نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سمر بلطجي من لحظة شهرة عابرة إلى الشارع - تكنو بلس, اليوم الجمعة 11 أبريل 2025 05:56 صباحاً
تمرّ الحروب، لكن آثارها لا ترحل. تُشفى المدن، لكن جروح البشر تبقى شاهدة. وفي لبنان، رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على نهاية الحرب الأهلية، لا تزال بعض الصور تنبض بالحياة، وبعض الحكايات تُروى، بندوبها التي لم تندمل.
في عام 1985، وبين دخان الاشتباكات وأصوات القذائف في بيروت، التقط المصوّر الشاب ماهر عطار صورة خلّدها التاريخ: امرأة تسير على عكّازين في محلّة صبرا وشاتيلا، تمسك بيد طفلتها الصغيرة نسرين، التي شوّهت الحرب جسدها.
نظرة الأم –سمر بلطجي– كانت حاسمة، تواجه الكاميرا بثبات رغم الألم، وبيدها الأخرى راديو كانت تستمع منه، وفق ما قالت، إلى أغنية لوردة الجزائرية. الصورة تصدّرت صحيفة "نيويورك تايمز"، لتصبح رمزًا لوجع الحرب وصمود النساء.
في لقاء خاص أجريناه معها العام الماضي، روت سمر أن البعض حاول منع ماهر من التقاط الصورة، وسقط فيلم الكاميرا على الأرض، لكنها التقطته، وأعادته له من دون تردد، ولم تكن تعلم أن صورتها هناك.
بعد سنوات، وأثناء بيعها الخضار لتعيل عائلتها، كان ماهر يبحث عنها. لم تتعرّف عليه للوهلة الأولى، لكنها تذكّرت أنه المصوّر نفسه الذي ساعدته في لحظة فارقة.
ظنّ البعض أن هذه الصورة غيّرت حياتها، وأن الشهرة جلبت لها الغنى والممتلكات، لكن الواقع مختلف تمامًا: سمر لا تزال تكافح في الشارع، تعيش على كرم الناس.
فقدت ساقها الأولى في قصفٍ دمّر منزلها، أما الثانية، فبسبب مرض عضال أتى بعد سنوات من العمل المضني لإعالة أولادها الأربعة.
توفّي زوجها، واضطر أحد أبنائها إلى العمل، بينما أرهقها إيجار المنزل جرّاء تجاهل رسميّ وخيريّ لحالتها.
قالت لنا بهدوء في المقابلة: "أتمنّى الراحة فقط."
قابلتُ سمر صدفة قبل أيام، الابتسامة نفسها، والنظرة ذاتها التي واجهت بها الكاميرا قبل 39 عامًا.
لم يتغيّر شيء في روحها… سوى أنها أصبحت أكثر صمتًا، وأقوى، رغم كلّ شيء.
0 تعليق