قراءة في زيارة الشرع للإمارات - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قراءة في زيارة الشرع للإمارات - تكنو بلس, اليوم الاثنين 14 أبريل 2025 08:13 مساءً

شكلت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لحظة فارقة في المسار السياسي الإقليمي، ليس لكونها إحدى أولى خطوات الشرع الخارجية بعد توليه الرئاسة وحسب، بل لأنها تحمل دلالات استراتيجية تتجاوز العلاقات الثنائية إلى أبعاد إقليمية ودولية.

 

وفي خضم هذا الزخم السياسي، تُطلّ أبوظبي كعاصمة تمتلك مفاتيح التأثير وتتمتع بمكانة محورية ضمن معادلات الاستقرار  في المنطقة، ما يجعلها وجهة لا يمكن تجاوزها في رسم ملامح المرحلة المقبلة لسوريا.

 

رسخت الإمارات في السنوات الأخيرة مكانتها كقوة ناعمة ذات حضور دولي متوازن، نجحت في بناء نموذج سياسي وديبلوماسي يتسم بالحكمة والفاعلية؛ فمقارباتها للعلاقات الدولية تتجاوز منطق الاستقطاب، وتقوم على التهدئة وبناء الجسور وتعزيز المصالح المشتركة. وفي السياق السوري، يتبلور هذا الدور من خلال سعيها المستمر إلى دعم وحدة واستقرار سوريا، واستعدادها للعب أدوار متعددة، سياسية وإنسانية وتنموية، لصالح الشعب السوري.

 

زيارة الرئيس السوري الجديد تأتي في توقيت بالغ الحساسية، حيث يسعى إلى إعادة تموضع سوريا إقليمياً ودولياً بعد سنوات من العزلة والحرب. ولا يمكن فصل هذه الزيارة عن إدراك القيادة السورية لطبيعة الدور الإماراتي في النظام الدولي، سواء عبر علاقاتها المتوازنة البناءة مع العواصم في الغرب والشرق، أو من خلال قدرتها على خلق توازنات إقليمية فاعلة.

 

الإمارات لا تكتفي بموقعها كمراقب للمشهد السوري، بل تنخرط بفاعلية عبر أدواتها الديبلوماسية والاقتصادية والإنسانية، وتقدم نفسها شريكاً موثوقاً يمكن الاعتماد عليه لإحداث التحولات الإيجابية. لذا، فإن زيارة الشرع تمثل خطوة نحو تمتين العلاقات مع الإمارات، واستثمار نفوذها في المحافل الدولية لتخفيف وطأة العقوبات المفروضة على دمشق، ودعم مساعي التعافي وإعادة الإعمار.

 

في قلب جدول أعمال الزيارة، تقف قضايا جوهرية أبرزها تخفيف العقوبات، وجذب الاستثمارات، وتعزيز الاستقرار الداخلي. ويبدو أن الشرع يدرك أن مقاربة الإمارات لهذه الملفات قائمة على رؤية واقعية تستند إلى المصالح المتبادلة وتحقيق الاستقرار المستدام.

 

وتُعد الإمارات واحدة من الدول القليلة التي حافظت على مقاربة متزنة تجاه سوريا طوال سنوات الأزمة. لم تنخرط في التصعيد، ولم تغلق باب الحوار، بل عملت بصمت لإعادة سوريا إلى محيطها العربي، انطلاقاً من إيمانها بأن استقرار سوريا ركيزة لاستقرار الإقليم بأكمله.

 

وفي أصعب تعقيدات المشهد السوري برزت الإمارات كوسيط فاعل وقادر على خلق مساحات مشتركة للحوار بين الفاعلين الإقليميين والدوليين؛ فعلاقاتها الديبلوماسية مع إسرائيل من جهة، ومع سوريا من جهة أخرى، قد تتيح لها لعب دور الوسيط في تخفيف التصعيد الإسرائيلي المستمر، وهو ما يعزز من فرص الشرع في التركيز على الملفات الداخلية، وإعادة ترتيب البيت السوري من الداخل.

 

كما أن امتلاك الإمارات قنوات فعالة في واشنطن وبروكسل، عبر أدوات الديبلوماسية العامة، يجعلها قادرة على الدفع باتجاه تخفيف القيود الدولية على دمشق، وهي خطوة مفصلية في طريق التعافي الاقتصادي.

 

ومن جانب آخر، قد تمثل زيارة الشرع خطوة لتوسيع قاعدة الدعم العربي لسوريا، فالإمارات بثقلها السياسي والاقتصادي والديبلوماسي، قادرة على تهيئة الأرضية لعودة دمشق إلى موقعها الطبيعي ضمن المنظومة العربية، وخلق مناخ من التفاهم والتكامل يصب في مصلحة الجميع.

 

أبوظبي لم تعد مجرد محطة ديبلوماسية في زيارات القادة، بل أصبحت بوابة سياسية واقتصادية وأمنية لكل من يسعى للعبور نحو مستقبل أكثر استقراراً.

 

الرئيس أحمد الشرع يدرك جيداً أن الإمارات ليست وجهة بروتوكولية وحسب، بل شريك استراتيجي بإمكانه أن يشكل فارقاً حقيقياً في مسار سوريا نحو التعافي وإعادة البناء.

 

وفي زمن الانقسامات والصراعات، تبرز الإمارات كصوت العقل، وكرمز للديبلوماسية الفعالة التي تترجم الأقوال إلى أفعال، وتعيد صياغة الأمن الإقليمي عبر التنمية والسلام.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق