55 عاماً على افتراق "البيتلز": يوم حلّ "الخنافس" في بيروت... لتعبئة وقود! - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
55 عاماً على افتراق "البيتلز": يوم حلّ "الخنافس" في بيروت... لتعبئة وقود! - تكنو بلس, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 07:50 صباحاً

يصعب التصديق أنّ 65 عاماً قد مرّت منذ أن غيّر أربعة شباب من ليفربول العالم بموسيقاهم، و55 عاماً على افتراقهم! لا تزال فرقة "البيتلز"، الفرقة الأيقونية التي تشكّلت في عام 1960، وحلّت نفسها بعد عشرة أعوام، تتردّد أصداؤها عبر الأجيال وتتجدّد باستمرارية إرثها.

يوم اجتمع جون لينون، بول مكارتني، جورج هاريسون ورينغو ستار، المراهقون الحالمون بعزف موسيقى الروك أند رول، هل كان أحدهم يتوقّع أنّ رحلتهم من نوادي هامبورغ الضبابية إلى النجومية العالمية ستعيد صياغة قواعد الموسيقى الشعبية؟ هل أدركوا أنّ عاصفة "البيتلز" ستحوّل إعصاراً يهزّ أجيالاً طوال عقد وما تلاه، فتصل أصداؤه في السنوات الأربع الأولى إلى بيروت الفرنكوفونية، الكوزموبوليتانية بطبعها؟

"الخنافس" في بيروت
تحتفظ الذاكرة الشعبية البيروتية بذكرى عصر الأحد 7 حزيران/يونيو 1964، يوم مرّت عاصفة "البيتلز" ببيروت. كان يوماً طبيعياً هادئاً، إلى أن وصل النبأ: الخنافس البريطانيون الأربعة سيحطّون في المطار. لم يُعرف كيف بلغ الخبر المراهقين المفتونين، الهائمين بما يُشبه النشوة أو الانخطاف وراء موسيقى غربية آتية من خلف البحار. كانت الـ"ديسكوتيك" اللبنانية قد بدأت بالفعل باستيراد أسطوانات الـ45 لفّة لـ"البيتلز". ولاحقاً، في النصف الثاني من الستينيات ومطلع السبعينيات راحت شركات تسجيل مثل "بارلوفون" و"إي إم آي ريكوردز" و"آبل ريكوردز" تُصدر أسطوانات وكاسيتات في بيروت، وتحمل دمغة "Made in Lebanon"، منها ما لا يزال يتداول في الأسواق الشعبية ومجتمعات "الميلومان"، منها أسطوانة "The Long And Winding Road / For You Blue" ذات الطبعة المميّزة التي تحمل التفاحة الخضراء التي ارتبطت في الذاكرة بأسطوانات "البيتلز".

"فتيان بأزياء وأشكال مختلفة، سراويل ضيقة مزمومة، قمصان حمراء وصفراء، وجوه حائرة وكثيرها شاحب، رؤوس يعلوها شعر طويل منفوش، منها على طريقة جاك شارييه، ومنها -وهي بدعة طازجة- على طريقة البيتلز. أما الفتيات، فعلى نمط واحد: تنانير سوداء قصيرة مفتوحة من جانب، بلوزات بيضاء ذات أكمام نصفية، حقائب من جلد معلّقة على الكتف، وشعر مهدل على الكتفين". كانت تلك خلاصة مشاهدات مراسل "النهار" في مطار بيروت آنذاك.

 

الرواية كما أورتدها 'النهار' صباح 9/6/1964

 

لم تكن تلك المرة الأولى التي يغصّ فيها المطار بحشد من المراهقات والمراهقين. سبقتها حمّة "ملك التويست" جوني هاليداي قبل عام، يوم ألغيت حفلته في الكازينو بقرار من وزير الداخلية آنذاك كمال جنبلاط "لأنّ رقصة التويست تُفسد الأخلاق"، ورُحّل "الملك" على إثره.

عقارب الساعة تُشير إلى السادسة عصراً. قاعات المطار تضجّ بحركة الوافدين والمغادرين، وبينهم "خنافس" لبنان، الذين أسدلوا شعورهم على موضة "خنافس" بريطانيا (معنى "البيتلز" حرفياً "الخنافس"). الشرفات تغصّ وتفيض وتكاد تختفي، وحركة الطيران لا تهدأ. بيروت قلب العام. "طائرة تحطّ وأخرى تقوم، وتمرّ الدقائق مشحونة بالصراخ والضجيج"، كتبت "النهار".

السادسة والربع، يأتي النبأ السعيد. صوت هادئ أوتوماتيكي ينساب من مكبّر الصوت: "تعلن الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار عن وصول طائرة قادمة من لندن وزيورخ". وتسري همهة في صفوف المراهقين، والحشود تتدافع وتنطلق يميناً ويساراً وكيفما اتّفق. "وتقترب الطائرة من مبنى المطار، وتتعالى الهتافات في مستوى هستيري... ثم تقف الطائرة وتهدأ محرّكاتها".

ويقترب السلّم المتحرّك من الباب وينزل الوافدون إلى بيروت، أما الذين سيتابعون سفرهم فيتّجهون إلى صالون "الترانزيت"، لتُكمل الرحلة طريق كراتشي، كلكتا، بانكوك، قبل الوصول إلى هونغ كونغ، ليُتابع "البيتلز" أول جولة عالمية في تاريخهم.

 

التدافع على سلم الطائرة لملاقاة 'البيتلز'. (أرشيفية)

التدافع على سلم الطائرة لملاقاة 'البيتلز'. (أرشيفية)

 

وفجأة يتردّد أنّ "البيتلز" لن ينزلوا، وأنّهم باقون حيث هم. ويعلو الصراخ مرّة أخرى. والمشاهد التي وثّقتها "بريتيش باثي" (British Pathé) واحتفظت بها في أرشيفها احتفاظ المؤمن بذخائره المقدّسة، أظهرت "مراهقاً يرتدي باروكة على طراز البيتلز ينضمّ إلى فتيات بريطانيات وأميركيات أخريات عند أسفل طائرة بوينغ 707"، ومشاهد أخرى من تسجيل "باثي" وثّقت "تصرّف الفتيات بغرابة على الرغم من أنّ البيتلز لم يظهروا بعد".

والصراخ يرتفع، ولا تلبث أعداد المنتظرين أن تحتلّ المدرح وتندفع نحو الطائرة الرابضة بهدوء، فيتلقّفها رجال الدرك والجمارك، وبعضهم تمكّن من اجتياح هيكل الطائرة ودخول هيكلها. وإزاء إصرار المراهقين على رؤية "البيتلز" أوفدت مديرية المطار من يطلب من المغنّين الأربعة أن يطلّوا. وكان للشباب ما أرادوا.

"لقد لمسني!"
وأطلّ "الخنافس" الأربعة، واندفع المراهقون نحو سلّم الطائرة، فاضطرّ رجال الإطفاء إلى استعمال خراطيم الماء لصدّ المندفعين. ومشاهد "باثي" أظهرت كيف تسلّق مراهق الشاحنة المتوقّفة لتموين الطائرة بالوقود، و"فتاة في حالة نشوة تصرخ: لقد لمسني! لقد لمس يدي مرتين!".

المعجبون اصطفّوا على شرفات مبنى المطار وعلى المدرج. منهم من قال إنّهم كانوا زهاء ألفي فتاة وفتى، وأكثرهم من الجاليتين الإنكليزية والأميركية. لم يكن رينغو ستار مع الفرقة، وقيل إنّه كان مريضاً، واستُبدل بموسيقي آخر يشبهه لتولّي العزف على الطبول، هو جيمى نيكول، وتوثّق "باثي" كيف "أصيبت الفتيات بحالة هيستيرية وصلت إلى حدّ الجنون، وإحداهنّ، لمجرّد أنّ أحد أعضاء الفرقة لمس يدها، أصيبت بنوبة من الضحك والبكاء والإغماء في آن واحد". حاولت بعضهن اقتحام السلّم للوصول إلى الطائرة متجاوزات شرطة المطار، وتمكّنت اثنتان من دخول الطائرة بعد أن تسلّقتا شاحنة التموين غير المراقَبة بجوار المطبخ الخلفي.

 

بول مكارتني يصافح المراهقات على سلم الطائرة. (بريتيش باثي)

بول مكارتني يصافح المراهقات على سلم الطائرة. (بريتيش باثي)

 

وأزف موعد إقلاع الطائرة لتتابع رحلتها إلى الشرق الأقصى، فكان البكاء والنحيب، وأوردت "النهار" أنّ بعض الفتيان راحوا يردّدون أغنيات "البيتلز"، "وكان معهم عازف غيتار جعل شكله نسخة طبق الأصل من شكل هؤلاء". وانتهى الفصل الأول من المهرجان، وأمّا الفصل الثاني فوثّقته "النهار" هكذا: "التفّ الحشد حول ثلاث فتيات قيل إنّهن تمكّنّ من التبرّك بلمس البيتلز. وهمهمات خافته، وتأوهات عميقة، وتحسّرات ودموع... ثمّ عودة في سيارات سبور مثقلة بالإرهاق".

وحمّة "البيتلز" لم تخبُ بمرور الزمن. وخمسة عقود ونصف العقد مرّت مذ حُلَّت الفرقة رسمياً في 10 نيسان/أبريل 1970. و2025 سنة "البيتلز"، والسينما تكرّمها بملحمة غير مسبوقة، والمخرج "الأوسكاري" سام مينديز يخطّط لإطلاق أربعة أفلام تتناول الأسطورة دفعة واحدة في 2028. و"الأربعة الرائعون" مصدر إلهام مستمرّ.

[email protected]

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق