شهدت المملكة العربية السعودية ارتفاعًا ملحوظًا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الرابع من العام الماضي 2024، حيث سجلت استثمارات بقيمة 21.9 مليار ريال سعودي (ما يعادل 5.84 مليار دولار أمريكي)، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي السعودي “ساما”.

ويأتي هذا الإنجاز في إطار جهود السعودية المستمرة لتعزيز مكانتها كوجهة استثمارية عالمية، مدعومة بإصلاحات اقتصادية وتشريعية تهدف إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط.

اقرأ أيضًا: طريقة تقديم بلاغ تغيب عن العمل للعاملين خارج السعودية 1446 عبر أبشر

نمو متتالٍ وأرقام قوية للاستثمار الأجنبي المباشر

وأظهرت بيانات “ساما” أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر سجل نموًا بنسبة 37.2% مقارنة بالربع الثالث من العام نفسه، ليواصل ارتفاعه للربع الثالث على التوالي.

ويعكس هذا الارتفاع المتواصل ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد السعودي، الذي يشهد تحولات هيكلية كبيرة ضمن رؤية 2030.

وعلى الرغم من هذا التقدم الفصلي، فقد انخفض صافي الاستثمار الأجنبي المباشر على أساس سنوي بنسبة 29%، وهو ما يعزى إلى اعتماد منهجية جديدة لتسجيل البيانات تعتمد على تحليل القوائم المالية لضمان دقة أعلى في الإحصاءات.

وعلى مستوى العام بأكمله، بلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في 2024 حوالي 59 مليار ريال، مقارنة بـ106.3 مليار ريال في عام 2023.

ورغم هذا الانخفاض السنوي، ارتفع رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الإجمالي بنهاية العام الماضي إلى 956.4 مليار ريال، بزيادة قدرها 6.6% عن العام السابق، مما يشير إلى استقرار الاستثمارات طويلة الأجل في المملكة.

نظام استثماري جديد في السعودية لتعزيز الجاذبية

وفي خطوة استراتيجية لدعم هذا النمو، أقرت السعودية نظامًا محدثًا للاستثمار يهدف إلى استبدال النظام السابق للاستثمار الأجنبي، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ مطلع عام 2025.

ويتركز هذا النظام على تعزيز الشفافية، تبسيط الإجراءات، وتخفيف القيود التنظيمية التي كانت تعيق تدفق الاستثمارات.

كما يسعى إلى حل النزاعات بفعالية وتوفير بيئة تنافسية عادلة تضمن تكافؤ الفرص بين المستثمرين المحليين والأجانب.

وتهدف هذه الإصلاحات إلى رفع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، وهي خطوة تتماشى مع رؤية المملكة لتحقيق اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة.

ويرى المحللون أن هذا النظام الجديد سيسهم في تسريع وتيرة الاستثمارات الأجنبية خلال السنوات المقبلة، خاصة مع تزايد الفرص الاستثمارية المتاحة في مشاريع الخصخصة والمبادرات الضخمة مثل “نيوم” و”القدية”.

ارتفاع في التراخيص وتوسع الشركات الأجنبية في السعودية

وتزامن هذا الارتفاع في الاستثمارات مع زيادة كبيرة في عدد الشركات الأجنبية التي اختارت السعودية كمقر لعملياتها.

وقد أصدرت السعودية خلال 2024 نحو 14.3 ألف رخصة استثمارية أجنبية، بنمو سنوي مذهل بلغ 67.5% مقارنة بعام 2023.

ويعكس هذا الرقم الضخم جاذبية السوق السعودية التي تقدم فرصًا استثمارية متنوعة، بدءًا من البنية التحتية وصولاً إلى التقنية والطاقة المتجددة.

وأشار خبراء اقتصاديون إلى أن هذا التوسع في التراخيص يعكس نجاح السياسات الحكومية في تهيئة بيئة أعمال مواتية، حيث أصبحت المملكة مركزًا إقليميًا للشركات متعددة الجنسيات التي تسعى للاستفادة من موقعها الاستراتيجي ومواردها الوفيرة.

اقرأ أيضًا: السياح القادمون إلى السعودية يصنعون رقمًا قياسيًا بنمو 14%

تحديات وتطلعات

وعلى الرغم من هذه الإنجازات، تواجه السعودية تحديات تتعلق بالحفاظ على هذا الزخم في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية.

ومع ذلك، فإن التحديثات التشريعية والنمو المستمر في رصيد الاستثمارات يبعثان برسالة إيجابية حول قدرة المملكة على تحقيق أهدافها الطموحة.

ومع اقتراب موعد تطبيق النظام الاستثماري الجديد، تتطلع السعودية إلى تعزيز مكانتها كواحدة من أكبر الاقتصادات الجاذبة للاستثمار في المنطقة والعالم.

وتؤكد الأرقام والتطورات الأخيرة أن المملكة العربية السعودية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤيتها الاقتصادية، مستفيدة من إصلاحاتها الجريئة وجاذبيتها المتزايدة للمستثمرين الأجانب.

ومع استمرار هذه الجهود، يبدو أن العام 2025 سيشهد طفرة جديدة في الاستثمارات، مما يعزز مكانة المملكة كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط