القاهرة (خاص عن مصر)- شهد سوق العقارات في دبي أداءً متميزًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 70% خلال السنوات الأربع الماضية.

ساهم هذا النمو الملحوظ في ترسيخ مكانة الإمارة كواحدة من أكثر أسواق العقارات ازدهارًا على مستوى العالم، جاذبةً بذلك المستثمرين الأثرياء من جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يواجه هذا النمو الآن تحديات كبيرة، حيث تُهدد عوامل خارجية، لا سيما رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية وانخفاض أسعار النفط، بتقويض استقرار السوق.

وفقا لتقرير بلومبرج، أدت الاضطرابات الاقتصادية العالمية الأخيرة، التي غذّاها تصاعد التوترات التجارية وقرار أوبك+ بزيادة إمدادات النفط، إلى انخفاض أسعار النفط الخام إلى ما دون 65 دولارًا للبرميل.

أثار هذا مخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية لدول الخليج المنتجة للنفط، بما في ذلك دبي، التي لطالما ارتبط سوقها العقاري بتقلبات أسعار النفط. مع انخفاض أسعار النفط، يُحذّر العديد من المحللين من أن قطاع العقارات المزدهر في دبي قد يشهد تباطؤًا، لا سيما مع تزايد حالة عدم اليقين التي تُحيط بالاستثمار الدولي، وهو محرك رئيسي للنمو.

تأثير انخفاض أسعار النفط على سوق دبي

لطالما عكست أسعار العقارات في دبي تقلبات سوق النفط العالمية. ففي الماضي، شهد سوق العقارات انخفاضات كبيرة في عامي 2014 و2020 مع انهيار أسعار النفط.

يخشى الخبراء من أن تُواجه الإمارة تداعيات مماثلة مع اقتراب أسعار النفط من 60 دولارًا للبرميل، مع احتمال تقليص الإنفاق الحكومي ومشاريع البناء. وستؤدي هذه التخفيضات إلى انخفاض فرص العمل للوافدين الذين لطالما شكّلوا العمود الفقري لازدهار سوق العقارات في دبي، مما يُضعف الطلب على العقارات الفاخرة.

يُشير محمد علي ياسين، الرئيس التنفيذي لشركة أوراكل للاستشارات المالية والاستثمارات، إلى أن انخفاض أسعار النفط وانخفاض الإنفاق الحكومي سيؤديان على الأرجح إلى انخفاض النشاط الاقتصادي وفرص العمل في المنطقة.

نظراً لارتباط ثروات دبي ارتباطاً وثيقاً باقتصادات الدول المجاورة الغنية بالنفط، وخاصةً المملكة العربية السعودية، فإن أي ضغط مالي على السعودية قد يؤثر سلباً على سوق العقارات في دبي. ومع توقع ارتفاع عجز الموازنة السعودية بشكل كبير، قد يؤثر ذلك سلباً على مشاريع البناء والتوظيف في كلا البلدين.

دور الاستثمار الأجنبي في سوق العقارات في دبي

يعود ارتفاع أسعار العقارات في دبي بشكل كبير إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية، حيث توافد الأثرياء، بمن فيهم الروس الساعون لحماية أصولهم وأصحاب الملايين من العملات الرقمية، إلى المدينة. ومع ذلك، فإن مشهد الاستثمار الدولي يزداد تقلباً بسبب التوترات الاقتصادية العالمية.

يشير تيمور خان، رئيس قسم الأبحاث في شركة جيه إل إل للخدمات العقارية، إلى أن سوق العقارات في دبي، الذي يعتمد بشكل كبير على الاستثمار الدولي، معرض لخطر تراجع الأصول العالمية. ومع تزايد حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية، قد يتردد المستثمرون المحتملون في المضي قدماً في مشاريعهم العقارية في دبي.

اقرأ أيضًا: شركات الاستحواذ تلجأ لصناديق الثروة بالخليج كمستثمرين موثوقين وسط الحرب التجارية

العوامل المخففة ومرونة سوق دبي

على الرغم من التحديات، لا يزال بعض المحللين متفائلين بشأن سوق العقارات في دبي. ويشير محمد بن غاطي، رئيس مجلس إدارة شركة بن غاطي للعقارات، إلى أن المطورين في المدينة ما زالوا قادرين على بيع العقارات بسرعة، حتى في ظل تقلبات السوق الحالية.

علاوة على ذلك، يشير لويس هاردينغ، الرئيس التنفيذي لشركة بيتر هومز، إلى أن سوق العقارات في دبي أصبح أكثر مرونة بفضل السياسات الحكومية، مثل التأشيرات الذهبية طويلة الأجل، التي تشجع المغتربين على البقاء في الإمارة حتى خلال فترات الركود الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، وفّر ضعف الدولار الأمريكي بعض الراحة للمشترين الأجانب، نظرًا لارتباط عملات الخليج بالدولار. وقد أدى الانخفاض الأخير بنسبة 2.4% في مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري إلى جعل شراء العقارات في دبي أكثر سهولة للمستثمرين الدوليين، مما أضاف دعمًا للسوق.

شكوك وضغوط محتملة

في حين أن التوقعات قصيرة الأجل لسوق العقارات في دبي لا تزال غامضة، إلا أن هناك العديد من الضغوط المحتملة الأخرى التي قد تؤثر على السوق.

يحذر تيمور خان من أن تخفيضات قيمة العملات استجابةً للرسوم الجمركية قد تضع دول الخليج في موقف غير مواتٍ. في ظلّ غموض المشهد العالمي الحالي، تُخيّم تقلبات أسعار النفط والأسواق المالية العالمية على آفاق سوق العقارات في دبي.

يجد سوق العقارات في دبي، الذي ازدهر بفضل الاستثمار العالمي والدعم الحكومي القوي، نفسه الآن عند مفترق طرق. وبينما لا تزال آفاق الإمارة على المدى الطويل واعدة، لا سيما في ظل سياساتها الاستراتيجية وديناميكيات صرف العملات الأجنبية المواتية، لا يزال المستقبل القريب غامضًا.

مع استمرار ظهور آثار التوترات التجارية العالمية وتقلبات أسعار النفط، سيعتمد الفصل التالي من ازدهار سوق العقارات في دبي على قدرته على التكيف مع الوقائع الاقتصادية العالمية المتغيرة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط