مدى عمق النفوذ الإسرائيلي في شركات التكنولوجيا؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مدى عمق النفوذ الإسرائيلي في شركات التكنولوجيا؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 21 أبريل 2025 09:33 مساءً

"احذف، قيّد، اخفِ": هكذا تبدو التعليمات القادمة من إسرائيل إلى "ميتا". تقرير حديث يفضح تواطؤاً واسع النطاق بين الحكومة الإسرائيلية وعملاق التواصل الاجتماعي لقمع أي صوت ينتقدها أو يتعاطف مع الفلسطينيين على "فايسبوك" و"إنستغرام".

 

صعّدت الحكومة الإسرائيلية حملتها على محتوى مواقع التواصل الاجتماعي المتعلق بفلسطين، حيث كشف تقرير جديد صادر عن "dropsitenews" عن تعاون واسع النطاق من "ميتا"، الشركة الأم لـ"فايسبوك" و"إنستغرام." ووفقاً للتقرير، فإن حملة قمع شاملة على المنشورات التي تنتقد إسرائيل، أو حتى تدعم الفلسطينيين بشكل غير واضح، كانت بتدبير مباشر من الحكومة الإسرائيلية.

 

 

واستشهد الموقع ببيانات "ميتا" الداخلية، كاشفاً أن الشركة امتثلت لـ 94% من طلبات إزالة المحتوى المقدمة من تل أبيب منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفي المجمل، أفادت التقارير أن "ميتا" حذفت أكثر من 90 ألف منشور استجابةً لطلبات الحكومة الإسرائيلية. وصُنّفت الغالبية العظمى من هذه الطلبات، 95%، ضمن خانات "الإرهاب أو العنف أو التحريض"، واستهدفت في المقام الأول المستخدمين في الدول العربية.

 

 

أكثر من مجرد تعاون...

 

في بداية نيسان/أبريل الحالي، قاطعت موظفة كلمة المدير التنفيذي لقطاع الذكاء الاصطناعي في شركة "مايكروسوفت" مصطفى سليمان احتجاجاً على علاقات الشركة مع إسرائيل. وقالت ابتهال أبو السعد الموظفة في "مايكروسوفت" في أثناء مقاطعة كلمة سليمان: "أنت من تجار الحرب....". جاء ذلك خلال احتفال أقامته الشركة في ريدموند بواشنطن بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسها.

 

أمّا تقرير "dropsitenews" فيأتي بعد وقت قصير من نشر موقع "The Grayzone" نتائج تُظهر أن أكثر من 100 موظف حالي في "ميتا" هم جنود أو عملاء استخبارات إسرائيليون سابقون. وأوضح التقرير أن العديد منهم خدموا في الوحدة "8200"، الوحدة التابعة لوكالة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وتُعرف بكونها المسؤولة عن جمع البيانات، وفك الشيفرات، والتجسس الإلكتروني.

 

وهؤلاء الأعضاء السابقون في الجيش الإسرائيلي موزعون بالتساوي في مكاتب "ميتا" من الولايات المتحدة إلى تل أبيب، وعدد كبير منهم متخصصون في الذكاء الاصطناعي. ويشار إلى أن إسرائيل تعتمد على الذكاء الاصطناعي ليس فقط لتنفيذ عمليات الإبادة الجماعية والقصف وغيره، ولكن أيضاً لترسيخ نظامها السابق للفصل العنصري والمراقبة والاحتلال. لذ اعتبر الخبراء والحقوقيون أن تجنيد "ميتا" لمتخصصي الذكاء الاصطناعي في الجيش الإسرائيلي أمرٌ غير مقبول أبداً. ومن بين الأسماء التي تحدث عنها التقرير، شيرا أندرسون، وهي رئيسة قسم سياسات الذكاء الاصطناعي في "ميتا" مكتب واشنطن. وعملت أندرسون في قسم المعلومات الاستراتيجية العسكرية للجيش الإسرائيلي لأكثر من عامين، وكان لها دور في صياغة ملفات إعلامية وحملات دعائية لصالح الجيش.

 

وفي الحقيقة، عرضت تحقيقات سابقة أنماط مماثلة لدى شركات تقنية عملاقة أخرى، بما في ذلك "غوغل"، ما يثير مخاوف بشأن مدى النفوذ المؤيد لإسرائيل داخل شركات التكنولوجيا الكبرى. وكانت قد كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، استناداً إلى وثائق داخلية، أن "غوغل" عملت على تزويد الجيش الإسرائيلي بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي منذ بداية الحرب على غزة، مقدمةً الدعم المباشر إلى منظومة الأمن الإسرائيلية.

 

وبحسب الوثائق، سعت إسرائيل إلى توسيع استخدامها لخدمة "فيرتيكس"، وهي منصة متقدمة من "غوغل" تتيح للعملاء تطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي على قواعد بياناتهم لتحليل الأنماط والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية، ما يعزز قدراتها العسكرية وتحليل البيانات بسرعة فائقة.

 

وكانت الشركة قد صرّحت في وقت سابق بأن عقد "نيمبوس" مع الحكومة الإسرائيلية "لا يُستخدم في تطبيقات حساسة أو مصنفة أو عسكرية تتعلق بالأسلحة أو الاستخبارات". وهو عقد حوسبة سحابية وقّعته الحكومة الإسرائيلية مع شركتي "غوغل" و"أمازون" عام 2021، ويهدف إلى تزويد المؤسسات الحكومية، بما في ذلك الجيش الإسرائيلي، بخدمات متطورة.

 

لكن غابي بورتنوي، المدير العام لـ"المديرية الوطنية للأمن السيبراني في الحكومة الإسرائيلية" صرح أن عقد "نيمبوس" أسهم بشكل مباشر في العمليات القتالية. وقال إنه "بفضل الحوسبة السحابية العامة لنيمبوس، تحدث أشياء استثنائية خلال القتال، وهذه الأمور تلعب دور كبير في تحقيق النصر".

 

منظومة الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية

 

عالمياً، تحتل إسرائيل المرتبة الرابعة في تطورات الذكاء الاصطناعي، بعد عمالقة التكنولوجيا مثل الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة. كما تبلغ نسبة القوى العاملة في البلاد المتخصصة في المجالات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي 1.13%، وتُركز نحو 2300 شركة ناشئة، أي قرابة 25% من جميع شركات التكنولوجيا الإسرائيلية، على الذكاء الاصطناعي، وفقاً لوزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية.

 

وفي عام 2024، جمعت شركات الأمن السيبراني الإسرائيلية وحدها 4 مليارات دولار، مدفوعةً بالطلب المتزايد على حلول الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، أضف إلى ذلك تدفق رأس المال الاستثماري. كذلك، تُخصّص إسرائيل 500 مليون شيكل (نحو 133 مليون دولار) للبحث والتطوير والتعليم. لكن على الرغم من قوتها العاملة، يدخل أقل من 700 خريج ماجستير في المجالات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي سوق العمل سنوياً، ويثير هذا النقص مخاوف إسرائيلية من إبطاء النمو في المجال.

 

ختاماً، تكشف الحقائق المتزايدة عن مدى عمق النفوذ الإسرائيلي المتغلغل في صميم شركات التكنولوجيا العملاقة، وهو نفوذ يتجاوز التعاون التجاري. فبين تقارير تفضح التواطؤ المباشر في قمع المحتوى الناقد على منصات "ميتا"، والكشف عن وجود أعداد كبيرة من الجنود والمخابراتيين الإسرائيليين السابقين في مناصب حساسة، وصولًا إلى تزويد "غوغل" للجيش الإسرائيلي بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، تتضح صورة مقلقة لتأثيرها على سياسات هذه الشركات وتوجهاتها. ويُطرح تساؤلات جوهرية حول استقلالية هذه الشركات ومعاييرها الأخلاقية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة. 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق