نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين دمشق وأنقرة وواشنطن: الأكراد بيضة القبان في معادلة النفوذ السوري - تكنو بلس, اليوم الاثنين 14 أبريل 2025 06:59 صباحاً
استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس الماضي، للمرة الأولى، وفد حزب "ديم" الموالي للأكراد في تركيا والوسيط بين الدولة وزعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، منهياً بذلك التوقّعات التي تحدّثت عن تعليق "مسار الحل" على خلفية الاحتجاجات الشعبية.
ورغم تصاعد الغضب الشعبي على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول الكبرى أكرم إمام أوغلو، وانخراط الأكراد والأحزاب اليسارية المؤيدة للقضية الكردية في التظاهرات بشكل فعّال، إلا أن زعيم حزب "الحركة القومية" دولت بخجلي نجح في إبقاء ملف "مسار الحل" في جدول أعمال السياسة الداخلية التركية، عبر المقال الذي كتبه والتصريحات التي أدلى بها من سريره داخل المستشفى.
التعديل الدستوري مفتاح لحل طويل الأمد
يمكن اعتبار اعتقال رئيس بلدية إسطنبول بتاريخ 19 آذار/ مارس نقطة تحول مهمة في ديناميكيات مسار السلام بين الدولة التركية والأكراد، لكن حالة التجميد أو التعليق الفعلي للمسار بدأت عملياً بعد تصريحات أوجلان التي أطلقها في 27 شباط/ فبراير، عندما أعلن حزب العمال الكردستاني عن وقف النار بداية آذار/ مارس، من دون أن يلقى الإعلان تجاوباً من الحكومة التركية على شكل اتخاذ الخطوات الممهدة لاستكمال مسار السلام.
وفي مقاله الأخير في صحيفة "ترك غون" التابعة لحزب "الحركة القومية"، أشار بخجلي إلى أبرز ملامح المرحلة المقبلة في تركيا، مؤكداً عدم وجود تغيير في نظام الحكم الرئاسي، لكنّه ركّز على ضرورة اتخاذ خطوات لإعادة التأسيس لاستقلالية القضاء، وإجراء تعديلات دستورية.
طروحات بخجلي، اليميني المتطرف، جاءت متناغمة إلى حد كبير مع مطالب أوجلان، حين أشار الزعيم التركي إلى تلازم مسار تخلّي حزب العمال الكردستاني عن سلاحه وتفكيك نفسه على المدى البعيد مع إصلاحات شاملة على الصعيدين السياسي والاقتصادي والاجتماعي على المدى القريب والمتوسط، وعلى رأس هذه الإصلاحات التعديل الدستوري.
وبحسب بخجلي، فإنه بناء على ما قاله أوجلان في ندائه بعدم وجود "مطلب يتعلق بسياسات ثقافوية"، فإن الخطوات التي ستتخذها الدولة يجب أن تكون على أساس إنساني لا عرقي، ويجب أن تشمل الجميع، إذ إن "كل من يحمل جنسية الجمهورية التركية يتمتع بحقوق وواجبات متساوية".
وتشير هذه المقاربة إلى تغير عقيدة الدولة القائمة منذ تأسيسها على مبدأ "كل من يحمل جنسية الجمهورية التركية هو تركي"، في نتيجة نهائية تتطابق مع المطالب الكردية وغيرها من الأقلّيات في البلاد، وحتى في سوريا لناحية مبدأ المواطنة، إلى جانب خطوة تعديل وثيقة الأمن القومي أو ما يعرف بالكتاب الأحمر قبل أشهر، حين أجريت إعادة نظر في الجهات والتهديدات المتربّصة بالدولة التركية.
أردوغان مستقبلاً وفد حزب
واشنطن ترعى التوازنات: لا حل دون مشاركة "قسد"
في الجوهر لا يمكن الفصل بين تطورات مسار السلام في تركيا عن الاتّفاق الموقع بين رئيس السلطة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية (قسد) مظلوم عبدي في دمشق، في 10 آذار/ مارس الماضي، والتي أعقبتها مكالمة هاتفية بين أردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترامب، قبل زيارة وزيرة الخارجية هاكان فيدان إلى واشنطن.
ومنذ أيام، استخدم الرئيس التركي مصطلح "قسد المزعومة" للمرة الأولى، بعد سنوات من تسميتها "وحدات حماية الشعب الإرهابية" التابعة "لحزب العمال الكردستاني الإرهابي".
يشير هذا النهج إلى تسارع الخطوات العملية التركية للاعتراف غير المباشر بإدارة روج آفا الذاتية عبر دمشق، من خلال آلية بمحورين: الأول في شمال شرق سوريا، والثاني بنزع سلاح حزب العمال الكردستاني في المنطقة.
حتى الآن، تسير العلاقة بين دمشق والأكراد في سوريا بتصاعد إيجابي، رغم عدم التوصّل إلى حلول جذرية للخلافات العميقة العالقة، مع غياب الاتّهامات أو الانتقادات المتبادلة على المستوى الرسمي بين الجانبين، صاحب ذلك تراجع في التصريحات التركية التي كانت تصر سابقاً على عدم الاعتراف بالإدارة الذاتية والمطالبة المتكررة "لكل الجماعات الإرهابية بحل نفسها".
وبالنظر إلى الدور الأميركي، يمكن اعتبار المجازر التي تعرّض لها العلويون في الساحل السوري نقطة تحول مهمة، خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار أن استمرار النفوذ والمصالح التركية في سوريا يرتبط بشكل مباشر ببقاء الشرع وفريقة في السلطة.
واشنطن، التي لم تقبل الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة حتى الساعة، ولا تزال تبقي على العقوبات، فرضت وساطتها بين الأكراد ودمشق من جهة، والأكراد وتركيا من جهة أخرى، في جهود مستمرة توجّت بالتوصل إلى اتّفاق وقف نار في منطقة سد تشرين، التي تسلّمتها دمشق، دافعة أنقرة نحو اتّخاذ خطوات غير مباشرة للاعتراف بالإدارة الذاتية، نتيجة للضغوط المتزايدة على دمشق بعد المجزرة، إلى جانب ملفات جيوسياسية تخص إيران وزيارة ترامب المتوقعة إلى السعودية.
هذا الاتّفاق يمنح أنقرة هامشاً أوسع للتحرّك في الشمال السوري ووسطه، فيما ضاقت هذه الهوامش جنوباً بفعل العامل الإسرائيلي، في مقابل بحث روسيا بشكل جدي عن نفوذ لها في الساحل السوري من بوابة حماية الأقلّيات في المنطقة وموازنة الوجود التركي في سوريا.
إسرائيل وتركيا في سباق النفوذ: من يملك مفاتيح الساحل السوري؟
تشير خريطة النفوذ في سوريا إلى منافسة بين تركيا وإسرائيل، القوّتين الإقليميتين الوحيدتين اللتين تمتلكان قوات عسكرية كبيرة على الأرض، وكلاهما حليف للولايات المتحدة، ورغم تصاعد التوترات على خلفية قصف إسرائيل لقاعدة "تي 4" الاستراتيجية، إلا أن لقاء ترامب الأخير مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضوي كشف بوضوح أن إسرائيل تحظى بامتيازات، لكنها ليست بلا حدود، وهذا ينطبق على باقي الحلفاء أيضاً.
وستساهم لقاءات أذربيجان بين الوفدين التركي والإسرائيلي في تخفيف عدوانية إسرائيل على خلفية محاولة تركيا توسيع نفوذها جنوباً، خارج مناطقها التقليدية في الشمال، وسعيها الى السيطرة على المجال الجوي السوري بالتوازي مع إنشاء منطقة عازلة يشكّل مطار الضمير العسكري مركزها، حيث تحرّكت قوات عسكرية سورية تابعة لواشنطن في قاعدة التنف للتمركز فيه بالتزامن مع أنباء عن عزم الأخيرة على تحويل المطار إلى قاعدة عسكرية أميركية.
كل ما سبق، يؤكد استمرار الدعم الأميركي لـ"قسد" حتى وإن اتخذ ترامب قراراً بسحب قوّاته خلال العام المقبل، وذلك لاعتبار الولايات المتحدة الأكراد عنصر توازن مهماً في علاقاتها مع حلفائها.
0 تعليق