نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أميركا وإيران حرب أم سلام؟ - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 01:54 صباحاً
لا أحد يرغب في الحرب، ولكن كيف نصل إلى السلم؟ السبت الثاني عشر من نيسان / أبريل وما بعده من أيام هي أيام مفصلية. اليوم الذي التقى فيه وفد رفيع إيراني مع وفد رفيع أميركي. الطرف الإيراني يقول إن المباحثات من خلال طرف ثالث، والأميركي يصر على أنها وجهاً لوجه. كل يبيع السردية لجمهوره الخاص، ولكن الحقيقة أنهما يلتقيان.
ربما نتيجة اللقاء لن تظهر بسرعة، تحتاج إلى أسابيع أو أشهر، إلا أن الواقع أن هناك انعطافة إيرانية من شعار "الشيطان الأكبر" إلى "الجلوس إلى مائدة واحدة" معه، لتقسيم الأدوار وحساب الأرباح والخسائر.
هناك بعض الحقائق التي انهال عليها التراب السياسي بكثافة، أولها السردية الإيرانية التي اعتمدتها إيران للعداء مع أميركا والتي تقول إن إفشال ثورة محمد مصدق في عام 1953 في إيران كان بسبب تدخل أميركا، وهذه ليست الحقيقة التاريخية المطلقة. الحقيقة كما ثبتت من الوثائق التي نشرت لاحقاً، أن المخابرات البريطانية والأميركية حاولت إفشال مصدق، ولكنها فشلت. الذي أفشل ثورة مصدق هم ياللعجب رجال الدين الإيرانيون وقتها بقيادة أبو القاسم الكاشاني، والذي ناصر مصدق في بداية الأمر، ثم انقلب عليه لشهية في المشاركة في الحكم، فألّب عليه العامة تحت ذريعة أن إيران سوف يحكمها الشيوعيون، وهكذا قام العامة بإفشال مشروع محمد مصدق، وعودة الشاه، الذي كان قد هرب إلى بغداد أولاً ثم الى روما. ذلك ظهر في دراسة موسعة في مجلة "الفورين أفيرز" الشهيرة للكاتب جميس رايزن، في عدد الخريف عام 2000، حيث توافرت له معظم الوثائق الخاصة بتلك المرحلة.
على تلك السردية الخطأ بنت ثورة الخميني عداءها لـ"الشيطان الأكبر"، والحقيقة أن ذلك العداء ذريعة لتوسع إمبراطوري إيراني تاريخي في الجوار .
واستطاعت الثورة الإيرانية (الخمينية) تحت تلك الذريعة أن تجد لها مناصرين وأذرعاً في كل من لبنان واليمن وسوريا وأخيراً العراق، بعد الإطاحة بالنظام السابق، إلا أن الأهم هي ذراعها الفلسطينية، التي بدأت بحركة "فتح"، فكان هناك تعاون وثيق بين قوات "فتح" في جنوب لبنان وعدد من الإيرانيين تم تدريبهم في تلك المعسكرات، إلا أنه بعد الثورة، كان شهر العسل بين "فتح" والثورة الإيرانية قصيراً، أخذت بعده تفتش عن حليف فكانت "حماس".
في بداية العشرية الثالثة من القرن الحادي والعشرين، حلا لبعض القادة الإيرانيين أن يعلنوا أن أيديهم قابضة على أربع عواصم عربية، وكان لهذا المشروع أن يستمر ويثمر، ثم جاءت مغامرة 7 تشرين الأول / أكتوبر الحماسية في غزة، وهي مشروع إيراني، أريد به أولاً إظهار القوة والسيطرة، والثاني تعطيل أي توجه آخر، بخاصة بعد اتفاق الدول العشر في اجتماع دلهي على إنشاء مشروع الخط الأخضر في كانون الثاني / يناير 2023.
ما أريد له أن يكون مشروعاً تعطيلياً وتوسعياً، انقلب على نفسه، لأسباب عملياتية. كان الحساب فيها أيديولوجياً، ولم يكن سياسياً أو فهماً لتوازن القوى، تحت شعار "جبهة المقاومة"، ومنها "جبهة المساندة" إلى آخر التسميات، والتي أدت سريعاً إلى فشل أو شل عدد من الأذرع في كل من لبنان وسوريا، ونزيف فلسطيني هائل في غزة. بقي الحوثي في جبال اليمن يصيح "الموت لأميركا" حتى جاء دوره في الأسابيع الأخيرة، فتم إلقاء عشرات ألوف الأطنان من القنابل على كل متحرك في اليمن، والمتحدث العسكري يصيح أن "مسيرات استهدفت ترووو مين"! ولم يقل له أحد كيف ينطق اسم حاملة الطائرات تلك!
من هنا جاءت الانعطافة الإيرانية، بعد اشتباك قصير لمرتين مع إسرائيل، والتي تبين أن ميزان القوة ليس في طاقة احتمال إيران المتعبة من المقاطعة.
تُرك "حزب الله" اللبناني يواجه مصيره، والحوثي يئن من الضربات، وثمة حديث عن تجريد الأذرع في العراق من السلاح، ونجت سوريا بكاملها من المأزق. لم يبق شيء في المشروع الذي أريد له التمدد بالقوة، فلم يبق إلا إنقاذ ما يمكن إنقاذه ببدء المحادثات "المحرمة" في السابق.
لقد صرفت إيران بلايين الدولارات على مشروعها، وسممت الفضاء في الجوار، وأفقرت الإيرانيين، فهل تنقلب الواقعية على الأيديولوجيا، أم لا يزال الطريق طويلاً إلى السلام؟ سوف ننتظر ونرى.
0 تعليق