فلسطين… عنصر فاعل في علاقة المصريين بحكومتهم؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فلسطين… عنصر فاعل في علاقة المصريين بحكومتهم؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 18 أبريل 2025 09:20 صباحاً

ثمّة تأثير نفسي للقضية الفلسطينية على علاقة المصريين بنظامهم الحاكم، يستدعي التأمل. برز هذا على نحو لافت مؤخراً، فرغم ارتفاع الأسعار وتزايد الضغوط الاقتصادية، إلّا أنّ موقف القيادة السياسية المصرية الرافض تهجيرَ سكّان قطاع غزة، طغى على ما دونه من مشكلات داخلية، ودفع كثيرين إلى إبداء الدعم والتأييد، وأحياناً الإعجاب الشديد بالرئيس عبد الفتاح السيسي، ومن ضمنهم معارضون له.

ومع اندلاع الحرب في قطاع غزة عام 2023، شهدت الأوضاع الاقتصادية في مصر مزيداً من التراجع، وقفز سعر الدولار مقابل الجنيه بنسبة كبيرة، ما ضاعف الضغوط الاقتصادية على المواطنين، ودفع قطاعات واسعة إلى التذمر، وحاولت جماعة "الإخوان المسلمين" وجهات أخرى تأجيج الغضب الشعبي، وتحويله إلى ثورة عارمة.

وبعد تولّي الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة، وإعلان خطته لتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" وتهجير سكانه، اتخذ النظام المصري موقفاً رافضاً لهذا الاقتراح، وتحرّك إقليمياً ودولياً لتقديم مخرج بديل، تمثّل في المبادرة المصرية- العربية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، ما حوّل حالة التذمّر، لتأييد للقيادة المصرية.

رفض الحرب... ونصر الإسرائيليين

ويقول أستاذ التاريخ الحديث والمؤرخ المصري الدكتور شريف يونس، في حديث مع "النهار" إنّ "المصريين لا يرغبون في دخول حرب مع إسرائيل، وهذا قرار له جذور تاريخية، ففي عام 1967، كانت هناك مشاعر سلبية تجاه توريط مصر في حرب مع إسرائيل. الدعاية الإعلامية المكثفة كانت تظهر تأييداً للصراع، إلّا أنّ المواطنين أنفسهم كانوا رافضين له". ويضيف: "حين ذهب الرئيس أنور السادات إلى القدس كان أكثر من نصف المثقفين ضدّه، لكن حين حدث استفتاء شعبي على معاهدة كامب ديفيد، جاء التصويت كاسحاً لصالح السلام".

ورغم رفض المصريين الحرب، يشير يونس إلى أنّ "وجود رغبة لديهم في عدم السماح لإسرائيل بتحقيق نصر على حساب الفلسطينيين، لذا فهم يقدّرون للرئيس السيسي أنّه تصدّى لمخطّط التهجير، لأنّ فيه إهانة للمصريين، بل وللعرب جميعاً".

ويؤكد يونس أنّ "بعض الأصوات لم يرَ مانعاً من قبول بعض سكان غزة في مصر، طالما أنّ هناك حوافزَ ماليةً تساعد على تجاوز الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها البلاد، ولكنّ هذه الأصوات تراجعت سريعاً، لأنّه بات هناك إدراك لمدى خطورة التهجير على الأمن القومي، بل وعلى الأمن الشخصي للمصريين".

 

قداسة ودماء
ويرى السياسي والنائب السابق محمد أبو حامد أن القضية الفلسطينية "اكتسبت صبغة دينية"، وهذا أضفى عليها "قداسة" روحية خاصة.

ويقول أبو حامد لـ"النهار": "بقيت القضية الفلسطينية مصبوغة بطابع ديني بالنسبة إلى أطراف الصراع كافة، ويضاف إلى هذا المشاهد المروعة للشهداء، خصوصاً الأطفال والنساء، وهي مشاهد يتمّ بثّها بكثافة، ما يستفزّ مشاعر العرب والمسلمين، ويستدرّ تعاطفهم".

وبحسب وجهة نظر السياسي المصري فإنّ "أيّ موقف داعم للفلسطينيين، سواء بالمساعدات الإنسانية، أو الدعم السياسي، يترك انطباعاً إيجابياً لدى المواطنين".

ويضيف أنّ "تيارات الإسلام السياسي تدرك هذا، لذا تستغلّ القضية في تشويه النظام المصري والسعودي والإماراتي، وأيّ نظام ترغب في الإضرار به"، موضحاً أنّهم "يقومون بالتشنيع والافتراء، ويروجون أخباراً مضللة تدّعي أنّ تلك النظم لا تقدم الدعم للفلسطينيين، أو ترفض إدخال المساعدات إليهم، وما إلى ذلك".

أداة ضغط
ويرى المحلل السياسي الدكتور محمد الطماوي إنه لا يمكن إنكار حجم التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، ويقول لـ"النهار": "لا شك أن جانباً كبيراً من الضغوط التي تواجهها مصر يعود لقوة الموقف المصري، ورفضه أن يكون أداة في ترتيبات مشبوهة لإعادة رسم خريطة المنطقة على حساب الحقّ الفلسطيني والسيادة المصرية".

ويضيف الطماوي: "هذا الموقف الصلب، جاء نتيجة رؤية استراتيجية واعية، اختارت القيادة السياسية أن تتحمل كلفتها بثبات، وهو ما زاد من التفاف الشعب حولها".

ويعتقد أن هذا "جعل حملات التشويه والتضليل التي تزعم – زوراً – أن مصر تمنع دخول المساعدات إلى غزة، بينما الواقع يؤكد أن مصر تتحمل العبء الأكبر، وتتحمل أكثر من 70 بالمئة من تلك المساعدات".

ويرى المحلل السياسي أنّه "في ظلّ هذه الأكاذيب، يواصل الشعب المصري دعمه لقيادته، إيماناً بوحدة المصير، ورفضاً للابتزاز، واعتزازاً بموقف وطني صلب، لا يحيد عن الحقّ ولا ينحني أمام الضغوط".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق