وداعاً للملاريا! دواء يحول دم الإنسان إلى مصيدة مميتة للبعوض! - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
وداعاً للملاريا! دواء يحول دم الإنسان إلى مصيدة مميتة للبعوض! - تكنو بلس, اليوم السبت 26 أبريل 2025 09:47 صباحاً

الملاريا: القاتل الصامت الذي يهدد الملايين


تُعد الملاريا واحداً من أكثر الأمراض فتكاً في العالم، إذ تودي بحياة أكثر من 600 ألف شخص سنوياً، معظمهم من الأطفال في أفريقيا. هذا المرض الطفيلي، الذي ينتقل عبر لدغات أنثى بعوضة الأنوفليس، لا يزال يشكل تهديداً كبيراً رغم التطورات الطبية. وعلى مدار العقود الماضية، سعت المنظمات الصحية والعلماء لتطوير استراتيجيات مبتكرة لمكافحة انتشاره، بدءاً من المبيدات الحشرية والناموسيات المشبعة بالأدوية، وصولاً إلى اللقاحات الحديثة.

 

لكن ماذا لو استطعنا قلب الطاولة على البعوض نفسه؟ ماذا لو أصبح الإنسان هو من يبيد هذه الحشرات بدلاً من أن يكون ضحية لها؟ هنا تأتي الفكرة الجديدة والمذهلة: تسميم البعوض عبر دم الإنسان نفسه!

 

يبدو الأمر وكأنه حبكة من أفلام الخيال العلمي، ولكن العلماء الآن يدرسون فكرة مبتكرة وغير تقليدية لمكافحة الملاريا: تسميم البعوض من خلال دم الإنسان! الفكرة التي قد تبدو غريبة، تعتمد على عقار معروف يستخدم لعلاج أمراض وراثية نادرة، لكن المفاجأة أنه قادر على قتل البعوض خلال ساعات من تناوله لوجبة دموية من شخص خضع للعلاج.

 

في دراسة نُشرت في مجلة Science Translational Medicine، وجد الباحثون أن دواءً يسمى نيتيسينون (Nitisinone)، يمكن أن يجعل دم الإنسان ساماً لدرجة أن البعوض الذي يتغذى عليه يموت في غضون ساعات قليلة. المثير في الأمر أن تأثير الدواء يستمر لفترة تصل إلى 16 يوماً بعد الجرعة الأولية، ما يجعله سلاحاً محتملاً في معركة مكافحة الملاريا.

ليس علاجاً مباشراً للملاريا، لكنه قد يكون الحل!
رغم أن نيتيسينون لا يمنع العدوى بالملاريا بحد ذاته، إلا أن قدرته على قتل البعوض قبل أن يتمكن من وضع بيضه قد تقلّل أعداد الحشرات الناقلة للمرض بشكل كبير، الأمر الذي يساعد في كسر سلسلة انتشار العدوى. تماماً مثلما تعتمد بعض اللقاحات على "مناعة القطيع"، فإن هذا الدواء يعتمد على فكرة القضاء على البعوض في المجتمع بدلاً من حماية الأفراد بشكل فردي.

 

لكن هل يمكن لهذا الحل القضاء تماماً على الملاريا؟ بالطبع لا، إذ يشدّد الباحثون على أن هذه التقنية لن تكون بديلاً للطرق التقليدية مثل الناموسيات المشبعة بالمبيدات الحشرية، والأدوية الوقائية، واللقاحات، لكنها يمكن أن تصبح أداةً إضافية فعالة، خاصة في المناطق التي أصبح فيها البعوض مقاوماً للعلاجات الأخرى.

 

دواء بماضٍ مثير ومصير غير متوقع!
الغريب أن نيتيسينون لم يُطوَّر في الأصل لمكافحة البعوض، بل كان مستوحى من نبات القارورة الأوسترالي الذي يُعرف بإفراز سموم قاتلة. كان الهدف منه استخدامه كمبيد للأعشاب، لكنه لاحقاً أثبت فعاليته في علاج أمراض وراثية نادرة مثل تيروزين الدم، وهو اضطراب يجعل الجسم غير قادر على استقلاب حمض أميني معين.

 

منذ أن وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على الدواء في عام 1992، أصبح علاجاً ضرورياً لإنقاذ الأطفال الذين يعانون من هذا المرض، رغم أنه ليس حلاً مثالياً بسبب بعض آثاره الجانبية.

 

لكن في عام 2016، توصل باحثون برازيليون إلى اكتشاف مذهل: الحشرات التي تتغذى على الدم مثل البعوض، تعتمد على التيروزين بشكل كبير، وإذا تم تعطيل هذه العملية، فإنها تموت سريعاً! هذه المعلومة ألهمت فريقاً في كلية ليفربول للطب المداري للبحث فيما إذا كان نيتيسينون يمكن أن يكون قاتلاً للبعوض أيضاً، وكانت النتائج مدهشة!

هل سنصبح سُمّاً متحركاً؟!
مع هذا الاكتشاف، قد يصبح البشر أنفسهم أداة لمكافحة البعوض، لكن يبقى السؤال: هل سنكون مستعدين لتناول جرعات من هذا الدواء لجعل دمائنا قاتلة لهذه الحشرات؟

 

حتى الآن، لا تزال هذه الفكرة بحاجة لمزيد من الأبحاث، ولكنها قد تمثل أحد أكثر الحلول ابتكاراً لمكافحة أحد أخطر الأعداء الطبيعية للبشرية. فهل سيكون هذا الدواء هو المفتاح لإنهاء الملاريا؟ أم أن البعوض سيثبت مرة أخرى أنه خصم لا يُستهان به؟!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق