نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل ينتهي الحلم الأميركي على يد الحليف "اللدود"؟ - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 8 أبريل 2025 12:24 صباحاً
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض تعريفات جمركية جديدة وواسعة النطاق في خطوة وصفها بـ"إعلان التحرير الاقتصادي للولايات المتحدة"، حيث شملت الإجراءات فرض ضريبة بنسبة 25% على السيارات المستوردة، و20% على جميع الواردات الأخرى، مع نسب أعلى استهدفت شركاء تجاريين.
تأمل إدارة ترامب تقليص العجز التجاري وتحفيز الصناعة المحلية، رغم أن التحذيرات الاقتصادية جاءت سريعة، حيث اعتبرت غرفة التجارة الأميركية أن هذه الخطوة تمثل ضريبة واسعة على المستهلكين، وتهدد بحدوث ارتفاع حاد في الأسعار وتباطؤ اقتصادي بحسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت"، إلا أنّ ما وقّع قد وقّع.
بحسب الرؤية الترامبية، إن ما وقّع عليه سيخرج واشنطن منتصرة من هذه الحرب الاقتصادية، وإن هذا سيجلب "عصراً ذهبياً" لأميركا، وفق ما نشره ترامب عبر منصته "تروث سوشال" للتواصل الاجتماعي.
كاد الأمر التنفيذي يكون منطقياً، لو فرضت هذه التعريفات على الأعداء المفترضين للولايات المتحدة لا على حلفائها الأوروبيين، ولكن أن تستثني الرسوم روسيا منها، بينما طالت بالنسب المئوية الأعلى أوروبا، فهذا يطرح تمييز الحليف من العدو في سياسة ترامب؟
جلب قرار ترامب الذي دخل حيّز التنفيذ، سلسلة ردود فعل أوروبية ناقدة، حيث قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن هيبسترايت إن "تكاليف الحرب التجارية لا يتحملها طرف واحد، بل قد تصبح تكلفتها باهظة على كلا الجانبين"، مضيفاً أن برلين "مستعدة وراغبة في التفاوض على المستوى الأوروبي مع الولايات المتحدة" لتجنب ذلك. ومن جانبه أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن لندن تستعد لاعتماد "مقاربة هادئة وبراغماتية لكل الاحتمالات وأن لا تستثني أياً منها".
وزع البيت الأبيض قائمة الدول التي فرضت رسوماً جمركية عليها إدارة الرئيس الأميركي. وبحسب القائمة، فروسيا ليست مدرجة على قائمة 185 دولة تفرض الإدارة الأميركية على منتجاتها المستوردة رسوماً جمركية. بررّت إدارة ترامب هذا الأمر بأن العقوبات المفروضة على روسيا حالت دون الاستيراد من المنتجات الروسية. هذا جيدّ، ولكن الأوروبي يلاحظ أن العلاقة بين موسكو وواشنطن تدخل مسار "الحلحلة"، لا سيما في ما يختص بأزمة أوكرانيا.
لن تبقى "القطيعة" الروسية الأميركية إلى الأبد، بل ستتحسن تدريجاً، وستعاد حركة التبادل التجاري بين البلدين على ما كانت عليه، فهل سيطالها حينها الأمر التنفيذي؟ أم ستبقى معفاة، مع "التلاقي" الروسي – الأميركي، الذي تجسّد في ما أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن زيارة كيريل دميترييف، مبعوثه لشؤون الاستثمار للولايات المتحدة لإجراء محادثات بناءة.
بدأ الأوروبي يدرك أن الموضوع يتخطى في أهدافه ما أطلق عليه ترامب "يوم تحرير أميركا" مما اعتبره استغلالاً تجارياً من قبل الشركاء الأوروبيين، ليرسم تخوفاً من إعادة إشعال حرب تجارية مفتوحة بين واشنطن وشركائها الأوروبيين كما حدث عام 1930 مع الرئيس الأميركي الأسبق هيربرت هوفر، الذي وقع على مشروع قدّمه كل من السناتور الجمهورية ريد سموت، والنائب الجمهوري ويليس هولي، بما يرتبط بفرض رسوم على المنتجات الزراعية الأوروبية، الأمر الذي أشعل حرباً تجارية.
