نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإمارات إلى جانب الإنسان في السودان - تكنو بلس, اليوم الاثنين 7 أبريل 2025 08:41 مساءً
لم تكن العلاقة بين الإمارات والسودان وليدة لحظة عابرة، بل امتدت منذ تأسيس الاتحاد عام 1971؛ حينها نسج البلدان علاقات أخوية عميقة، واستثمرت الإمارات في مجالات عديدة مثل الزراعة والمياه، وأسهمت في خلق فرص العمل للشعب السوداني الذي يعتبر من أكثر الجاليات احتراماً ونشاطاً في داخل المجتمع الإماراتي.
وما يمرّ به السودان من مأساة إنسانية بعد اندلاع الحرب في نيسان/ أبريل 2023 يمثّل جرحاً مفتوحاً، ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخيّة وإنسانيّة. الإمارات بدورها الفاعل، وفي سياستها القائمة على المبادئ، لم تكتفِ ببيانات التنديد، بل انخرطت في جهود ديبلوماسية وإنسانية متواصلة لتخفيف معاناة الشعب السوداني، ومارست دور الوسيط النزيه لدفع الطرفين نحو وقف إطلاق النار والحوار.
لقد أظهرت الإمارات خلال السنوات الماضية التزاماً عملياً بالسلام يتجاوز الشعارات، وبلغت مساهماتها الإنسانية إلى السودان أكثر من 3.5 مليارات دولار خلال العقد الماضي، منها 600 مليون دولار منذ بداية النزاع الأخير فقط. هذه الجهود لم تكن منفردة، بل جاءت في سياق تعاونها مع الأمم المتحدة ودول الجوار، وآخرها استضافتها المؤتمر الإنساني في أديس أبابا، على هامش قمة الاتحاد الأفريقي، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة، بهدف الدعوة إلى هدنة رمضانية وتهيئة مناخ سياسي جديد يعيد السودان إلى مسار الاستقرار.
ولكن ما يؤسف له أن هذه الجهود تقابل بمحاولات تشويه مغرضة، مثلما حدث في اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أو مجلس الأمن من أحد طرفي النزاع (الجيش السوداني) في سعي يائس لنقل ساحة المعركة من الميدان إلى الإعلام والديبلوماسية الدولية، والهرب من طاولة المفاوضات وطريق العبور إلى السلام عبر لوم الآخرين. في حقيقة الأمر، فإن كلا الطرفين – الجيش وقوات الدعم السريع – مسؤولان عن الانزلاق الدامي الذي يشهده السودان، ولا يمكن تبرئة أحدهما ممّا لحق بالمدنيين من مآسٍ، أو من تعقيد مسار الانتقال المدنيّ الديموقراطي.
لطالما نادت الإمارات بعدم التدخل في شؤون الدول، واتّخذت من الحياد الإيجابي نهجاً ثابتاً، وترفض منطق استغلال المنابر الدولية لتصفية الحسابات، كما أنها -بعكس ما يُروّج له في بعض الحملات التضليلية- لا تدعم أيّ طرف عسكري في النزاع، بل تنحاز فقط إلى مصلحة الشعب السوداني الذي يدفع الثمن الأكبر؛ والدليل على ذلك دعمها المستمر للاجئين السودانيين في دول الجوار، من خلال المستشفيات والمخيمات، التي أنشأتها بالتنسيق مع جنوب السودان وتشاد.
ولعل أبرز ما يميز المقاربة الإماراتية في أفريقيا هو الجمع بين العمل الإنساني والتنموي. فالاستثمار في البنية التحتية ليس خياراً اقتصادياً بحتاً، بل رؤية بعيدة المدى لتعزيز التواصل والازدهار في أفريقيا، وتكريس نموذج من الشراكة التي تنهض بالدول وليس استغلالها. وهذا ما أثبتته التجربة الإماراتية في نماذج عدة ناجحة في القارة السمراء.
وعلى ضوء المشهد السوداني المعقّد، فإن الحلّ السياسي يبقى الطريق الوحيد. وإذا كان الجيش السوداني جاداً فعلاً في سعيه للسلام، فإن مسار جدّة وغيره من المبادرات الدولية متاحة أمامه وأمام الدعم السريع لإنهاء الحرب فوراً. الوقت ليس في مصلحة أحد، والخسائر تتفاقم، والمجتمع الدولي مطالب بتحرك أكثر فاعلية لإنقاذ السودان من مستقبله المجهول.
رسالة الإمارات واضحة لا لبس فيها: دعم الشعب السوداني، لا الأطراف المتحاربة. والمضي في هذا النهج سيظل ثابتاً بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، الذي جعل من الإمارات نموذجاً فريداً للديبلوماسية الهادئة، والتنمية المستدامة، والمواقف الأخلاقية في زمن التحولات السريعة.
السودان اليوم لا يحتاج إلى بيانات شجب جديدة، بل إلى التزام حقيقي بمصالح شعبه. والإمارات، بحكم تاريخها ومكانتها، ستكون دوماً في طليعة من يمدّون يد العون للإنسان بعيداً عن الأضواء، وفوق أيّ حسابات سياسية ضيقة.
0 تعليق