القاهرة (خاص عن مصر)- شهدت التوقعات الاقتصادية لألمانيا لعام 2025 تراجعًا حادًا، حيث خفّضت الحكومة توقعات نمو الاقتصاد الألماني إلى الصفر، مشيرةً إلى التأثير المستمر للرسوم الجمركية الأمريكية، وارتفاع تكاليف الطاقة، والتحديات المحلية المستمرة.

يمثل هذا العام الثالث على التوالي دون نمو، مما يُبرز صعوبة استعادة أكبر اقتصاد في أوروبا زخمه في ظل بيئة تجارية عالمية مضطربة.

في البداية، توقعت ألمانيا نموًا متواضعًا بنسبة 0.3% لعام 2025، لكن فرض الرئيس ترامب رسومًا جمركية باهظة بنسبة 25% على الصادرات الرئيسية، بما في ذلك السيارات والصلب والألمنيوم، أضرّ بشكل كبير باقتصاد البلاد المعتمد على التصدير.

أدت طبيعة هذه الرسوم الجمركية غير المتوقعة، إلى جانب ضعف الطلب الخارجي وانخفاض القدرة التنافسية، إلى تفاقم التباطؤ الاقتصادي.

الرسوم الجمركية الأمريكية ونمو الاقتصاد الألماني

تأثرت الحكومة الألمانية بشدة بسياسات ترامب التجارية، التي تستهدف القطاعات التي تشكل العمود الفقري لاقتصادها الصناعي. وأعرب وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، عن تزايد الإحباط، مشيرًا إلى أن الوضع الاقتصادي الهش أصلًا لألمانيا قد تفاقم بسبب الإجراءات التجارية الأمريكية.

صرح هابيك قائلًا: “ألمانيا، التي تعاني بالفعل من ضعف الطلب الخارجي وانخفاض القدرة التنافسية، تتأثر بشكل خاص بالسياسة التجارية الأمريكية”. وقد ألقت الرسوم الجمركية بظلالها على الآفاق الاقتصادية لألمانيا، حيث تُعتبر الدولة العضو الوحيد في مجموعة السبع الذي لم يشهد نموًا خلال العامين الماضيين.

أقرا أيضا.. الجامعة لم تعُد الحلم.. شباب أمريكيون يختارون العمل بدلًا من الغرق في الديون

التحديات الداخلية وعدم اليقين

في حين تُمثل الرسوم الجمركية الأمريكية عاملًا مهمًا، يواجه الاقتصاد الألماني مشاكل هيكلية أعمق وطويلة الأمد تهدد بعرقلة أي آفاق للتعافي. وتشمل هذه المشاكل البيروقراطية المُرهقة، وارتفاع معدلات ضرائب الشركات، وارتفاع أسعار الطاقة التي لا تزال تُشكل ضغوطًا على الشركات.

علاوة على ذلك، تُسهم التحديات الديموغرافية التي تواجهها ألمانيا – مثل تقلص القوى العاملة وتراجع الإنتاجية – في تراجع إمكاناتها الاقتصادية.

وعدت الحكومة الجديدة، بقيادة فريدريش ميرز، المقرر أن يؤدي اليمين الدستورية كمستشار في مايو، بتنفيذ إصلاحات لتعزيز النمو الاقتصادي، بما في ذلك زيادة الإنفاق على الدفاع والبنية التحتية. ومع ذلك، لا يزال الاقتصاديون متشككين في فعالية هذه الإجراءات ما لم تُطبّق إصلاحات جوهرية لمعالجة أوجه القصور الداخلية في ألمانيا.

قال هابيك: “لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة الفيدرالية القادمة ستُطبّق إصلاحات، وما هي هذه الإصلاحات”. وأضاف: “يجب معالجة المشاكل الهيكلية بسرعة وثبات. وهذا سيحدد ما إذا كان الاقتصاد الألماني سيتلقى دفعةً لتعزيز قدرته التنافسية أم أن كل الأموال ستذهب أدراج الرياح”.

قوى عاملة مُتعثرة وتحديات الهجرة

تواجه ألمانيا أيضًا أزمة ديموغرافية، تتسم بتقلص القوى العاملة وتزايد صعوبة جذب العمالة الماهرة. أدى تزايد المشاعر المعادية للهجرة داخل البلاد إلى صعوبة قيام الشركات بأدوار حيوية، مما أعاق الإنتاجية والديناميكية الاقتصادية.

في ظل التحديات المتزايدة التي تواجهها الشركات من قوى داخلية وخارجية، خفّضت العديد منها توقعات نموها. وقد أثارت الرسوم الجمركية الشاملة الوشيكة بنسبة 10% على السلع المصدرة إلى الولايات المتحدة حالة من عدم اليقين لدى الشركات بشأن المستقبل، لا سيما في ظل الوضع غير المستقر للمفاوضات التجارية والتوقف المؤقت لمدة 90 يومًا عن فرض رسوم جمركية أعلى.

توقعات اقتصادية قاتمة

بالنظر إلى المستقبل، خفّضت الحكومة الألمانية توقعاتها لعام 2026، متوقعةً نموًا متواضعًا بنسبة 1% فقط. كما عدّل صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في ألمانيا هذا العام، متوقعًا عدم حدوث أي نمو، بانخفاض عن توقعات سابقة بلغت 0.2%.

بينما يسود بعض الأمل في أن يؤدي ارتفاع الاستهلاك، المدفوع بارتفاع الأجور واستعداد الحكومة المقبلة لتحمل المزيد من الديون، إلى تعزيز النمو، إلا أن التوقعات لا تزال قاتمة إلى حد كبير.

في منطقة اليورو الأوسع، التي تضم ألمانيا و26 دولة أخرى عضو في الاتحاد الأوروبي، خُفِّضت توقعات النمو أيضًا، حيث تُقدَّر الآن بنسبة 0.8% لهذا العام، مقارنةً بتوقعات سابقة بلغت 1%.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط