أثبت الذهب للمحللين والأسواق أنه الملاذ الأفضل التاريخي وسط الأزمات، حيث شهدت أسعار الذهب انتعاشاً ملحوظاً مؤخراً رغم انخفاضها الطفيف في الساعات الماضية، وذلك في ظل تزايد إقبال المستثمرين على الأصول الآمنة وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي، بعد صدور بيانات أمريكية ضعيفة وتصاعد التوترات التجارية، بحسب ما أفادت به صحيفة "ذا ستريت".

منظور الأسواق: مكاسب قوية متوقعة للذهب

من المتوقع أن ترتفع أسعار الذهب بنسبة تصل إلى 20% خلال عام 2025، من بينها مكاسب قوية بنحو 10% خلال شهر أبريل وحده، وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض تعريفات جمركية جديدة في "يوم التحرير" بتاريخ 2 أبريل.

اللافت أن هذا الصعود الحاد في أسعار الذهب يأتي في وقت تتراجع فيه الأسهم وسندات الخزانة الأمريكية. فقد انخفض مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 9% منذ بداية العام، بينما خسر صندوق سندات الخزانة لأجل 20 عاماً نحو 3.5% من قيمته خلال شهر أبريل.
اقرأ أيضاً: أسعار الذهب اليوم في مصر.. عيار 21 ينخفض إلى 4665 جنيها

أداء الذهب يجذب أنظار المحللين

الأداء القوي للذهب دفع العديد من كبار المحللين إلى إعادة ضبط توقعاتهم، حيث عدلوا أهدافهم السعرية للمعدن النفيس بعد موجة الارتفاع الأخيرة.

الذهب يستفيد من تباطؤ الاقتصاد الأمريكي

كان الاقتصاد الأميركي يُظهر إشارات تباطؤ واضحة حتى قبل الإعلان عن الرسوم الجمركية الأخيرة. فبالرغم من بقاء معدل البطالة عند مستويات منخفضة تاريخياً، إلا أنه ارتفع إلى 4.2% مقارنة بـ3.5% خلال عام 2023، بينما تسارعت وتيرة تسريح الموظفين.

وبحسب شركة "تشالنجر جراي"، جرى تسريح أكثر من 497 ألف موظف خلال الربع الأول من 2025، وهو أعلى رقم يتم تسجيله لهذا الربع منذ عام 2009، وبزيادة قدرها 93% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024.
اقرأ أيضاً: لماذا يعتبر الذهب ملاذاً آمناً جيداً حتى الآن رغم ارتفاع أسعاره؟

التعريفات الجمركية تغذي التضخم

من المرجح أن تؤدي الرسوم الجمركية الجديدة إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية، لا سيما أن قرار الرئيس ترامب بفرض ضرائب استيراد بنسبة 10% أو أكثر على معظم الدول، سيجعل العديد من الشركات تنقل التكاليف الإضافية إلى المستهلكين، مما يساهم في رفع معدلات التضخم.

وتزداد حدة الأزمة مع الصين، إذ اندلعت حرب تجارية شرسة بين أكبر اقتصادين في العالم. فقد ارتفعت الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات الصينية إلى 145%، بينما بلغت الرسوم الصينية على الواردات الأميركية 125%، وهي نسب مرتفعة كفيلة بشل حركة التجارة بين البلدين.

الذهب في مواجهة ضعف السندات والدولار

في ظل هذه الأوضاع، بات الذهب خياراً مفضلاً لدى المستثمرين الباحثين عن أصول آمنة، في ظل تراجع الثقة بسندات الخزانة التي لم تعد مغرية كما كانت في السابق، خصوصاً أن نحو 30% منها مملوكة لمستثمرين أجانب باتوا أقل ميلاً لضخ أموالهم في اقتصاد منخرط في حرب تجارية.

وقد تراجعت أسعار سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات هذا الشهر، ما أدى إلى ارتفاع العائد إلى 4.5% مقارنة بأقل من 4% في بداية أبريل.

أما الدولار الأميركي، فقد شهد هو الآخر تراجعاً ملحوظاً، إذ هبط مؤشر الدولار الذي يقيس أداءه مقابل سلة من العملات الرئيسية بنسبة 3.8% خلال الشهر الجاري. ويُعد تراجع الدولار محفزاً إضافياً لشراء الذهب، لأنه يجعل المعدن أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب.

هل يصل الذهب إلى 3500 أو حتى 3700 دولار؟

قفزت أسعار الذهب إلى ما فوق 3200 دولار للأونصة هذا الشهر، وهو أعلى مستوى تسجله على الإطلاق، وسط توقعات باستمرار الاتجاه الصاعد.

ويتوقع محللو بنك "يو بي إس" أن تواصل أسعار الذهب الارتفاع حتى العام المقبل، لتستقر لاحقاً عند مستويات أعلى، محددين سعراً مستهدفاً عند 3500 دولار للأونصة، في ظل ضعف الطلب على الدولار وسندات الخزانة.

وفي السياق ذاته، رفع "دويتشه بنك" توقعاته لسعر الذهب في عام 2026 إلى 3700 دولار للأونصة، بعد أن كانت التقديرات السابقة تشير إلى 2900 دولار.