في تصعيد خطير للعلاقات بين الجارتين النوويتين، أصدرت الحكومة في باكستان تحذيرًا شديد اللهجة للهند، مؤكدة أن أي محاولة لوقف أو تحويل مسار مياه نهر السند “ستُعد بمثابة إعلان حرب”.

يأتي ذلك عقب إعلان نيودلهي تعليق العمل بمعاهدة مياه السند، التي ظلت سارية منذ عقود رغم الخلافات المتكررة.

وقالت رئاسة الوزراء الباكستانية، في بيان رسمي اليوم الخميس، إن هذا الإجراء الهندي “أحادي الجانب وغير مقبول”، مضيفةً أن الاتفاقية الموقعة برعاية البنك الدولي عام 1960 تمثل ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي، ولا يمكن المساس بها دون تداعيات خطيرة.

إجراءات باكستانية مضادة تشمل المجال الجوي والتجارة

ردًا على ما وصفته بـ”الخطوات الاستفزازية” من جانب نيودلهي، أعلنت إسلام آباد عن مجموعة من الإجراءات المضادة، أبرزها تقليص عدد الموظفين الدبلوماسيين الهنود في باكستان إلى 30 شخصًا كحد أقصى، اعتبارًا من 30 أبريل الجاري.

كما قررت الحكومة الباكستانية إغلاق المجال الجوي أمام جميع الرحلات الجوية التابعة للهند أو التي تديرها، بالإضافة إلى تعليق جميع أنواع التبادل التجاري مع نيودلهي، وإغلاق بوابة واجا الحدودية، وهي إحدى النقاط الأساسية للعبور بين البلدين.

الهجوم في كشمير يشعل فتيل الأزمة

يأتي هذا التصعيد في أعقاب هجوم مسلح دموي في الشطر الهندي من إقليم جامو وكشمير، أسفر عن مقتل 26 شخصًا وإصابة 17 آخرين. وقد وجهت الهند أصابع الاتهام إلى باكستان، معتبرة أن جماعة “جبهة المقاومة” — وهي امتداد لجماعة “لشكر طيبة” المحظورة — مسؤولة عن الهجوم.

وفي أعقاب الهجوم، صعّدت نيودلهي من موقفها بإعلان تعليق معاهدة مياه السند، رغم أنها نجت سابقًا من الانهيار حتى خلال حربين بين البلدين.

ردود فعل غاضبة داخل باكستان وتحركات دبلوماسية مرتقبة

أعلن وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار أن لجنة الأمن الوطني في البلاد ستجتمع اليوم الخميس برئاسة رئيس الوزراء شهباز شريف، لبحث التدابير الهندية “المتسرعة”، وبلورة رد شامل يتناسب مع خطورة الوضع.

وأكد دار أن الهند لم تقدم حتى الآن أي دليل يربط باكستان بالهجوم، واصفًا إجراءاتها بأنها “غير ملائمة وتفتقر إلى الجدية”.

ومن المتوقع أن يشارك في اجتماع لجنة الأمن الوطني كبار القادة المدنيين والعسكريين، لمناقشة التطورات الإقليمية والتحرك على الصعيد الدولي لحشد الدعم ضد القرار الهندي.

نيودلهي تتخذ إجراءات إضافية: طرد دبلوماسيين وتعليق التأشيرات

في المقابل، استدعت وزارة الخارجية الهندية كبير الدبلوماسيين في السفارة الباكستانية لدى نيودلهي، وأبلغته بأن جميع المستشارين العسكريين في البعثة أصبحوا “أشخاصًا غير مرغوب فيهم”، ومنحتهم مهلة أسبوع لمغادرة البلاد.

كما أعلنت الهند عن تعليق خدمات التأشيرات للمواطنين الباكستانيين بشكل فوري، ونصحت رعاياها في باكستان بمغادرة البلاد في أقرب وقت ممكن.

معاهدة مياه السند: ركيزة سلام على المحك

تمثل معاهدة مياه السند، الموقعة عام 1960 بوساطة من البنك الدولي، أحد الأعمدة الأساسية في العلاقات الثنائية بين الهند وباكستان. وتنص الاتفاقية على تقسيم مياه ستة أنهار بين البلدين؛ إذ تحصل الهند على الأنهار الشرقية (سوتليج، وبيس، ورافي)، بينما تحصل باكستان على الأنهار الغربية (السند، وجهيلوم، وشيناب).

واستمرت المعاهدة في العمل حتى خلال أوقات التوتر العسكري الشديد، إلا أن إعلان الهند الأخير بتعليقها يثير مخاوف من انهيار آخر الخطوط الحمراء في العلاقة بين القوتين النوويتين.

اقرأ أيضًأ ..الخلاف بين الهند وباكستان يتصاعد والحرب تدق الأبواب.. طرد للدبلوماسيين وغلق للحدود وتعزيزات عسكرية

مخاوف من انفجار إقليمي

يثير التصعيد الأخير قلقًا واسعًا لدى المجتمع الدولي من احتمال اندلاع صراع عسكري واسع النطاق بين الهند وباكستان، لا سيما في ظل القدرات النووية للطرفين، والتاريخ الطويل من العداء، وخاصة في إقليم كشمير المتنازع عليه.

وتُعد هذه التطورات الأخطر منذ سنوات في سياق العلاقات الهندية الباكستانية، مما يضع المنطقة بأسرها على حافة أزمة غير محسوبة العواقب.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط