نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أحمد العودة خارج المشهد السوري... رحلة اللواء الثامن تنتهي في درعا - تكنو بلس, اليوم الاثنين 14 أبريل 2025 04:08 مساءً
دمشق - "النهار"
ألقت محافظة درعا عن كاهلها واحداً من أثقل الملفات التي كانت ترزح تحت احتمالات تفجّره جراء تضارب المصالح وتداخل الأجندات الخارجية. ولأنّ نشأة اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة جاءت تحت مظلة تفاهمات دولية وإقليمية تعبيراً عن منعطف في المشهد السوري لصالح النظام السابق تمثل في تسوية الجنوب عام 2018، فإنّ قرار حلّه وإخراجه من المسرح، بشكله الحالي، لإعادة ترتيب أوراق الجنوب السوري وفق ديناميات مختلفة بعد سقوط النظام، جاء كذلك متزامناً مع أول زيارة قام بها أحمد الشرع، رئيس سوريا الانتقالي، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في خطوة تعكس عدم غياب المظلة الإقليمية عن المشهد السوري.
وأكدت مصادر مقربة من اللواء الثامن، لـ"النهار"، أن "قرار حلّ اللواء والانضمام إلى وزارة الدفاع جاء كإجراء ضروري لردع الفتنة وحقن الدماء". وأضافت أن القرار "ليس مجرد خطوة إدارية" بل هو مسعى "لإغلاق الطريق أمام تقسيم البلاد".
وبعد توتر أمنيّ ساد خلال الأيام الماضية في بصرى الشام بريف درعا الشرقي، التي تُعتبر معقل قيادة اللواء الثامن، أعلنت الأخيرة، الأحد، في قرار مفاجئ من حيث توقيته، حلّ فصيل اللواء وتسليم عتاده العسكري إلى وزارة الدفاع السورية، ليكون أول فصيل سوري يُعلن عن حلّه رسمياً منذ سقوط النظام السابق، بينما لا يزال الغموض يخيّم على الآليات التي اتُّبعت في ضمّ فصائل أخرى إلى الجيش السوري الجديد، إذ لم يتم، على الأقل، الإعلان عن حلّها، وسط شكوك بأنها انضمّت إلى الجيش ككتلة واحدة، ولا سيما فصائل الشمال السوري ممثلة بالعمشات والحمزات الموالية لتركيا.
وعيّن وزير الدفاع مرهف أبو قصرة في وقت سابق العميد بنيان الحريري قائداً لفرقة درعا، وكان من المفترض أن يتم تشكيل خمسة ألوية من فصائل درعا والسويداء لتدخل ضمن تشكيلة هذه الفرقة، غير أن التهديد الإسرائيلي بفرض منطقة منزوعة السلاح في الجنوب السوري أدى إلى تأخير تنفيذ ذلك، لا سيما مع عدم وضوح مصير الفصائل التي تنضم إلى وزارة الدفاع في ظل تهديد إسرائيل باستهداف أي قوة لـ"هيئة تحرير الشام" تنتشر في الجنوب.
واللواء الثامن هو الفصيل الوحيد، قبل أن يتم تجاوز ذلك لاحقاً، الذي ذكره أبو قصرة بالاسم باعتباره رافضاً للانضمام إلى وزارة الدفاع، وذلك في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في شباط/ فبراير، علماً أن هناك عشرات الفصائل التي لا تزال خارج إطار وزارة الدفاع، سواء لعدم دعوتها إلى الانضمام، أو لرفضها ذلك. ويعكس هذا مدى أهمية اللواء الثامن وإحساس وزير الدفاع بخطورة عدم قبوله الاندماج بالجيش الجديد آنذاك.
ومثّل اللواء الثامن نقطة تقاطع لمصالح مختلفة عربية وإقليمية، فهو في فترة قتاله ضد النظام السوري السابق كان يتلقى الدعم من غرفة عمليات "الموك" التي اتخذت من العاصمة الأردنية عمان مقراً لها. ومنذ إجرائه التسوية عام 2018 على خلفية التفاهم بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي أواخر عام 2017، وجد اللواء نفسه عالقاً في موقع معقد بين تأثيرات الدعم القديم وضرورات التنسيق مع روسيا ونظام الأسد، وهو ما جعله عرضة لانتقادات كثيرة من مختلف الأطراف نتيجة الأدوار الهجينة التي فُرض عليه القيام بها.
وعند اندلاع معركة "ردع العدوان"، سارع اللواء الثامن إلى شقّ مساره الخاص نحو العاصمة دمشق، التي كان أول من دخلها إلى جانب فصائل غرفة عمليات فتح دمشق وبعض فصائل السويداء، وذلك قبل 24 ساعة من وصول أحمد الشرع إليها.
لكن اللواء الثامن، لأسباب لا تزال مجهولة، رفض أن يكتب التاريخ في تلك اللحظة، وقرر الانسحاب من دمشق من دون الدخول في منافسة على السلطة مع "هيئة تحرير الشام".
وبعد اندلاع التوتر الأخير، الجمعة، على خلفية إصابة بلال الدروبي، القيادي السابق في فصيل "شباب السنة" الذي كان يقوده أحمد العودة قبل التسوية، كانت قيادة اللواء الثامن متمسكة بعدم استكمال إجراءات انضمامها إلى وزارة الدفاع من دون إدخال تغييرات على هيكلة فرقة درعا. بل إن مصادر مقربة من اللواء الثامن أبلغت "النهار"، في وقت سابق، أنها لا تستبعد الانخراط في اشتباكات مع قوات الأمن العام إذا تجاوزت حدّاً معيناً في تقدمها نحو بصرى الشام.
ومن الصعب التصديق بأن وفاة الدروبي، الأحد، جراء إصابته، كانت السبب الذي دفع قيادة اللواء الثامن إلى التخلي عن مطالبها السابقة والقبول بحلّ نفسها ومن ثم الاندماج في الجيش السوري. والأرجح أن تصاعد التوترات جراء الحادثة شكّل لحظة مناسبة تزامنت مع زيارة الشرع إلى الإمارات، الأمر الذي قد يكون سهّل عملية الوصول إلى تفاهم بين اللواء الثامن ووزارة الدفاع، بما يعكس جانباً من جوانب نتائج الزيارة.
0 تعليق