نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تباين إسرائيلي - أميركي حيال الاتفاق النووي... هل توافق واشنطن على ما يهدّد أمن تل أبيب؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 14 أبريل 2025 06:59 صباحاً
تباين ملحوظ في المواقف ساد واشنطن وتل أبيب حيال المفاوضات النووية مع طهران. وإذ أبدت الأولى انفتاحها على محادثات قد تنتج اتفاقاً جديداً، كانت الأخرى أكثر تطرفاً، وأيّدت اتجاهاً آخر يقضي بتوجيه ضربة عسكرية تخرج من خلالها البرنامج النووي عن الخدمة، كما فعلت مع "حزب الله" و"حماس" اللذين اعتمدت معهما الحلول العسكرية لتفكيك ترسانتيهما.
الاختلاف السياسي لم ينحسر أو يذلّل، وإسرائيل لم تتراجع عن اتجاهاتها المتطرفة حتى حينما أيّدت المفاوضات على أساس تفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، أي اعتماد النموذج الليبي، فيما الولايات المتحدة استمرت في خطط التفاوض مع إيران من دون شروط مسبقة مرتبطة بالرؤية الإسرائيلية، مع التأكيد على منع إيران من امتلاك قدرات نووية عسكرية.
الرفض الإسرائيلي ينطلق من نقطتين. الأولى هي الخطر العسكري، ووفق التقديرات الإسرائيلية، فإن أي اتفاق لا يفكّك برنامج إيران النووي سيشكّل خطراً نووياً على إسرائيل، وأي اتفاق ترفع بموجبه العقوبات عن إيران سيسمح لها بإعادة تنشيط جماعاتها في المنطقة، والتي عملت إسرائيل طوال سنة ونصف السنة على إضعافها.
النقطة الثانية محكومة بحسابات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فالأخير الذي يختبر مرحلة سياسية دقيقة جداً في مسيرته الطويلة، قد يواجه خطر الخروج من اللعبة السياسية في حال انتهاء حرب غزّة، ومن خلفها حرب إسرائيل مع جماعات إيران، وبدء مرحلة التسويات بين الولايات المتحدة وإيران، ويريد استمرار حالة الحرب لضمان مستقبله السياسي.
هذا التباين فتح الباب على مجموعة من الأسئلة، هل فعلاً تجد إسرائيل في أي اتفاق نووي يسمح لإيران بالاستمرار في التخصيب ولو بنسبة معينة وتحت رقابة دولية وبإعادة تمويل نفسها، خطراً عليها؟ وهل تتجه الولايات المتحدة إلى اتفاق قد يشكّل خطراً على إسرائيل؟ أم أن السلطة الإسرائيلية تعمل وفق حسابات سياسية فئوية مرتبطة بمستقبل نتنياهو؟
الأكاديمي والأستاذ في الجامعة الأميركية في واشنطن د. إدموند غريب يؤكّد أن الولايات المتحدة "لا يمكن أن توافق" على أي اتفاق "يهدّد" أمن إسرائيل، وباعتقاده، فإن الاتفاق المحتمل هدفه حماية الأخيرة ومنع إيران من تطوير سلاح نووي، والاتفاق السابق عام 2015 حمل الغاية نفسها، لكن التباين موجود لأن إسرائيل تفضّل الحلول العسكرية وترفض فكرة العودة إلى اتفاق 2015 أو ما يشبهه.
نتنياهو وترامب أمام البيت الأبيض (أ ف ب).
يتحدّث غريب لـ"النهار" عن المخاوف الإسرائيلية ووجهة النظر التي تنتطق منها، ويشير إلى أن الداخل الإسرائيلي يعتبر أن إيران "تلعب بالوقت" من خلال المفاوضات والاتفاقات لتطوير ترسانتها النووية والعسكرية، وفي رأي خبراء، فإن إسرائيل ترفض العودة الى تجربة اتفاق 2015 الذي سمح لإيران بالتوسّع أكثر وتقوية جماعاتها انطلاقاً من قاعدة "النفوذ في مقابل وقف التخصيب".
لكن غريب يجيب عن سبل حماية الولايات المتحدة لإسرائيل من خلال الاتفاق مع إيران، ويقول إن واشنطن تريد أن تخفض طهران نسبة تخصيب اليورانيوم وتشديد الرقابة الدولية على النشاط النووي وتفكيك القدرات الصاروخية، ولاسيما منها الفرط صوتية، وتفضّل الحلول السياسية على الحلول العسكرية التي تترتب عنها عواقب سياسية وعسكرية واقتصادية "وخيمة".
أما في ما يتعلق بالنفوذ الإيراني في المنطقة، فإن الولايات المتحدة تعي أن التغيّرات الاستراتيجية التي حصلت من سقوط نظام بشار الأسد مروراً بإضعاف "حزب الله" وصولاً إلى شبه تدمير "حماس"، لن تسمح لإيران بإعادة بسط نفوذها، خصوصاً أنها خسرت بالجغرافيا طرق الإمداد، ثم أن للولايات المتحدة مصلحة باستمرار وجود تهديد نسبي لإسرائيل لضمان النفوذ عليها.
ولا يغفل غريب عن الأسباب الفئوية التي تقف وراء إصرار نتنياهو على الحلول العسكرية، ويلفت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى الى ضمان مستقبله السياسي، كونه على يقين أنّه سيدفع أثماناً باهظة على المستويين القضائي والسياسي بعد انتهاء الحروب، ولهذا السبب عاد إلى حرب غزّة ويصر على ضرب إيران، بهدف الخروج من الحروب بصورة نصر "كبيرة".
في المحصلة، فإن التباين الإسرائيلي – الأميركي سيبقى موضعياً ومن غير المرتقب أن يؤثر على مسار التفاوض الأميركي – الإيراني، وإن كانت إسرائيل ستسعى جاهدة من خلال كل الأساليب المتاحة إلى تفخيخ المفاوضات وإقناع العقل السياسي في الولايات المتحدة بالحلول العسكرية بدل السياسية، والكرة في ملعب البيت الأبيض.
0 تعليق