اكتشاف شجرة تزدهر عندما تضربها الصاعقة.. خصائصها خارقة - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اكتشاف شجرة تزدهر عندما تضربها الصاعقة.. خصائصها خارقة - تكنو بلس, اليوم الاثنين 14 أبريل 2025 07:23 مساءً

في السابق، كان ينظر إلى نجاة شجرة من ضربة برق على أنها حالة استثنائية، أما السيناريو الأكثر شيوعا، فكان تحطم الشجرة وتفتتها. ولكن مع توسع نطاق الأبحاث العلمية ليشمل مناطق بكر مثل غابات الأمازون المطيرة، وجمع بيانات حول أنواع نباتية جديدة، بدأت تظهر نظريات تشير إلى إمكانية وجود أشجار تتمتع بمقاومة للبرق. ومع ذلك، لم يتم العثور على دليل قاطع يدعم وجود هذه "الأشجار الخارقة".

الآن، عثر العلماء على اكتشاف مدهش يتعلق بنوع فريد من الأشجار. هذا النوع لا يتمتع بقدرة استثنائية على النجاة من ضربات البرق القوية فحسب، بل يبدو أنه ينمو ويزدهر كنتيجة مباشرة لهذه الظاهرة الطبيعية العنيفة.

وفي التقرير التالي، نستعرض معكم أهم المعلومات والحقائق عن أشجار ديبتيركس أوليفيرا.

ما هي شجرة ديبتيركس أوليفيرا؟

في عام 2015، وبينما كان إيفان غورا، الباحث المتخصص في بيئة الغابات في معهد كاري لدراسات النظم البيئية، يجري أبحاثا في بنما، لفت انتباهه مشهد فريد من نوعه. فقد لاحظ شجرة من نوع ديبتيركس أوليفيرا نجت بأعجوبة من ضربة صاعقة قوية، ولم تتضرر إلا بشكل طفيف للغاية.

وعلى النقيض من ذلك، تم تدمير العشرات من الأشجار الأخرى المحيطة بها. بعد دراسة هذا الحدث الاستثنائي، توصل العلماء إلى استنتاج مفاده أن شجرة ديبتيركس أوليفيرا تتمتع بقدرة فائقة على تحمل ضربات الصواعق، بل والأكثر من ذلك، يبدو أنه يجذب البرق بشكل فعال، ويستخدم قوته التدميرية في القضاء على الأشجار المحيطة به.

من خلال هذه الآلية الغريبة، يستطيع هذا النوع من الأشجار الاستحواذ على جميع مصادر ضوء الشمس والعناصر الغذائية المتاحة في محيطه، مما يمنحه ميزة تنافسية في النظام البيئي.

كيف تقاوم شجرة ديبتيركس أوليفيرا البرق؟

خلال استكشافاتهم المتعمقة لغابات بنما، لاحظ غورا وفريقه وجود أشجار أخرى من نوع ديبتيركس أوليفيرا، المعروفة محليا باسم أشجار الألمندرو، والتي بدت في حالة جيدة، وازدهرت حتى بعد تعرضها لضربات الصواعق، على عكس الأنواع الأخرى من الأشجار التي كانت تنفق عادة في مثل هذه الحالات.

عززت هذه الملاحظات المتكررة اعتقادهم بوجود خاصية مميزة لدى هذا النوع من الأشجار، ولكنهم سعوا إلى إثبات ذلك علميا وبشكل منهجي. ولتحقيق هذا الهدف، استخدم الفريق نظاما متخصصا لتحديد مواقع الصواعق، وتمكنوا من تتبع مصير 93 شجرة تعرضت للصواعق في محمية بارو كولورادو الطبيعية، من بينها 9 شجرات فقط من نوع ديبتيركس أوليفيرا.

قام الباحثون بقياس عدة عوامل على مدى فترة تتراوح بين سنتين وست سنوات، شملت معدل بقاء الأشجار على قيد الحياة، وحالتها الفيزيائية، ومستوى النشاط الطفيلي عليها. بالإضافة إلى معدل نفوق النباتات المحيطة بها. وقد أسفرت هذه الدراسة عن نتائج مذهلة.

في ورقة بحثية حديثة نشرت في مجلة "نيو فايتولوجيست" العلمية المرموقة، أوضح غورا وفريقه أن جميع أشجار ديبتيركس أوليفيرا التسع التي شملتها الدراسة قد نجت من ضربات الصواعق بأقل قدر من الأضرار.

وعلى النقيض من ذلك، عانت الأشجار الـ 84 الأخرى من أضرار جسيمة، حيث نفقت نسبة 64% منها خلال عامين فقط، كما فقدت جميعها تقريبا ما يقارب ستة أوراق إضافية من تيجانها. هذه النتائج تقدم دليلا علميا قويا على قدرة شجرة ديبتيركس أوليفيرا الاستثنائية على مقاومة تأثيرات الصواعق المدمرة.

كيف تستفيد شجرة ديبتيركس أوليفيرا من البرق؟

لا تقاوم هذه الأشجار صواعق البرق فحسب، بل تستفيد منها بشكل ملحوظ. فمن خلال تحليل دقيق، تبين أن ضربة برق واحدة لهذه الأشجار غالبا ما تؤدي إلى هلاك ما يقارب تسع أشجار مجاورة، حيث تنتقل الشحنة الكهربائية عبر التلامس بين الأغصان أو النباتات المتسلقة أو حتى الفراغات الصغيرة بين الأشجار المتجاورة.

ولكن المفاجأة الأكبر كانت اكتشاف الباحثين أن صواعق البرق تحمل فائدة غير متوقعة لأشجار ديبتيركس أوليفيرا نفسها. فقد وجدوا أن هذه الصواعق تساهم في تخليص الأشجار من حوالي ثمانية وسبعين بالمائة من النباتات المتسلقة الطفيلية التي تعيق نموها، مما يتيح لها الحصول على قدر أكبر من ضوء الشمس والمغذيات الضرورية لنموها وازدهارها.

وقد صاغ غورا وزملاؤه هذه النتيجة اللافتة قائلين: "تقدم هذه البيانات أول دليل قاطع على أن بعض أنواع الأشجار تستفيد بالفعل من تعرضها لضربات البرق. ويبدو أن التعرض لصاعقة برق بالنسبة لشجرة ديبتيركس أوليفيرا أفضل من عدم التعرض لها".

خصائص شجرة ديبتيركس أوليفيرا

يرجح الباحثون أن شجرة ديبتيركس أوليفيرا قد طورت على مر العصور خصائص تجعلها أكثر عرضة لجذب البرق. وفي السطور التالية، نستعرض معكم خصائصها الغريبة والمميزة عن أي شجرة أخرى.

ارتفاع شاهق

تتميز هذه الأشجار بارتفاع شاهق وتاج عريض بشكل استثنائي، مما يجعلها تعمل بمثابة مانعة صواعق طبيعية.

تقاوم البرق بطريقة مذهلة

تشير التقديرات إلى أن احتمالية تعرضها للبرق تزيد بنحو ثمانية وستين بالمائة مقارنة بالشجرة العادية. ونظرا لمتوسط عمرها الطويل الذي يقارب ثلاثمائة عام، فإن العديد من أشجار ديبتيركس أوليفيرا تتعرض لعدة صواعق خلال دورة حياتها، بمعدل مرة واحدة كل ستة وخمسين عاما تقريبا.

وبينما قد يعتبر النجاة من صاعقة واحدة أمرا نادرا، فإن بقاء الشجرة على قيد الحياة بعد ست صواعق أو أكثر يعد أمرا لافتا للنظر. وقد شهدت الدراسة حالة فريدة لإحدى أشجار ديبتيركس التي تعرضت لصاعقتين في غضون خمس سنوات فقط، ومع ذلك استمرت في النمو والازدهار.

تجذب البرق

الأكثر غرابة، هو أن الأشجار التي تنمو على مقربة من نوع ديبتيركس أوليفيرا تواجه خطرا أكبر بكثير، حيث تزيد احتمالية موتها بنسبة 48% مقارنة بالأشجار التي تنمو بعيدا عنها.

يستنتج غورا من هذه الملاحظة أن هذه الشجرة قد تكون قادرة على جذب ضربات البرق بشكل مقصود بهدف القضاء على منافسيها من الأنواع الأخرى، وبالتالي تهيئة أفضل الظروف لنموها وازدهارها.

في النهاية، وعلى الرغم من هذه الملاحظات المدهشة، لا يزال العلماء يسعون لفهم الآلية الدقيقة التي تمكن هذا النوع الاستثنائي من الأشجار من النجاة من ضربات البرق القاتلة التي تقضي على جميع الأشجار المحيطة بها.

ومع ذلك، يرجح الباحثون أن الموصلية العالية لهذه الأشجار قد تلعب دورا في قدرتها على تحمل الصواعق. بالإضافة إلى ذلك، يبدي العلماء اهتماما بدراسة أنواع أخرى من النباتات التي قد تمتلك خصائص مماثلة، بهدف الكشف عن أسرار هذه الظاهرة الطبيعية الفريدة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق