نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هدية لبنان إلى البابا فرنسيس: الاحتفال الموحّد بقيامة يسوع - تكنو بلس, اليوم السبت 26 أبريل 2025 07:41 صباحاً
عصام عازوري*
ماذا يمكن أن يقدّم لبنان إلى البابا فرنسيس بعد رحيله، هو الذي أكرم لبنان (وأكرمني) ببرميل أسيزي الميلادي في عام 2017؟
الجواب سهل، ولبنان هو وحده بين الدول القادر على تقديم هذه الهدية.
في عام 2018، زار المستشار الرئاسي لشؤون الحوار بين الاديان الدكتور ناجي خوري، معرضي الدولي للمغارات الميلادية في بكفيا، واقترحت عليه، من موقعي كرئيس الجمعية الدولية للروح الميلادية، فكرة توسيع الاحتفال بعيد البشارة الاسلامي-المسيحي الموحّد ليشمل عيد الميلاد أيضاً، وهو ما بدأ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
طوال حبرية البابا فرنسيس، كان هاجسه بناء الجسور وهدم الجدران، مستكملا ما بدأه أسلافه منذ البابا القديس يوحنا الثالث والعشرين، مؤسس المجمع الفاتيكاني الثاني الذي أرسى أسس الحوار المسكوني في الكنيسة.
في عام 2009، أطلقت دعوة فيسبوكية تحت اسم "مسيح واحد، قيامة واحدة"، لتوحيد الاحتفال بقيامة المسيح، ووجهت عبر "النهار" دعوة بهذا الخصوص لتكون بمثابة هدية إلى البابا الراحل بنديكتوس السادس عشر خلال زيارته إلى الاردن، من أوائل الدول العربية التي تعتمد تاريخاً موحداً للاحتفال بالقيامة.
طوال حبريته، وخلال لقاءاته الكثيرة مع القادة الروحيين من مختلف الطوائف، أبدى البابا بوضوح رغبة صادقة وإرادة حقيقية للوصول إلى احتفال موحد بالقيامة "بأي تاريخ كان". وأتى هذا الاعلان صدى لما كان يقوله البابا القديس يوحنا بولس الثاني الذي دعا كاثوليك الشرق الى الاحتفال سوية بعيد القيامة مع إخوانهم الارثوذكس.
تألم البابا فرنسيس من الانقسام الموجع، بين الذين يصلبون المسيح بعد الذين يحتفلون بقيامته، وأثر ذلك على أجواء العيد (حزناً وفرحاً على حد سواء).
البابا فرنسيس الذي أمضى 38 يوما في المستشفى، شاء التدبير الالهي أن يعيش اسبوع الآلام الموحّد بكل تفاصيله، وأن يوجه رسالة المعايدة الموحّدة إلى مدينة روما والعالم، وفيها إشارة واضحة إلى وصيته قبل الرحيل حيث قال: "من القبر المقدّس، كنيسة القيامة، حيث يحتفل الكاثوليك والأرثوذكس بعيد الفصح هذه السّنة في اليوم نفسه، ليشعّ نور السّلام على الأرض المقدّسة بأسرها وكلّ العالم".
رسم البابا بوضوح، خارطة الطريق للاحتفال بالعيد الموحّد، انطلاقا من فيض النور من القبر المقدس، احتراماً للتقوى الشعبية المرتبطة بذلك، والتي تخطت حدود الطوائف القيّمة على كنيسة القيامة لتدخل وجدان المسيحيين، كل المسيحيين، في الشرق كما في الغرب، ويتحوّل فيض النور إلى حدث عالمي تحرص على تغطيته وسائل الاعلام الدينية والدنيوية.
الاسبوع الأخير للبابا فرنسيس على هذه الارض كان أسبوع الآلام الموحّد، ورسالته الاخيرة حملت دعوة واضحة إلى مواصلة السعي إلى تحقيق هذه الوحدة من دون إلغاء غنى التنوّع.
لأن البابا فرنسيس أحب لبنان، ولو كان أول بابا لا يزوره منذ أكثر من نصف قرن (بسببنا لا بسببه)، فلنبادر إلى العمل معاً، بجدية وتواضع ومحبة، حتى نقدم له هدية تليق بالإرث الذي تركه لنا، لنتوحد جميعاً في الحزن والفرح.
ليتنا ننجح في أن نجعل الاحتفال بالذكرى الاولى لرحيل البابا فرنسيس مناسبة للاحتفال الموحّد بالقيامة في 12 نيسان (أبريل) 2026 بحسب التقويم الجولياني المعتمد في الكنيسة الارثوذكسية، عيداً مسيحياً جامعاً، نعيشه بتقوى وإيمان، لعل وعسى يستجيب الله لصلواتنا وينقذ هذا البلد الصغير من الأخطار المحدقة به وكل الذين ينوون به شراً.
ولنتذكر كلمات البابا فرنسيس في عام 2013 حين قال للشباب اللبنانيين الذين شاركوا في تأملات درب الصليب في الكولوسيوم في تلك السنة: "رأينا جمال وقوة الشركة بين مسيحيي هذه الارض والصداقة مع الاخوة المسلمين. لقد كانت علامة رجاء للشرق الأوسط وللعالم بأسره".
لبنان يستحق هذه الريادة، وعسى ان يشع من هذا البلد نور القيامة في الشرق ويصل إلى كل العالم، ليعود هذا البلد منارة، كما نريده او على الاقل كما نتغنى به.
*رئيس الجمعية الدولية للروح الميلادية
0 تعليق