشدد على ضرورة حسن معاملة الجيران، والاهتمام بتربية الأبناء، ومواكبة التطور دون المساس بالثوابت، مع أهمية الحفاظ على اللغة العربية، ودور الدعاة في أن يكونوا حماة للحرية، مما يعكس رؤية شاملة للتنمية المجتمعية.

 

هذه بعض مما تتطرحه الرؤية الرئاسية لتجديد الخطاب الدينى، والهدف منها. فالهدف ليس أبداً ضرب الثوابت، بل تأكيد هذه الثوابت وإعمال الفكر كما يدعوننا الدين في غير ذلك، مستفيدين من تراث ملئ بالفكر والرأى الذى يمكن ان نرتكن إليه في دراستنا لوقائع معينة. كما أن الرؤية الرئاسية وهى تضع العنصر البشرى محل اهتمام، فإنها تعنى أيضا بالمسجد، ليس فقط للعبادة، وإنما للتربية والتعليم، وهو ما يؤكد ان الرؤية الرئاسية هدفها الاساسى الحفاظ على الدين، في مواجهة غلاة التطرف الذين اسائوا أشد إساءة إلى الإسلام.

 

 

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : يوسف أيوب يكتب: المهمة الرئاسية في تجديد الخطاب الديني - تكنو بلس, اليوم السبت 26 أبريل 2025 09:06 مساءً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق