رسوم ترامب... المشكلة في السلاح أم في حامله؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رسوم ترامب... المشكلة في السلاح أم في حامله؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 14 أبريل 2025 06:59 صباحاً

كانت السياسات المالية والنقدية في ولايته الأولى فعالة؛ وربما أكثر مما ينبغي. تواصلَ جذب الاستثمارات الخارجية فتعززت مكانة الدولار. ثم علت أصوات تدعو إلى التدخل النقدي لخفض قيمته. عارض وزير خزانة رونالد ريغان دونالد ريغان (لا صلة قربى)، هذا الأمر. فالدولار القوي كان يعني اقتصاداً أميركياً قوياً... إلى أن تغير الأمر سنة 1985. 

 

مع بداية تلك السنة، كانت قيمة الدولار مقابل العملات الغربية البارزة مثل الين والمارك الألماني قد ارتفعت بما يقرب من 48 في المئة خلال خمسة أعوام. فرض ذلك الواقع ضغطاً على الصناعة الأميركية لأن الدولار القوي جعل استيراد السلع أرخص نسبياً. لهذا السبب، راح العجز في الميزان التجاري الأميركي يكبر بشكل تدريجي. حان وقت التدخل. بدأ الأمر، ولو أنه لم يرتبط فقط بالخلافات النقدية، مع تبادل مناصب بين ريغان وكبير موظفي البيت الأبيض جيمس بيكر في بداية ولاية ريغان الثانية.

 

لاحقاً، خلال اجتماع احتضنه فندق بلازا (نيويورك سيتي) في شهر أيلول/سبتمبر 1985، اتفقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا الغربية واليابان على التدخل لخفض الدولار. بعدما انخفضت قيمة الدولار واستقر الميزان التجاري، استعاض المجتمعون عن الاتفاقية الموقعة بأخرى سنة 1987 (اتفاقية اللوفر).

 

تظهر "اتفاقية بلازا" أن الامتعاض الأميركي من العجز التجاري ليس جديداً، وكذلك التدخل لإلغائه. وهذا ما نجحت فيه أميركا بحلول سنة 1991 حين حققت فائضاً بسيطاً في ميزانها التجاري. كمثل آخر على ذلك، يمكن العودة أيضاً إلى ولاية ريتشارد نيكسون سنة 1971 حين فرض الرئيس الأسبق رسوماً بقيمة 10 في المئة على جميع الواردات للتعويض عن "أسعار الصرف غير العادلة". كان ذلك جزءاً من الإجراءات التي عُرفت بـ "صدمة نيكسون" والتي أنهت عملياً اتفاقية "بريتون وودز"، ومن ضمن بنودها قابلية تحويل الدولار الأميركي إلى ذهب.

 

بعد 40 عاماً على "اتفاقية بلازا"، يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يضع نصب عينيه "اتفاقية مارالاغو". ويعتقد المقربون من ترامب أن بإمكان الأميركيين إبرام اتفاقية كهذه، بالحد الأدنى من الأضرار.

 

في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، كتب من سيصبح لاحقاً رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين لترامب ستيفن ميران دراسة بعنوان "دليل المستخدم لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي" حيث لفت النظر إلى أن رسوم ترامب لم تطلق تضخماً في الولاية الأولى. سبب ذلك انخفاض الرنمينبي مما دفع الصين إلى تحمل كلفة الرسوم مع تضاؤل القوة الشرائية الصينية وتراجع هوامش ربح المصدّرين الصينيين. وأضاف أن بإمكان الرسوم، حين تكون مستندة إلى القواعد والتصاعدية، إعادة توزيع العبء المالي والجيوسياسي إلى آخرين.

 

 

عن قضية "التصنيع"

في 30 آذار/مارس، دافع المستثمر جون مايكلسون في "وول ستريت جورنال" عن مبدأ الرسوم مشيراً إلى سذاجة اعتقاد أن الدول الحليفة ستتخلى عن ازدهارها الذي تساهم فيه أميركا، بمجرد إظهار واشنطن بوادر حسن نية. وتحدث أيضاً عن كيفية مساهمة التجارة الحرة غير المتوازنة في فقدان التصنيع الأميركي. وهذه من أبرز النقاط التي يشدد عليها مناصرو الرسوم.

 

في سنة 1993، أصدر الخبير الاستراتيجي إدوارد لوتواك كتاباً بعنوان "الحلم الأميركي المعرض للخطر" وقد حذر فيه من مشكلة استبدال الاقتصاد الصناعي بالاقتصاد الخدماتي، لأن الأخير سيفيد الحلفاء الغربيين بدلاً من الصناعيين الأميركيين.

 

(أ ب)

لا يوافق الجميع على فكرة ضرب الرسوم للقاعدة الصناعية الأميركية، خصوصاً مع مرور الوقت. كتب مايكل كوهين في شبكة "إم إس إن بي سي" أن إعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة لن تخفض الأسعار (الآيفون قد يصل سعره إلى 3500 دولار)، وأن التصنيع لا يشكل أكثر من 10 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي للبلاد. وانتقد أيضاً فهم ترامب "الضيق" و"القديم" للصادرات الأميركية، لأن الرئيس يشير في خاطباته إلى العجز في الصادرات المادية، لكنه لا يشير إلى الفائض التجاري الخدماتي الذي بلغ 280 مليار دولار.

 

لكن لوتواك شدد أيضاً في موقع "أنهيرد" على أن إضعاف القاعدة الصناعية يعرقل أميركا عن تصنيع طائرات مدنية جديدة كما سفن حربية جديدة.

 

في وقت يمكن الأخذ بوجهات نظر عدة حيال علاقة الرسوم التجارية بالصناعة الأميركية، ثمة القليل مما يمكن الاختلاف حوله في القضية الأساسية: لا يمكن فرض الرسوم بطريقة ارتجالية أو بناء على ردود أفعال آنية.

 

انعكاسات

كما كانت الحال مع ميران، رئيس المجلس الاقتصادي الاستشاري لترامب، شدد المستثمر مايكلسون في صحيفة "وول ستريت جورنال" على ضرورة أن تكون الرسوم مرتفعة ومتناسقة ومستدامة وقابلة للتوقع، كي تستطيع الأعمال بناء خطة طويلة المدى. لا تبدو هذه الشروط منطبقة على كيفية فرض ترامب لرسومه.

 

بما أن الأمور تقاس بنتائجها، يمكن الخروج بخلاصة ولو أولية من رد فعل الأسواق التي خسرت مئات المليارات بسبب التعريفات. ولم تنتعش الأسواق كما ينبغي بعد تعليقه لها لتسعين يوماً، مع الحفاظ على أساس 10 في المئة على جميع الواردات و25 في المئة على السيارات وقطع السيارات والحديد والألومينيوم و145 في المئة على الواردات الصينية. ففي 10 نيسان/أبريل، انخفض مؤشر الأسهم الرئيسي في أميركا بنسبة 3.5 في المئة.

 

ومما يفاقم العقبات أمام تخطيط طويل المدى للشركات، توقيع ترامب على اتفاقات تجارية تعد "مذهلة" بحسب تعبيره، قبل أن يتراجع عنها لاحقاً كما حصل مع كندا والمكسيك وكوريا الجنوبية. علاوة على ذلك، إن حجم التعريفات الحالية التي هي أكبر بكثير من تعريفات سموت-هاولي في بداية الثلاثينات (20 في المئة على نحو 20 ألف منتج)، قد تتسبب بالتضخم في نهاية المطاف.

 

يمكن أن تكون الرسوم مهمة في الرد على مساوئ التجارة الحرة. لكن طريقة استخدام تلك الرسوم أهم. حتى اليوان بدا ثابتاً وغير متجه إلى فقدان قيمته بحسب تقرير لمجلة "إيكونوميست" التي اقترحت أن يكون ذلك إشارة إلى أن بكين لا تهيئ الأرضية لانخفاض مفاجئ في العملة لمساعدة مصدّريها على تجنب صعوبات الحرب التجارية.

 

من الآثار المحتملة لذلك أن الصين قد لا تمتص العبء الأكبر من كلفة الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، كما كانت الحال في ولاية ترامب الأولى.

 

لذا، سيكون أحد الأسئلة الملحة للمرحلة المقبلة:

هل تستطيع أميركا أن تخرج من "صدمة ترامب" كما خرجت من "صدمة نيكسون"؟

 

احتاجت "صدمة نيكسون" والركود التضخمي الناجم عنها إلى أكثر من عقد زمني للتلاشي، وذلك بعدما أثّر حتى على شعبية ريغان في الانتخابات النصفية من ولايته الأولى. وهذا لا يبشر بالخير لترامب؛ خصوصاً إذا رأى الناخب الأميركي أن الصدمة وتداعياتها ستكون من صنعه.

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق