نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحوار الشيعي مدخل للحوار الوطني حول السلاح: هل سقط طرح المؤتمر التأسيسي؟ - تكنو بلس, اليوم السبت 26 أبريل 2025 05:29 صباحاً
يشكل الوجود الشيعي في لبنان ركيزة أساسية في البنية السياسية والاجتماعية للبلاد، حيث لعب دوراً محورياً في تشكيل الهوية الوطنية والتوازنات الداخلية. ومع تصاعد التوترات الإقليمية وتغير موازين القوى، يواجه هذا الوجود تحديات جديدة تتعلق بالنفوذ السياسي، وامتلاك السلاح، وتأثير المشاريع الإسرائيلية، ومستقبل المنطقة بشكل عام.
عندما وصل الإمام موسى الصدر إلى لبنان حمل الطائفة الشيعية على كتفيه وصعد بها سلمّ المشاركة في الحياة السياسية اللبنانية، ومنذ اتفاق الطائف عام 1989، تم تعزيز التمثيل الشيعي في المؤسسات اللبنانية، حيث يشغل الشيعة مناصب بارزة في الحكومة والبرلمان. ويُعتبر الثنائي الشيعي، "حزب الله" و"حركة أمل" أبرز القوى السياسية الشيعية.
ساهم هذا النفوذ في بروز دور الطائفة الشيعية في الحياة السياسية اللبنانية، لكنه في الوقت نفسه أثار جدلاً حول التوازن الطائفي ودور الدولة في احتكار السلطة بظل وجود تنظيم مسلح لمقاومة العدو الإسرائيلي.
يواجه الوجود الشيعي في لبنان بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة تحديات متعددة، أبرزها الضغوط الدولية والإقليمية التي تزايدت، مترافقة مع الدعوات الدولية لنزع سلاح "حزب الله" ودمجه في الدولة، مما يضع الطائفة الشيعية أمام خيار صعب بين الحفاظ على السلاح الذي تراه مصادر قيادية بارزة في الثنائي من عوامل بقاء الطائفة وصمودها وضمان وجودها ومشاركتها، أو الانخراط الكامل في الدولة دون رؤية تحدد المستقبل.
ترى المصادر أن ما يجري في المنطقة يشكل قلقاً لدى قيادة الثنائي، فالطائفة الشيعية وإن كانت من الطوائف الأساسية في البلد إلا أنها من الأقليات في المنطقة، ويتم استهدافها اليوم للنيل من وجودها وإعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط، وبالتالي لا تُخفي المصادر قلق الثنائي على المستقبل دون سلاح.
قبل التغيرات الكبرى في المنطقة، كان يُطرح ملف سلاح حزب الله في السوق السياسي اللبناني، ووقتها كان الطرح المقابل يأتي على شكل "مؤتمر تأسيسي"، وتُعيدنا المصادر بالذاكرة إلى العام 2012 يوم تحدث السيد حسن نصر الله، عن فكرة "المؤتمر التأسيسي" واقترح عقد مؤتمر تأسيسي وطني يهدف إلى إعادة بناء الدولة اللبنانية على أسس جديدة، وربط بين هذا المؤتمر ومناقشة الاستراتيجية الدفاعية، مشيرة إلى أن السيد نصر الله يومها كان يُدرك أن السلاح مرتبط بمستقبل الطائفة واليوم لم يتبدل الحال، بل على العكس أصبحت الأمور أكثر تعقيداً.
اليوم هناك أقليات في سوريا تُعاني بأصل وجودها، وهناك مشروع إسرائيلي من ضمن أهدافه ضرب الوجود الشيعي في لبنان، واحتلال الجنوب وترحيل أهله، وهذه كلها من الهواجس التي ترافق الشيعة لدى البحث في مستقبل سلاحهم، ولا يمكن سوى أخذها بعين الإعتبار، تقول المصادر، كونها مبنية على وقائع لا تحليلات.
لم يعد السلاح، بحسب المصادر، مرتبطاً بمستقبل الشيعة في لبنان وحسب، بل بمستقبلهم في المنطقة، والمؤتمر التأسيسي الداخلي هو فكرة لم تسقط من أذهان القيادات الشيعية، ولا شكّ انها ستعود إلى الواجهة كلما تقدم الحوار بخصوص السلاح، هذا بحال لم تكن مدخلاً له، لكن الجديد أن مستقبل السلاح بات يرتبط أيضاً بمؤتمر تأسيسي يتعلق بالمنطقة ككل، يتم فيه تحديد الوجود والنفوذ والدور، وهذا ما تحضّر لبحثه القيادات الشيعية في لبنان ما لم تنفجر الأوضاع في المنطقة من جديد.
مع تغير موازين القوى في المنطقة، خاصة بعد الاتفاقات الإبراهيمية وتطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل، يجد الشيعة اللبنانيون أنفسهم في موقف معقد يتطلب إعادة تقييم استراتيجياتهم السياسية، لذلك تقول المصادر أنه يجب عليهم ترتيب طاولة حوار شيعية-شيعية، قبل الجلوس على طاولات حوارية أخرى، داخلية وخارجية، يخرجون من خلالها بتصور كامل حول ما يُريدونه داخل لبنان وخارجه، الدور السياسي، الوجود، المكتسبات، مواجهة المشروع الإسرائيلي، والضمانات المطلوبة، ورؤيتهم للقضية الفلسطينية وواقعها اليوم...
وتكشف المصادر أن هذه الدعوات باتت تنتشر في الأوساط الشيعية بشكل مكثف، مشيرة إلى أن التعويل على المفاوضات الأميركية-الإيرانية ونجاحها بات يرتبط بحصول الشيعة على "وقت مستقطع" يقيّمون فيه كل ما حصل واستجدّ، ويبحثون عن الإجابات المطلوبة للأسئلة المصيرية.
يشكل الوجود الشيعي في لبنان عنصرًا أساسيًا في المعادلة الوطنية، حيث يتمتع بنفوذ سياسي وعسكري كبير، إلا أن هذا الوجود يواجه تحديات متزايدة تتطلب إعادة تقييم السياسات الحالية، والدفع بإتجاه إنخراط أكبر في الدولة بعد تمتين عواميدها، وتحقيق توازن بين الحفاظ على الحقوق المشروعة للطائفة والانخراط الكامل في الدولة اللبنانية، فالمستقبل يتطلب حوارًا وطنيًا شاملًا يضمن استقرار لبنان ووحدته، يبدأ من البيت الشيعي وينتقل إلى رحاب البيت "اللبناني"، بالتوازي مع حوار إقليمي يقارب نفس الهواجس والأسئلة.
0 تعليق