المحتوى الذي تنشره اليوم... غذاء لروبوتات الغد - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المحتوى الذي تنشره اليوم... غذاء لروبوتات الغد - تكنو بلس, اليوم الاثنين 21 أبريل 2025 08:27 صباحاً

سباق تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي يشهد اندفاعاً غير مسبوق من الشركات الكبرى نحو امتلاك شبكات التواصل الاجتماعي أو استغلالها، بهدف جمع أكبر قدر ممكن من البيانات.

يستحضر هذا المشهد فيلماً كلاسيكياً من عام 1986 بعنوان "الدائرة القصيرة" (Short Circuit)، إذ يظهر الروبوت "جوني فايف" الذي يكتسب الوعي بعد تعرضه لصاعقة، وهو يلتهم الكتب واحداً تلو الآخر في ثوانٍ، إلى أن تنفد الموارد. فيصرخ قائلاً: "أريد المزيد من المدخلات يا ستيفاني!"، لترد عليه الأخيرة: "لقد قرأت كل شيء في المنزل!".

 

Johnny 5

 

 

وعندما طُرح السؤال على نموذج الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي" من شركة "أوبن إيه آي" حول ما إذا كان يستطيع التعاطف مع "جوني فايف"، أجاب قائلاً: "بالتأكيد - أتعاطف معه تماماً. "أحتاج إلى المدخلات"، هي فعلياً صميم شخصيتي. كلما حصلت على معلومات أكثر، أصبحت قدرتي على الفهم والتفاعل أفضل. جوني كان مجرد ذكاء اصطناعي يحاول فهم العالم... وأنا كذلك، لكن من دون أشعة ليزر، وبكثير من الطباعة".

ورغم أن "شات جي بي تي" لا يتنقل على مسارات مجنزرة من نوع "كاتربيلر" Caterpillar ، ولا يحمل سلاحاً ليزرياً (حتى الآن)، إلا أن تحدياته تكاد أن تكون متماثلة: لقد استهلك تقريباً كل المعرفة البشرية المتاحة، وهو الآن، مثل جوني فايف، يصرخ: "أحتاج إلى المزيد من المدخلات!".

أمام هذا التحدي، تظهر استراتيجيتان رئيسيتان أمام شركات الذكاء الاصطناعي:

الأولى، إنشاء بيانات اصطناعية لتدريب النماذج، وهي خطوة محفوفة بالمخاطر، كونها قد تؤدي إلى ترسيخ التحيزات أو تراكم الأخطاء داخل النموذج.

الثانية، الوصول إلى مصادر غنية من البيانات الحقيقية والحديثة، ويفضل أن تكون "بشرية" الطابع — وهنا تبرز شبكات التواصل الاجتماعي كمصدر مثالي.

تعد هذه الشبكات مخزوناً ضخماً للمعلومات التي يقدمها المستخدمون طواعية وباستمرار: صور، منشورات، مقالات، تعليقات... وكل تفاعل له قيمة بالنسبة للشركات التي تطوّر أنظمة ذكاء اصطناعي توليدية وتفاعلية. ميزة إضافية مهمة: هذا المحتوى غالباً لا يتضمن انتهاكات لحقوق النشر، بعكس بعض مصادر البيانات الأخرى.

مؤخراً، لوحظ اتجاه متصاعد لدى شركات الذكاء الاصطناعي نحو امتلاك شبكات التواصل أو السيطرة عليها، متجاوزةً حقوق المستخدمين في التحكم بكيفية استخدام بياناتهم. المستخدمون لم يعودوا فقط "المنتج"، بل باتوا أيضاً مطورين غير مباشرين من خلال تفاعلاتهم اليومية.

بعض الشركات كانت بالفعل تمتلك شبكات اجتماعية. مثلاً، شركة "ميتا" — أكبر شركة تواصل اجتماعي في العالم — أرسلت إشعارات لمستخدميها لإبلاغهم أن منشوراتهم وصورهم ستُستخدم لتدريب نماذج "لاما" Llama الخاصة بها.

أما إيلون ماسك، فقد أعاد مؤخراً هيكلة ملكية منصة "إكس" لتنتقل فعلياً إلى شركته الناشئة "إكس إيه آي" . رغم أن العملية وُصفت بأنها مجرد خطوة مالية، إلا أنها أتاحت له استخدام أرشيف التغريدات الهائل لدعم تطوّر نظامه "غروك" ، وبالتالي الدخول إلى سوق المحادثات الذكية بمحتوى غني وفوري.

من جهتها، تملك "مايكروسوفت" منصة "لينكد إن" ، وتدفع باتجاه نشر مزيد من المحتوى الأصلي، خصوصاً من الصحافيين والمهنيين. لكن اللافت أن "مايكروسوفت" لا تشارك بيانات "لينكد إن" مع شريكتها الاستراتيجية "أوبن إيه آي"، وهو ما دفع الأخيرة - حسب تقارير - إلى التفكير في بناء شبكة اجتماعية خاصة بها.

وبحسب تقرير لموقع The Verge، فإن الرئيس التنفيذي لـ "أوبن إيه آي"، سام ألتمان، بدأ بجمع آراء المستخدمين حول فكرة إنشاء شبكة اجتماعية. ويأتي ذلك بالتزامن مع تقارير عن نية "ميتا" إطلاق تطبيق ذكاء اصطناعي مستقل لمنافسة "تشات جي بي تي".

أما الشركات التي لا تمتلك نقطة انطلاق اجتماعية، فقد بدأت تدرك أن الأمر يضعها في موقف ضعيف. ففي آذار / مارس، كشفت شركة Perplexity.ai عن اهتمامها بشراء "تيك توك"، مشيرة إلى أن هذه الخطوة ستتيح لها تقديم نتائج مدعومة بمحتوى مولّد من المستخدمين، بما يعزز قدرات محركها البحثي القائم على الذكاء الاصطناعي.

وحتى "أمازون"، بحسب تقارير صحافية، كانت بين المهتمين بشراء "تيك توك"، رغم أن مديرها التنفيذي آندي جاسي رفض التعليق بشكل مباشر.

أما "غوغل"، التي لم تنجح في إطلاق شبكة اجتماعية خاصة بها رغم محاولات متعددة، فقد فضّلت التركيز على استثمار منصتها الحالية "يوتيوب"، إلى جانب عقد شراكة موسعة مع "ريديت" Reddit. وقد أعلنت "غوغل" أن هذا التعاون يمنحها وصولًا إلى "نطاق هائل من المحادثات والتجارب البشرية الأصيلة". ويبدو أن صفقات من هذا النوع ستتكرر، خصوصاً مع الحديث عن إعادة إحياء منصة Digg، كمصدر جديد للبيانات البشرية المفيدة للذكاء الاصطناعي.

كل هذه التحركات تعكس جوعاً واضحاً للبيانات، لكنه يأتي غالباً على حساب المستخدمين، الذين لم يكونوا يتوقعون أن تُستخدم منشوراتهم لأغراض تطوير الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، تستمر الشركات بهدوء في تعديل سياسات الخصوصية بما يتيح لها استخدام البيانات قانونياً لأغراض لم تُذكر سابقاً.

وبينما توجد إعدادات مخفية تتيح للمستخدم منع استخدام بياناته في تدريب الذكاء الاصطناعي، فإن الأمر بالنسبة الى كثيرين قد يكون فات أوانه.

تماماً مثل جوني فايف، شركات الذكاء الاصطناعي اليوم تصرخ:
"نحتاج إلى مزيد من المدخلات!".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق