نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هرطقة "الاستراتيجية الدفاعية" واستخدامها غطاء للسلاح: لا دور للأحزاب في وضعها - تكنو بلس, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 07:25 مساءً
يعود الحديث في الأوساط السياسية اللبنانية عما بات يعرف بـ"استراتيجية الدفاع"، خصوصاً في سياق التوصل إلى حل لموضوع سلاح "حزب الله" لتحقيق هدف حصرية السلاح بيد الدولة تنفيذاً لسياسة الحكومة الجديدة. وخلال العقدين الأخيرين، شهد موضوع "الاستراتيجية الدفاعية" نقاشات عدة في جلسات حوار وحتى مؤتمرات كان كاتب المقال نظم أحدها، إنما دون التوصل إلى أي نتيجة. وأظهرت تطورات السنوات الماضية أن هدف "حزب الله" وحلفائه من هذه الجلسات كان، ولا يزال، تكريس نظرية تعتبر أن الجيش اللبناني ضعيف والقوى الدولية ترفض تزويده أسلحة حديثة، وبالتالي سلاح المقاومة هو الوسيلة الوحيدة لامتلاك لبنان لأي قوة تمكنه من مواجهة إسرائيل.
وعلى رغم أن الحرب الأخيرة أثبتت أن تفرد "حزب الله" بقرار الحرب والسلم أدى لجر البلد الى حرب شرسة مع إسرائيل ألحقت بصفوف الحزب ولبنان خسائر فادحة، وإلى عودة الاحتلال الإسرائيلي لبعض مناطق جنوب لبنان، فإن ما تبقى من قادة الحزب ما زالوا مصرين على عدم تسليم السلاح واعتباره جزءاً مما يعرف بـ"استراتيجية دفاعية". فالحزب يريد أن يشرّع سلاحه بشكل يصبح جزءاً من المنظومة الدفاعية للدولة، إنما يحتفظ باستقلالية قيادته. ولا يريد "حزب الله" أن يعترف بأن سلاحه فشل بردع إسرائيل وصدّ قواتها وحماية لبنان. بل بعض قادته يتصرف كأن شيئاً لم يكن. وأعاد تشكيل هيكليته العسكرية، ويستمر في محاولات إعادة التسلح.
وأغرب ما في الأمر أن "حزب الله" لم يستطع إلى اليوم وقف الاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي لصفوفه، مما يمكن الدولة العبرية من كشف تحركاته بدقة والاستمرار في عمليات الاغتيال واستهداف مخازن الأسلحة. وهذا يضع لبنان وشعبه أمام خطر عودة الحرب المدمرة، وفي الوقت عينه يؤثر سلباً على جهود العهد والحكومة الجديدين لإقناع واشنطن وقوى إقليمية ودولية بأنهما جادان في موضوع الإصلاح ونزع السلاح تمهيداً لإعادة الإعمار. وربما فات البعض أن المجتمع الدولي يربط بين الإصلاحات وموضوع نزع السلاح، إذ إن استمرار وجود السلاح غير الشرعي يعني استمرار التهريب بأنواعه وتبييض الأموال وضعف دولة القانون.
علم يحمل صورة نصرالله خلال تشييع لمقاتلين من
أما في ما خص "الاستراتيجية الدفاعية"، فالمسمى الصحيح لها هو "السياسة الدفاعية"، ولا شأن لأي حزب أو تنظيم في الدولة بوضعها. وكان هدف طاولات الحوار التي عقدت تضييع الوقت بتكتيك من جانب الحزب وحلفائه لإبعاد البوصلة عن سلاحه، وتسويق نظرية ضعف الدولة وجيشها. وآلية وضع السياسة الدفاعية موجودة ومنفذة في معظم دول العالم، وتتمحور أهدافها كالآتي:
• تعريف مصادر التهديد الخارجي والداخلي للدولة.
• تحديد مصادر القوة للدولة بناء على الأدوات الأربع لها وهي: العسكرية، الاقتصادية، الديبلوماسية، الإعلام.
• الاتفاق على سبل التعامل مع التهديدات بناء على حجم أدوات القوة (المذكورة) للدولة وميزان القوة في مقابل الجهات المعادية.
• تكليف القوى العسكرية والأمنية والوزارات المعنية مهمات التعامل مع التهديدات بناء على "سياسة الدفاع" التي تم الاتفاق عليها.
الجهات المخولة المشاركة وضع السياسة الدفاعية هي قادة السلطة التنفيذية، وفي هذه الحالة هم رئيسا الجمهورية والحكومة، وقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنية والمخابرات، ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية. يمكن عند الضرورة دعوة وزراء مؤثرين في تنفيذ السياسة الدفاعية مثل الإعلام والنقل والاتصالات والصحة. والسياسة الدفاعية ليست ثابتة، إنما قابلة للتعديل والتغيير حسب التطورات الإقليمية والدولية والتكنولوجية، ولذلك تقوم الدول بمراجعتها بشكل دوري حسب ظروفها (سنوياً أو كل بضعة سنوات).
وإذا ما اتفق القادة على أن هناك تهديداً عسكرياً خارجياً يتطلب بناء جيش قوي، يُطلب من قيادة الجيش أن تقترح استراتيجية للتعامل مع هذا التهديد، تشكل أساساً لتحديد حاجاتها من الأسلحة والجنود. فإذا كانت خزينة الدولة قادرة على تلبية كل المتطلبات للقوات المسلحة، فيكون الخيار العسكري ضمن الأدوات الأساسية للتعامل مع الخطر الخارجي. إنما، إن كانت موارد الدولة محدودة، فإن أدوات القوة الأخرى، وتحديداً الديبلوماسية، تكون أساس استراتيجية مواجهة هذا التهديد.
أما في ما خص نظرية ضرورة وجود "سلاح مقاومة" يعمل تحت قيادة مستقلة لدعم الجيش، فهي اختراع لبناني محلي محض. ومحاولات البعض مقارنتها بتركيبة القوات المسلحة السويسرية باطلة، فالجيش السويسري مكون بغالبيته العظمى من قوى الاحتياط التي هي من عامة الشعب، إنما تخضع لقيادة واحدة تابعة للحكومة التي تملك وحدها قرار الحرب والسلم. أما نظرية حتمية وجود مقاومة بسبب وجود احتلال أجنبي فهي تنطبق على دول محتلة بشكل كامل أو شبه كامل، وهو ما لا ينطبق على لبنان اليوم. وعندما يستخدم "سلاح المقاومة" في أراضي دول أخرى لخدمة أهداف خارجية، يفقد حامل السلاح صفة المقاومة. وعليه، لا شأن لـ"حزب الله" أو قادة أحزاب أخرى بوضع سياسة الدفاع اللبنانية.
0 تعليق