الرسوم الجمركية واحتمالية الركود... الاقتصاد الأميركي والعالمي في حالة ترقب - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الرسوم الجمركية واحتمالية الركود... الاقتصاد الأميركي والعالمي في حالة ترقب - تكنو بلس, اليوم السبت 12 أبريل 2025 12:11 مساءً

أدى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية متبادلة على بعض الدول إلى حدوث اضطراب اقتصادي عالمي، ما أشعل حرباً تجارية مع الحلفاء والدول الأخرى، ليعود بعدها ويعلقها لمدة 90 يوماً على الجميع باستثناء الصين.

 

ومع دخول التعريفات الجمركية حيز التنفيذ، تزايدت مخاطر وقوع الاقتصاد الأميركي والعالمي في فخ الركود.

 

وانعكس ذلك في تزايد التحذيرات من جانب كبار الاقتصاديين، آخرها جاءت على لسان بروس كاسمان، كبير الاقتصاديين في بنك "جيه بي مورغان"، الذي كشف في مذكرة للعملاء أن خطر حدوث ركود للاقتصاد الأميركي، وربما العالمي، خلال العام الجاري، قائم بنسبة 60% مقارنة بـ40% سابقاً.

 

كذلك كشف استطلاع أجرته "بلومبرغ" بعد الإعلان عن الرسوم الجمركية، ترجيح 92% من الاقتصاديين خطر حدوث انكماش اقتصادي خلال العام الحالي. وسارعت شركات وساطة إلى مراجعة نماذج توقعاتها في الوقت الذي تهدد فيه التعريفات الجمركية بتقويض ثقة الشركات وإبطاء النمو العالمي.

 

صورة تعبيرية تدل على التراجع (وكالات).

صورة تعبيرية تدل على التراجع (وكالات).

 

"تتنافى مع الاتجاه العام"...
وفي حديثٍ خاص إلى "النهار"، يؤكد الدكتور وليد مروش، أستاذ العلوم الاقتصادية في "الجامعة اللبنانية الأميركية"، أنه "منذ نهاية الحرب الباردة وحتى اليوم، كان الاقتصاد العالمي يتجه نحو العولمة، عبر تخفيف الرسوم الجمركية وخلق انفتاح اقتصادي بين الدول".

 

ويتطرق في حديثه إلى تأسيس "منظمة التجارة العالمية" عام 1995، ورغبة معظم الدول في وقتها بالانضمام إليها، حيث "تدعو إلى التجارة الحرة وتخفيف القيود على التجارة والانفتاح الاقتصادي".

 

ويؤكد مروش أن "الإجراءات الأخيرة التي اتخذها ترامب تتنافى مع الاتجاه العام منذ 30 عاماً، منذ نهاية الحرب الباردة وحتى اليوم"، مضيفاً: "منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وحتى الآن، أصبح هناك تكامل اقتصادي في مجال سلاسل التوريد"، مستشهداً بالتداخل بين الاقتصاد الأميركي والاقتصادين الكندي والمكسيكي.

 

صورة تعبيرية لأعلام أميركا والمكسيك وكندا (وكالات).

صورة تعبيرية لأعلام أميركا والمكسيك وكندا (وكالات).

 

"ليست حباً بكندا والمكسيك"...
وفي ظل تطبيق إدارة ترامب للرسوم الجمركية، تتزايد المخاوف من أن الاقتصاد الأميركي يتجه نحو الركود.

 

في هذا السياق، تبنى وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، نبرة تحدٍ في مواجهة الانهيار العنيف الذي شهدته الأسواق المالية العالمية رداً على الرسوم الجمركية، مؤكدًا أنها ضرورية، ورفض فكرة أنها قد تتسبب في دخول أميركا في ركود.

 

وأمام ما تقدم، يوضح مروش لـ"النهار" أنه "تم تجنب ضرب 90% من التجارة البينية بين أميركا والمكسيك وكندا، وتبقى نسبة 10% سيكون تأثيرها أقل حدةً من غيرها"، مشدّداً على أن "لأميركا الشمالية بعض الاستثناءات مقارنةً بباقي الدول رغم الخوف الذي كان قائماً".

 

ويلفت في حديثه إلى أن "هذه الاستثناءات ليست حباً بكندا والمكسيك، بل للتداخل الكبير للاقتصاد الأميركي معهما"، مضيفاً: "ليس لديهم القدرة (الإدارة الأميركية) على القيام بمثل تلك الخطوة في سلسلة التوريد الخاصة بهم"، مؤكداً أن كندا والمكسيك "أكبر شريكين اقتصاديين لأميركا، وأن الإدارة الأميركية جنبت نوعاً ما الضربة المباشرة لاقتصادها".

 

ترامب يشير إلى الرسوم الجمركية (وكالات).

ترامب يشير إلى الرسوم الجمركية (وكالات).

 

ضررٌ على باقي الدول...
وفي ما يخص باقي الدول التي شملتها الرسوم الجمركية، مثل الاتحاد الأوروبي والصين وأوستراليا واليابان ودول الشرق الأوسط، يقول إنَّ "بعض الدول فرضت رسوماً مضادة"، معتبراً أن "توجه هذه الدول يتعاكس مع روحية منظمة التجارة العالمية، أي تخفيف القيود على التجارة، ويتعارض مع بعض الاتفاقيات الأخرى".

 

ومثالاً على تضرر الدول من هذه الرسوم، يتطرق البروفسور في العلوم الاقتصادية بـ"الجامعة اللبنانية الأميركية" إلى الأردن، قائلاً إنَّ "نحو 30% من الصادرات الأردنية تتجه إلى أميركا الشمالية، وهذا ما سيؤثر سلباً عليه".

 

أما عن لبنان، فيشير إلى أن "سويسرا هي أكبر شريك تجاري له تليها الإمارات، لذا فإن تأثير الرسوم الجمركية لن يكون ذا أهمية كبيرة، وسيكون قليلاً".

 

 

على مقلبٍ آخر، وبحسب مروش، "سيتضرر الاقتصاد العالمي ككل، فإن الرؤية المستقبلية تحولت من إيجابية إلى سلبية، وهو ما يشكل نوعاً من الخوف من التوجه نحو الركود".

 

ويستدرك في حديثه لـ"النهار": "لم ندخل بعد في حالة ركود، ومبكرٌ أن نعرف إن كنا سنتجه نحوها، وممكنٌ أن تتراجع أو تخفف الإدارة الأميركية من حدة الرسوم، وهذا ما سيظهر في الأشهر المقبلة".

 

ويعيد في سياق حديثه التطرق إلى الاقتصاد الأميركي، مشيراً هذه المرة إلى "التخوف من تباطؤ اقتصادي يصيب الولايات المتحدة"، موضحاً أن "هنا تظهر المشكلة الكبرى، كون الاقتصاد الأميركي هو الأكبر في العالم".

 

ويشرح مروش أنه "في حال دخول الاقتصاد الأميركي في حالة ركود في الأشهر المقبلة، سيتأثر عندئذٍ الاقتصاد العالمي".

 

دول فرضت عليها رسوم جمركية (وكالات).

دول فرضت عليها رسوم جمركية (وكالات).

 

ما هي تداعيات الركود؟
الركود أمرٌ يحدث وليس أمراً غريباً، وله تداعياته التي أكدها البروفسور في العلوم الاقتصادية بـ"الجامعة اللبنانية الأميركية".

 

وفي تفصيل حول هذه التداعيات، يقول مروش: "بدأنا نرى انهياراً في أسعار النفط، وستتأثر بذلك الدول المصدرة له، كما سيتأثر الاقتصاد الصيني لأنه يعتمد كثيراً على الصادرات، ويمكن أن يدخل في حالة ركود"، مضيفاً: "ومن التداعيات الطبيعية والبديهية، تراجع التوظيف، سيرتفع معدل البطالة وغيرها".

 

ويتطرق في حديثه إلى موضوع الأسواق المالية العالمية وتأثرها بالنمو الاقتصادي، فمثلاً "تكبدت الأسواق المالية في الولايات المتحدة خسائر كبيرة"، موضحاً أنها (الأسواق المالية) ليست الاقتصاد الحقيقي.

 

تباين الاقتصاد الأميركي (وكالات).

تباين الاقتصاد الأميركي (وكالات).

 

هل يمكن تجنب الركود؟
وعادةً ما يُوصى باتباع مجموعة من التدابير الوقائية العامة للتعامل مع أي من السيناريوات المرتبطة بالتهديدات المحتملة للركود الاقتصادي.

 

في هذا الصدد، يؤكد مروش لـ"النهار" أن "ما قامت به الدول من فرض رسوم متبادلة هو رد فعل على الإجراء الأميركي، ويمكن اعتباره موضوعاً سياسياً"، معتبراً أنه "من ناحية اقتصادية، أفضل رد فعل هو عدم القيام بأي شيء، أي عدم اتخاذ مثل تلك الإجراءات المضادة... وهنا يمكن تخفيف الضرر".

 

ويشرح السبب قائلاً: "أولاً، يتم تخفيف الضرر على الاقتصاد العالمي وعلى أنفسهم، وثانياً يفتح إمكانية للتفاوض في المستقبل، وإعادة النظر في هذه الإجراءات (الرسوم الجمركية)".

 

وفي الختام، تبرز أهمية فهم تداعيات الإجراءات الاقتصادية العالمية على الاقتصاد المحلي والدولي، حيث يتطلب التعامل مع التهديدات المحتملة للركود اتخاذ خطوات مدروسة توازن بين الإجراءات الوقائية والقدرة على التكيف.

 

وفي ظل هذه المتغيرات، يبقى التعاون والتفاوض بين الدول، بعيداً عن التصعيد، هو السبيل الأمثل للتخفيف من آثار الأزمات الاقتصادية وضمان الاستقرار على المدى الطويل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق