نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صالح مسلم لـ"النهار": مستعدون لنقل تجربتنا للدروز والعلويين ومستقبل سوريا في اللامركزية - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 07:36 صباحاً
في لحظة سياسية دقيقة تعيشها سوريا، تتقدم محاولات بناء توافقات محلية بين مكونات المجتمع، وفي مقدمتها الأكراد. وفي هذا السياق، أكد صالح مسلم، عضو المجلس الرئاسي في حزب الاتحاد الديموقراطي، في لقاء مع "النهار"، أن مؤتمر "وحدة الصف الكردي" الذي انعقد مؤخراً نجح في توحيد قوى سياسية وتنظيمات ذات رؤى متباينة، مشدداً على أن مستقبل سوريا يكمن في تبني نموذج اللامركزية. كما كشف عن استعداد الإدارة الذاتية الكردية لنقل تجربتها إلى مكونات أخرى مثل الدروز والعلويين.
وحدة الصف الكردي
وقال القيادي الكردي البارز إنّ "الأطراف الكردية التي كانت منضوية تحت مظلة الائتلاف السوري المعارض، كانت قريبة من المعارضة السورية التي لم تكن تهتم كثيراً بالقضية الكردية، ولم تشرك الأكراد بشكل جاد في اتخاذ القرارات، خصوصاً مع صعود قوى متشددة مثل هيئة تحرير الشام. وهذا كان سبب انسحاب بعض القوى الكردية تدريجياً من تلك الأطر السياسية، ما سهل التقارب الداخلي الكردي".
وفي ظل التحولات الداخلية والإقليمية المتسارعة، انعقد السبت الماضي في مدينة القامشلي، شمال شرق سوريا، مؤتمر طال انتظاره، حمل عنوان "مؤتمر الوحدة الوطنية الكردية"، بمشاركة طيف واسع من القوى السياسية الكردية.
وقد وُصف المؤتمر بأنه "حدث مفصلي"، إذ جاء بعد سنوات من الانقسامات ومحاولات لمّ الشمل التي طالما اصطدمت بجدران الخلافات الداخلية والموازين الدولية المعقدة.
ووفقاً لمسلم، فإن فكرة عقد مؤتمر يوحد القوى الكردية في سوريا ليست جديدة، بل تعود إلى ما بعد أحداث القامشلي عام 2004. ومع انطلاقة الثورة السورية عام 2011، ازدادت الحاجة إلى خطاب كردي موحد، لكن الساحة شهدت تعمق الانقسامات؛ إذ انخرطت أطراف كردية ضمن المعارضة التقليدية (الائتلاف الوطني)، بينما اختارت قوى أخرى مساراً ثالثاً، متمثلاً بالابتعاد عن كل من النظام والمعارضة، والعمل على بناء تجربة سياسية وعسكرية ذاتية.
وأضاف مسلم: "هذا الانقسام استُغل من قبل قوى عدة، أبرزها نظام بشار الأسد وتركيا، لضرب الحالة الكردية عبر دعم أطراف بعينها أو استخدامهم كورقة دعائية ضد الآخرين. وقد زاد تدخل أنقرة، عبر اتهام الإدارة الذاتية بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، من عزلة الكرد سياسياً".
مظلوم عبدي (وسط) يحيي المشاركين في مؤتمر
مخرجات المؤتمر: خريطة طريق جديدة
وأقر المؤتمر وثيقة سياسية موحدة تؤسس لرؤية كردية جديدة أكثر واقعية وبراغماتية.
ولخص مسلم أبرز المطالب "بالتأكيد على أن الكرد جزء من سوريا، مع رفض مشاريع الانفصال أو التقسيم، والمطالبة بنظام لامركزي ديموقراطي أشبه بفيدرالية مرنة تتيح للإدارة الذاتية ممارسة صلاحيات واسعة، إلى جانب الاعتراف الدستوري بحقوق الشعب الكردي، بما يشمل الحقوق الثقافية، اللغوية، والسياسية".
وقال مسلم إن "مخرجات المؤتمر حصلت على إجماع جميع الأطراف المشاركة، التي أكدت اعتماد الحوار مع دمشق كخيار رئيسي، مع التمسك بالثوابت الوطنية الكردية"، معتبراً أن ذلك يمثل تقدماً مهماً في سياق الصراع السياسي الداخلي الكردي.
مخاوف من الوعود الدستورية الشكلية
وبشأن الموقف من مبادرات السلطة السورية الجديدة، خصوصاً المتعلقة بمضمون "الإعلان الدستوري" الصادر مؤخراً عن دمشق، أشار مسلم إلى أن "النصوص وحدها لا تكفي"، موضحاً أن "التاريخ السوري حافل بالدساتير التي نصت على مبادئ المساواة والمواطنة، لكنها بقيت حبراً على ورق".
وأكد أن أبرز المخاوف الكردية تتعلق بفجوة التطبيق العملي، فضلاً عن أن الحقوق الفردية التي تتحدث عنها دمشق لا تلبي طموحات المكونات العرقية والدينية.
وشدد مسلم على أن الكرد، ومعهم أقليات أخرى كالإيزيديين والسريان والأرمن، يطالبون بحقوق جماعية، وليس فقط فردية. ورأى أن هذه الحقوق لا تتحقق إلا في ظل نظام لامركزي يمنح لكل مكون حق إدارة شؤونه الذاتية.
في الجنوب، أعلنت السويداء تشكيل مكتب تنفيذي لإدارة شؤون المحافظة، في خطوة تلت إنشاء المجلس العسكري، ما فُسّر على أن الدروز يسيرون بخطى شبيهة بالإدارة الذاتية، وإن كانت بوتيرة أبطأ وبطريقة تدريجية.
وكشف مسلم أن "للإدارة الذاتية علاقات مع جميع الأطراف السورية، وعلاقتنا مع السويداء تعود إلى عام 2012، وكان هناك تبادل زيارات بيننا وبينهم، سواء للاستفادة من خبراتنا في مجال الإدارة الذاتية أو تبادل الرؤى. وهم الآن يحاولون بناء نظامهم الخاص، ونحن بالطبع نقدم المساعدة بقدر ما نستطيع بخبرتنا المتراكمة".
وأضاف: "إذا أراد العلويون تطبيق ذلك أيضاً، فلا مشكلة لدينا. نرحب بأي مكون يريد الاستفادة من تجربتنا، لأننا نرى أن حل سوريا يكمن في تطبيق نموذج الإدارة الذاتية الديموقراطية".
ورأى مسلم أن "المظالم التاريخية التي تعرضت لها هذه المكونات تجعلها بطبيعتها أقرب إلى تبني فكرة اللامركزية"، معتبراً أن "التقارب مع هذه المكونات ضروري لبناء تحالف وطني عريض، قادر على كسر احتكار السلطة المركزية ومنع إعادة إنتاج الاستبداد بأي شكل جديد".
الصمت التركي: قراءة في المتغيرات
ومن بين التطورات اللافتة التي أبرزها اللقاء مع مسلم، كان غياب الموقف التركي العدائي المعتاد تجاه انعقاد المؤتمر.
ففي السابق، كانت أنقرة تسارع إلى التنديد بأي حراك سياسي كردي شمال سوريا، معتبرة إياه تهديداً لأمنها القومي. أما هذه المرة، فقد ساد صمت نسبي، وهو ما فسره مسلم بأنه قد يعكس تحولاً في مقاربة تركيا للملف الكردي.
ووفق مسلم، فإن الوحدة الكردية قد تشكل فرصة لتحقيق استقرار نسبي يخدم جميع الأطراف، بما فيها أنقرة، التي أدركت أن استمرار الانقسام الكردي لن يحمي مصالحها، بل قد يؤدي إلى مزيد من الفوضى على حدودها.
0 تعليق