ابتهال ابو السعد صوت في وجه آلة الصمت العالمي ‎‎‎#عاجل - تكنو بلس

منوعات 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ابتهال ابو السعد صوت في وجه آلة الصمت العالمي ‎‎‎#عاجل - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025 06:23 صباحاً

في مشهد نادر ومهيب، قفزت المهندسة المغربية الشابة ابتهال أبو السعد، خريجة هارفارد ، إلى واجهة الوعي العالمي حين قاطعت بكلمات حارقة فعالية رسمية لشركة مايكروسوفت، لتفضح أمام العالم تورط الشركة في دعم الجيش الإسرائيلي بتقنيات الذكاء الاصطناعي. وقفت على منصةٍ لطالما مثّلت سلطة التكنولوجيا والهيمنة الرقمية، لكنها لم ترَ فيها أكثر من منبرٍ لكشف التواطؤ ورفع الصوت في وجه الصمت. هذا الموقف لا يمكن قراءته على أنه فعل احتجاجي عابر. إنه لحظة مفصلية تختصر تحولات عميقة في العلاقة بين التكنولوجيا، والأخلاق، والسياسة، كما تقدم نموذجاً نادراً للبطولة الفردية وسط عالم يزداد صمتاً وخنوعاً. وفي ما يلي عرضا لأهم الدروس والرسائل التي يمكن الخروج بها من هذا الموقف الشجاع غير المسبوق:

أولاً: كسر الصمت والإحتجاج من داخل المنظومة

ما يجعل موقف ابتهال بالغ التأثير هو أنها لم تكن ناشطة خارجية أو متظاهرة على أبواب الشركة، بل كانت جزءاً من نسيجها الداخلي وعقل لامع داخل مايكروسوفت ، من نخبة المهندسين الذين ساهموا في صناعة مستقبل الذكاء الاصطناعي.

لقد اختارت ابتهال أن تتحدث من قلب الحدث ولم تحتج من خارج مايكروسوفت، بل من داخلها، ومن على مسرح رسمي، وفي لحظة احتفال رمزية جداً (اليوبيل الذهبي) حرصت مايكروسوفت على تلميع صورتها فيها، لتجعل من كلماتها طعنة في قلب الزيف التكنولوجي. فالتغيير أو المواجهة لا تأتي فقط من الخارج، بل يمكن أن تحدث من داخل المنظومة نفسها، على يد من يعرف خفاياها جيداً. فالتواطؤ الأخلاقي داخل المؤسسات لا يُهزم إلا من الداخل.

ثانياً: سقوط قناع الحياد التكنولوجي

لسنوات، تسوّق الشركات الكبرى – وعلى رأسها مايكروسوفت – صورتها كقوى محايدة، تعمل لخدمة البشرية، وتطوّر أدوات تسهم في "مستقبل أفضل”. لكن موقف ابتهال كشف تناقض هذه الرواية، مسلطاً الضوء على البُعد العسكري والاستعماري للتقنيات التي تُباع على أنها بريئة. حين تُستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي في تعقّب المدنيين، أو تحسين قدرة جيش محتل على تنفيذ عمليات قصف أكثر دقة، فإن الحديث عن "التحول الرقمي” يفقد معناه، وتتحول الخوارزميات إلى رصاصات. موقف ابتهال فضح التناقض بين ما يُقال في العلن وما يُنفذ في الخفاء، خصوصاً دعم التكنولوجيا لآلة الحرب الإسرائيلية.

ابتهال، بصرختها، لفتت انتباه العالم أن التكنولوجيا ليست محايدة بطبيعتها، بل يجب أن تخضع لاختبارات سياسية وأخلاقية، وأن "الحياد” أحياناً يُستخدم كستار للتواطؤ. أسقطت قناع "الحياد”، وأعادت طرح السؤال المؤلم: لمن تُستخدم التكنولوجيا فعلاً؟ ومن يدفع ثمن تقدمها؟

ثالثاً: المرأة العربية في قلب الفعل المقاوم

في لحظة نادرة، لم تكن ابتهال أبو السعد مجرّد مهندسة موهوبة أو رمز نسوي للنجاح، بل كانت في صلب مشهد مقاوم بكل ما تحمله الكلمة من معنى. لقد رفضت أن تكون ديكوراً يُلمّع وجه شركات تمارس التواطؤ، ورفضت الصمت الذي كثيراً ما يُفرض على النساء، خصوصاً في بيئات العمل التكنولوجية الغربية التي تحاصر المواقف الأخلاقية بقوالب "الاحترافية” و”الانضباط المؤسسي” و"الحيادية".

بذلك، رسمت ابتهال صورة جديدة للمرأة العربية: الواعية، الصلبة، والشجاعة، التي تقف في وجه السلطة – لا بالسلاح، بل بالكلمة، بالموقف، وبالاستعداد للتضحية. ابتهال جاءت لتكسر الصورة النمطية المغلوطة عن المرأة العربية، وتقف بشجاعة في قلب الحدث، وتُثبت أن المرأة العربية ليست فقط في موقع "الضحية” أو "المتفرجة”، بل يمكن أن تكون في مقدمة الصفوف في المعارك العلمية والسياسية والأخلاقية والرمزية.

رابعاً: الذكاء الأخلاقي قبل الاصطناعي

في عالم يلمع بالبريق الرقمي حيث تُباع التكنولوجيا على أنها خيـرٌ مطلق، ويُروَّج للذكاء الاصطناعي كمنقذٍ للبشرية ،هناك من تجرأت لتصرخ: "توقفوا! هناك دم يفوح من هذه التكنولوجيا. ربما الرسالة الأعمق التي حملها موقف ابتهال،هي ضرورة التذكير بـ”الذكاء الأخلاقي” في عصر انبهارنا بـ”الذكاء الاصطناعي”. فالتطور التقني بلا بوصلة قيمية، قد يقود إلى الكارثة. وما يحدث في غزة، حيث تُستخدم تقنيات متقدمة في قصف المدنيين، هو أقسى تجسيد لهذه الكارثة.

لقد أحرجت ابتهال المؤسسات التي لا تزال تتشدق بالقيم بينما تغذي حرب إبادة. وأجبرت الكثيرين على إعادة النظر في سؤال: ما جدوى كل هذا التقدم إذا كان يُستخدم في قتل الأبرياء؟

خامسا: الكلفة الشخصية مقابل الموقف

هذا النوع من الاحتجاج ليس سهلاً، بل يتطلب شجاعة هائلة وتحملاً لتبعات قاسية تبدأ من فقدان الوظيفة، وقد لا تنتهي بالتضييق المهني والتهديدات. فالتقارير تشير إلى أن ابتهال قد تفقد وظيفتها، وقد تواجه تضييقاً مهنياً واسعاً. لكنها اختارت أن تدفع هذا الثمن. فالمواقف المبدئية تتطلب تضحيات، وأن الحرية الحقيقية تُكلف، لكنها تَمنح كرامة لا تُشترى ولا تقدر بمال قارون.

سادسا وأخيراً: من يملك الصوت، يملك التغيير

في عالم صاخب بالضجيج الإعلامي، قلّما يصعد صوت نقي يخترق كل هذا الركام. صوت ابتهال فعل ذلك، لأنه خرج من القلب، وارتكز على الحقيقة، وتجاوز حدود الخوف. كانت ابتهال ضميرًا حيًّا وسط صمتٍ مريب.

ورغم أن الثمن قد يكون باهظاً، فإن القيمة الرمزية لما فعلته ستظل مضيئة. لقد أظهرت أن الفرد، حين يمتلك شجاعة الموقف، يمكن أن يهزّ أعمدة كبرى، وأن يكتب بداية تغيير، ولو صغير، في وجه آلة كبرى من التواطؤ والصمت.

خاتمة:

ابتهال أبو السعد لم تُلقِ خطاباً مطولاً ولم تُصدر بيانا، لكنها قالت ما لم يقله كثيرون. موقفها ليس فقط صرخة ضد الاحتلال، بل أيضاً ضد كل من يتواطأ معه عن بُعد، من خلف شاشات البرمجة والمكاتب اللامعة. هي اليوم صوت لكل من سُلب منه صوته، وضوء في عتمة أخلاقية بدأت تحاصر كل ما هو إنساني في عالم التكنولوجيا.

  


قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : ابتهال ابو السعد صوت في وجه آلة الصمت العالمي ‎‎‎#عاجل - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025 06:23 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق