أهمية الحوار في تعزيز الاستقرار الدولي - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أهمية الحوار في تعزيز الاستقرار الدولي - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025 03:24 صباحاً

أهمية الحوار في تعزيز الاستقرار الدولي
Smaller Bigger

 في خضم الأزمات السياسية والاقتصادية وتداعياتها المختلفة على المجتمعات التي تعاني، سواء في عالم الشمال أو الجنوب أو غيرهما، ولو اختلفت درجة الحدة بين مجتمع وآخر لاختلاف الظروف الموضوعية بينها التي تغذي هذه الأزمات وتتغذى عليها، يصبح الحوار، أو معرفة الآخر على نحو أفضل، أمرا أكثر من ضروري. ويتفق الكثيرون على أن العولمة الجارفة هي أحد أهم أسباب تلك الأزمات، ولو استمر الاختلاف حول درجة تأثيرها.
ولا بد من التذكير بأن الظروف الموضوعية الخاصة بكل بلد وبكيفية التعامل مع إدارة التحديات التي يواجهها البلد المعني هي المسؤولة أساسا عما تؤول إليه الأوضاع في هذا البلد أو ذاك.
من مظاهر ردود الفعل المجتمعية عموما والسياسية خصوصا، تصاعد دور العقائد والمواقف السياسية المتطرفة التي يمثلها اليمين المتشدد والعنصري في مجمل أطرافه وقواه السياسية، كما في أوروبا حاليا، وهي ليست وحدها بالطبع. الاختزال والتعميم والتبسيط هي الثلاثية الرئيسية التي تحكم رؤية هولاء للآخر المختلف في اللون أو الدين أو العرق أو الهوية الأصلية عموما. أزمات معقدة في عناصرها، بعضها بنيوي وبعضها الآخر ظرفي، رغم شدتها، لكن هذه الرؤية المتشددة والاختزالية في تشخيص "المرض" لا تقدم الحلول الناجعة. إنها رؤية تعبّر في أشكال مختلفة عن المخاوف من غياب الحلول الفعلية، والتي لا تندرج في عناوين مخاوف أصحاب هذه الرؤية. سياسات الانغلاق والانطواء ورفض التعاون التعددي وتحميل فشله أو عدم تحقيق الأهداف المطلوبة منه للقراءة التي تقدمها هذه الرؤية التبسيطية والمتشددة، تزيد حدة المشاكل والأزمات. الفشل أو القصور في بعض مجالات التعاون المتعدد الأطراف بهندسته المختلفة، كما نجد في الأطر والمؤسسات الدولية والإقليمية المعنية، لا يعني أن مبدأ التعاون المتعدد الأطراف هو المسؤول عن ذلك الفشل، بل إن عدم وجود توافقات فعلية وليس فقط في العناوين، هو المسؤول الحقيقي عن غياب النجاح أو الفاعلية المطلوبة في التعامل مع التحديات المشتركة .
في "القرية الكونية" حيث نعيش، والبعض يفضل تعبير المدينة الكونية، باعتبار أنها أكثر دقة في وصف عالم اليوم بسبب درجة الصخب والاختلافات والتنوع وعدم معرفة الآخر، وكلها تشكل معايير تميز حياة المدينة عن حياة القرية، من الضروري العمل على بلورة ثقافة الحوار لمعرفة "الآخر" وبناء الجسور معه. فالحوار لا يعني بالضرورة التفاهم الكلي، بل معرفة الآخر والبناء على المشترك وتعزيزه من جهة، وإدارة الاختلاف واحتواؤه من جهة أخرى. فالحوار بين الثقافات، أو كما يقال بين الحضارات، والذي جاء ردّ فعل على نظرية "صدام الحضارات" لصامويل هانتغتون، أمر أكثر من ضروري خدمة للاستقرار في العلاقات بين الدول والمجتمعات المختلفة، ولتعزيز هذا الاستقرار. ذلك كله يستدعي تعزيز ثقافة الحوار أولا، ضمن أبناء المجتمع الوطني الواحد، وأبناء الثقافة الواحدة، بهدف تعزيز ثقافة الانفتاح واحترام التنوع وإدارة الاختلاف، وثانيا مع الآخر المختلف في الانتماء الوطني أو غيره (الإقليمي على سبيل المثال) مثل الحوار بين أطر أو منظمات إقليمية مختلفة. إنه أمر يعزز معرفة الآخر وبالتالي يسهل تعزيز أطر تعاون متعددة الأبعاد بين مختلف هذه المنظمات والمؤسسات، أو يؤدي إلى أطر جديدة للتعاون .
نقطة أخيرة لا بد من الإشارة إليها لتعزيز الحوار من حيث نتائجه المرجوة، تتعلق بما أسميه ديموقراطية الحوار أو لا مركزية الحوار، الأمر الذي يعني مشاركة أوسع القطاعات المجتمعية باهتماماتها المختلفة، وعلى صعيد الجغرافيا الوطنية، في حوارات تحمل عناوين متعددة وتتعلق بمختلف أوجه الحياة الوطنية والحياة الدولية. فلا يبقى الحوار أسيرا للنخب المعنية أو لأهل الاختصاص وحدهم. 

العلامات الدالة
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق