كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن خطة طموحة تهدف إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2027، مقابل حوالي 260 مليار دولار في نهاية العام الماضي. ويمثل هذا زيادة تصل إلى نحو 54% مقارنة بما تحقق في 2024. وجاء هذا الإعلان خلال اللقاء السنوي مع رجال الأعمال في الجزائر، حيث سلط تبون الضوء على الخطط الاقتصادية الطموحة التي من شأنها تعزيز الاقتصاد الوطني في السنوات المقبلة.

موازنة 2025 والنمو المتوقع للاقتصاد الجزائري

وفقاً لمشروع الموازنة للعام 2025، تشير التوقعات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الجزائري سيسجل زيادة ملحوظة في العام الجاري، ليصل إلى 284 مليار دولار. وتتطلع الجزائر في الوقت نفسه إلى تعزيز استثمارات القطاع الخاص، وتقليص الواردات، وزيادة الاستفادة من ثرواتها الطبيعية، في إطار سعيها للانضمام إلى مجموعة الدول الناشئة في المستقبل القريب.

زيادة الاستثمارات المحلية والدولية

قال الرئيس تبون في خطابه أمام المشرعين في يناير الماضي، إن الجزائر تسعى لزيادة الاستثمارات، مع تقليص الاعتماد على الاستيراد، وتحقيق استفادة أكبر من الموارد الطبيعية المتاحة. كما يتوقع أن ينمو اقتصاد الجزائر، الذي يعتمد بشكل أساسي على عائدات المحروقات، بنسبة 4% في عام 2024، ليصل إلى 266 مليار دولار، وفقاً للبيانات الرسمية.

وأشار تبون إلى أن الحكومة الجزائرية تعمل على زيادة نسبة الصناعة ضمن الناتج المحلي الإجمالي، حيث يهدف إلى رفع هذه النسبة إلى ما بين 13 و14% لتحقيق الهدف المحدد. وقد شهدت الجزائر خلال الفترة الأخيرة إطلاق 13700 مشروع استثماري تصل قيمتها إلى 6 تريليونات دينار، مما يعكس التوجه نحو تعزيز القطاع الصناعي في البلاد.

تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي في مجال الاستثمار

تستحوذ دول الاتحاد الأوروبي على حوالي 24% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في الجزائر، والتي تقدر بنحو 23 مليار يورو. كما أكد السفير دييغوا ميادو باسكوا، أن الجزائر تتطلع إلى زيادة هذه الاستثمارات خلال السنوات المقبلة. وفي ذات السياق، أوضح رئيس الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، عمر ركاش، أنه تم التعهد باستثمار 2.5 مليار دولار في مشاريع استثمارية جديدة في البلاد.

خلال اللقاء مع رجال الأعمال، أشار تبون إلى أهمية العمل على خلق بيئة استثمارية صحية ومنفتحة، مع التركيز على تأهيل جيل جديد من رجال الأعمال الذين يعملون بعيداً عن الفساد. وأكد تبون أن العقبات الرئيسية التي تواجه الاقتصاد الجزائري تتمثل في المضاربة والتحايل على القانون، مما يعطل النمو الاقتصادي في البلاد.

زيادة الاهتمام بالاستثمار الأوروبي في الجزائر

أعربت العديد من الشركات الأوروبية عن رغبتها في الاستثمار في الجزائر، خاصة مع "عودة الثقة" في مناخ الاستثمار المحلي، بحسب تصريحات المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار. وقد أطلقت الحكومة الجزائرية العديد من المبادرات لتحفيز الاستثمار، بما في ذلك منصة رقمية للمستثمرين. كما تتوقع الحكومة أن تشهد البلاد إقبالاً من الشركات الأوروبية على المشاريع الاستثمارية خلال السنوات المقبلة.

مبادرات لخفض الواردات وتعزيز الاكتفاء الذاتي

في إطار مساعيها لتقليل فاتورة الاستيراد، نجحت الجزائر في خفض قيمة الواردات السنوية من 60 مليار دولار إلى 40 مليار دولار. وحقق القطاع الزراعي تقدماً كبيراً في تحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث وصلت نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب إلى 81%. كما أشار تبون إلى أن الحكومة ستواصل العمل على محاسبة كل من يستورد سلعة لها مثيل محلي.

الإصلاحات الاقتصادية القادمة

تعمل الحكومة الجزائرية حالياً على إنشاء هيئتين لتنظيم الاستيراد والتصدير، مع هدف الانتهاء من هذه الخطوة قبل نهاية شهر مايو المقبل. ومن المتوقع أن يدخل عدد من الإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى تحفيز الاستثمار الخاص حيز التنفيذ خلال العام الجاري. وقد وعد تبون بأن ولايته الثانية ستتركز على تعزيز الإنتاج المحلي كبديل للاستيراد، بالإضافة إلى رفع الأجور بنسبة 53% لمواكبة متطلبات التنمية الاقتصادية.

وتستهدف الجزائر تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 4.5% في عام 2025، وسط مساعٍ لتعزيز الاستثمار في القطاعين الزراعي والصناعي، بالإضافة إلى تقليص الاعتماد على الواردات. وتواصل الحكومة الجزائرية إطلاق مجموعة من الإصلاحات التي تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية في السنوات القادمة.