هي ليست "رمانة" جمركية أطلقها ترامب، بل قلوب "مليانة" عندما اتهم في 25 آذار/ مارس الماضي، الدول الأوروبية بـ"الاستغلال"، موافقاً على تعليقات منسوبة إلى وزير الدفاع بيت هيغسيث في محادثة مسربة حول الغارات الجوية في اليمن. هي جزء من تاريخ من العلاقة غير المستقرة بين الكتلتين، وما أكدته مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، قبيل قمة لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في وارسو، من أن "الدول الأوروبية توفر بالفعل، أكثر من نصف حاجات كييف في الذخيرة"، ليس إلا رداً على تصريحات البيت الأبيض عن تقاعس أوروبا عن القيام بواجباتها تجاه الحرب في شرق أوروبا.
فهذه الحرب، كشفت للأوروبي الخبث الأميركي من خلال طريقة الحلّ التي يقدم عليها ترامب للتوصل إلى السلام في أوكرانيا. إنّ تغييب الأوروبي في وقف حرب تجري على أرضه وتهدد أمن دوله القومي يهدف إلى تحجيم هذا الدور وإبعاد الكتلة الأوروبية عن المشهدية العالمية. رغم أهمية هذه الحرب بالنسبة إلى أوروبا، تعاطى ترامب فيها بتجهيل الحضور الأوروبي، حضورياً وحتى مكانياً من خلال عقد اللقاءات في المملكة العربية السعودية.
لم تعد خفية تلك النيّات العدائية التي يكنّها ترامب لشريكه الأوروبي، الذي يعتبر أن تأسيس أوروبا اتحاداً كان من أجل المنافسة والتأثير على النفوذ الأميركي عالمياً. لهذا حوّل ترامب القضايا المستحيلة مع الغرب الأوروبي إلى نقاط جدلية قابلة للنقاش. كما هي الحال في قضية ضمّ جزيرة غرينلاند التي جدد المطالبة بها، السبت 29 آذار/ مارس الماضي في مقابلة مع شبكة "إن بي سي" وقال إنه واثق بنجاح خطته للسيطرة والاستحواذ عليها.
هذا التوتر الأميركي الأوروبي للسيطرة على الجزيرة، دفع بالدنمارك إلى عقد اتفاق لشراء مئات الصواريخ الفرنسية من طراز "ميسترال-3"، كما حفّز ذلك فنلندا على الانسحاب من المعاهدة الدولية التي تحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد بحجة تغيّر البيئة الأمنية جذرياً في أوروبا.
يتوقع ترامب من خلال رفع الرسوم الجمركية، أن تستحوذ بلاده على أكثر من 700 مليار دولار على شكل إيرادات. ولكن ما لم يكن في الحسبان أنها سترفع من منسوب التوتر تحديداً مع الصديق، الذي سيعمل للحفاظ على وجوده في قلب المعادلة، وسيواجه السياسات الترامبية بالمزيد من التشدد تجاه واشنطن، وهذا ما سيترجم في تعزيز الشراكة الدفاعية الأوروبية على حساب تحديد مصير حلف شمال الأطلسي (الناتو).
"كرة ثلج" النزاع بدأت تتدحرج داخل الحلف الغربي، والأمور قد تذهب نحو المزيد من التأزم، مع ارتفاع فرص "الطلاق" بينهما على أساس أن العالم قد يذهب إلى تعددية قطبية، ما يتطلب من الاتحاد مزيداً من التماسك بين دوله، وكثيراً من الابتعاد عن التلاقي مع الأميركي، فهل سينقلب السحر على الساحر، ويعيد رفع الرسوم الجمركية التاريخ إلى عام 1929 ويدخل الاقتصاد العالمي في أزمة جديدة قد لا تستطيع إدارة ترامب الخروج منها، وتتحقق نبوءة مسلسل "ذا سمبسومنز" الكرتوني حول انهيار أميركا في ولاية ترامب؟
0 تعليق