نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حوار الجزائر - مالي بإشراف الاتحاد الأفريقي هو الخيار الأفضل - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 01:06 صباحاً
رغم تصاعد نبرة التراشق الإعلامي بين الجزائر ومالي، ثمة بصيص أمل بأن يتم احتواء الخلافات الحادة التي نشبت أخيراً بينهما وأدت إلى تطورات دراماتيكية متسارعة سلبية مثل غلق البلدين لأجوائهما في وجه بعضهما البعض حتى إشعار آخر .
في هذا السياق تميل أغلب تعليقات المراقبين السياسيين الجزائريين التابعين للمجتمع المدني إلى التفاؤل، على أساس أن روابط الثقافة والجوار الجغرافي والشراكة الروحية وحقائق التاريخ التي تربط بين مالي والجزائر، قبل وأثناء الكفاح الوطني ومقاومة الاحتلال الفرنسي، سوف تحول دون وقوع أي صدام يمكن أن يورط كلا البلدين في صراع عسكري يهدم كل الذي كان يجمع بينهما، وتنتج عنه تداعيات خطيرة قد تدخل المنطقة في صراعات تستغلها القوى الأجنبية التي تنظر إلى القارة الأفريقية كمجال نفوذ ثقافي ولغوي واقتصادي وأمني لها .
رغم بريق هذا الأمل، ثمة جهات ترى أن استبدال القطيعة المؤقتة بين الجزائر ومالي بواسطة اللجوء إلى آلية الحوار الهادئ هو الأسلوب الأمثل لحل المشكلات العالقة التي ما فتئت تنغص العلاقات التاريخية بينهما، ولكن تحقيق وتفعيل مثل هذا الحوار أمر يتطلب دعماً من وساطات محايدة ترغب حقاً في استتباب الاستقرار في المنطقة، وتدخلات أطراف فاعلة تملك أوراق الضغط وفي المقدمة منظمة الاتحاد الأفريقي.
في هذا السياق هناك من يتساءل: لماذا لم يتحرك هذا الاتحاد الأفريقي الذي يملك صلاحيات تسوية النزاعات في القارة الأفريقية وفقاً لقوانينه التي يخضع لها وجوباً جميع أعضائه الذين يمثلون الدول المكونة للقارة الأفريقية؟
ثم كيف يمكن تفسير غياب الجامعة العربية حتى الآن حيث يلاحظ أنها لم تتحرك بشكل قوي وفوري وقبل فوات الأوان لاحتواء الموقف ولعقد مؤتمر طارئ أو اجتماع موسع بإشراك منظمة الاتحاد الأفريقي، للبحث معاً عن آفاق المصالحة بين الجزائر من جهة وتكتل مالي والنيجر وبوركينا فاسو من جهة أخرى، وذلك لتقريب وجهات نظر هذه الأطراف وإنضاج مشروع يسمح بالشروع في إجراء حوار جدي بينها يفضي إلى نزع فتيل الخصومة بين الجزائر ومالي، وإلى استثمار مثل هذا الاجتماع في عملية إيجاد الحلول التوافقية الشاملة لقضية المسيّرة المالية التي تم إسقاطها، وللتعقيدات التي تغذي الصراع بين حكومة مالي في باماكو وبين إثنية الأزواد في شمال البلاد؟
وبطبيعة الحال هناك ملاحظون يرون أنه على الطرفين المالي والجزائري أن يخففا من التوترات بينهما أولاً وأن يدعوا ثانياً مراقبين محايدين تابعين لمنظمة الاتحاد الأفريقي لإجراء تحقيق شامل وموضوعي حول مكان إسقاط المسيّرة المالية حتى يعرف الرأي العام الدولي حقيقة ما جرى، علماً أن الجزائر أكدت مراراً وتكراراً أن المسيّرة المالية المسلحة قد أسقطت بعد اختراقها سيادة الأجواء الجزائرية في حين ما فتئ الطرف المالي يصرح بشكل مكرر أيضاً عكس ذلك.
وفي الواقع، فإن الخصومة الجزائرية – المالية التي اشتعلت نيرانها فور التدمير الذي لحق بالمسيّرة المالية ليست إلا القشة التي قصمت ظهر العلاقات بين البلدين الجارين. وفي هذا الخصوص أكد الخبير في شؤون الساحل الأمنية، حسين أغ عيسى لنصاري، في الحوار الذي أجرته معه يومية "الشروق" الجزائرية التابعة للقطاع الخاص أن "الوضع الحالي هو نتيجة لعدة عوامل"، وهي "انسحاب مالي من اتفاق الجزائر الموقّع في 2015 والخاص بالمصالحة الوطنية بين مالي والحركات الأزوادية، ذلك أن مالي تعتبر بعض الجماعات المسلحة ذات الطابع المحلي والانفصالي إرهابية". ويضيف هذا الخبير المالي الأصل والجزائري الجنسية في الحوار نفسه مبرزاً أن هناك عاملاً آخر يتمثل في "التدخلات الخارجية لبعض الدول التي تسعى لتأجيج الصراع في الساحل".
في مثل هذا المناخ نجد الاتحاد المغاربي غائباً كلية مع الأسف، ويبدو واضحاً أنه جراء موته السريري لا ينتظر منه أحد أن يلعب أي دور حيوي في الوقت الحاضر لتسوية النزاع الجزائري المالي الذي تعقّد أكثر منذ بدايته، بعد انضمام النيجر وبوركينا فاسو إلى صف دولة مالي ضد الجزائر.
0 تعليق