نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سؤال الساعة في ليبيا: هل الاستقرار السياسي هو الحلّ للأزمة الاقتصادية أم العكس؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 09:19 مساءً
على مدار السنوات الماضية، كانت نواقيس الخطر تدق، محذرة من أن الصراع السياسي في ليبيا سينعكس مباشرة على الوضع الاقتصادي في بلد يمتلك أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا، ولكنه يغرق في مستنقع الفساد. ومع تحقق التوقعات على أرض الواقع، أصبحت المخاوف تتزايد من أن تدهور الحالة المعيشية للمواطن الليبي قد يؤدي إلى انفجار في الشارع، ما يهدد الاستقرار الأمني الهش في البلاد.
وأثار قرار أعلى سلطة مالية في ليبيا خفض قيمة العملة المحلية عاصفة من الغضب والاتهامات المتبادلة بين الأطراف المسيطرة على السلطة في شرق البلاد وغربها، وسط مخاوف دولية من تداعيات استمرار التدهور الاقتصادي، ما يزيد من التشاؤم بشأن إمكان التوصل إلى حل قريب للأزمة السياسية المستمرة.
وأعلن مصرف ليبيا المركزي، في بيان رسمي الأحد، خفض سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية بنسبة 13.3%، ليصبح السعر الرسمي 5.56 دنانير للدولار الواحد، محذراً في الوقت ذاته من استمرار الإنفاق المزدوج من قبل حكومتي طرابلس وبنغازي.
وانعكس القرار بسرعة على أسعار الصرف في السوق الموازية، التي شهدت قفزات ملحوظة، ليرتفع سعر صرف الدولار من 6.9 دنانير إلى 7.33 دنانير، وسط حالة من الترقب في أوساط التجار والمستوردين.
وخلال اجتماع أميركي - ليبي عُقد قبل أيام في مقر مجلس الشيوخ، اطلعت "النهار" على تفاصيله، حذّر ديبلوماسيون في وزارة الخارجية الأميركية وخبراء في مراكز أبحاث من أن التدهور الاقتصادي المتسارع، رغم الإمكانيات "الهائلة" في ليبيا، قد يُفجر الاحتجاجات في الشارع، ما قد يؤدي إلى عودة الصراع المسلح.
وفيما سيطر التشاؤم على الاجتماعات التي استمرت ثلاثة أيام بشأن إمكان الوصول إلى حل قريب للأزمة، أجمعت الآراء على أن إجراء الاستحقاقات الانتخابية لا يزال "بعيد المنال". وعلمت "النهار" أن البعثة الأممية إلى ليبيا تضع الملف الاقتصادي عموماً، وقضية تقاسم الثروة خصوصاً، كأولوية، باعتبارها العامل الرئيس لاحتدام الصراع السياسي، وفقاً لخبراء ليبيين على تواصل مع المسؤولين الأمميين. وفي هذا السياق، كان الوضع الاقتصادي وقرار المركزي الأخير من بين المحاور الرئيسية التي نوقشت في لقاء عُقد الاثنين في العاصمة طرابلس بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة والموفدة الأممية إلى ليبيا هانا تيته، التي شددت على أن "تعزيز الأداء الاقتصادي هو ركيزة أساسية للاستقرار".
ويوافق الخبير الاقتصادي الليبي عبد الرحيم شيباني على المخاوف التي أبداها الخبراء الدوليون، موضحاً لـ"النهار" أن الوضع الاقتصادي "يؤثر مباشرة على الأزمة السياسية، لأن الصراع منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي في 2011 كان على المال وتقاسم الموارد. فالانفراجة المالية توفر مساحات مريحة لأطراف النزاع، ولكن ما دام هناك ضيق اقتصادي وشح في الأموال، فإن ذلك سيخلق بؤراً جديدة للصراع والمنافسة الحادة للسيطرة على ما بقي من ثروة".
ويؤكد شيباني أن "الاستقرار السياسي وتوحيد الحكومتين ووجود برلمان يمارس سلطاته التشريعية والرقابية ويعتمد موازنة موحدة للدولة، سيعالج مباشرةً الأزمة الاقتصادية التي نشأت تحت تأثير الصراع السياسي لا بسبب عوامل اقتصادية عالمية". كما يحذر من "تكرار خفض قيمة العملة المحلية في الأشهر المقبلة، في ظل انخفاض أسعار النفط عالمياً، ما سيزيد من عجز الإيرادات الليبية".
ويتوقع شيباني أن التدهور الاقتصادي "سيسرع من جهود الجهات الدولية للوصول إلى حل سياسي يمهد لإجراء الانتخابات وتوحيد المؤسسات"، ولكنه يلفت إلى أن "الحل السياسي يجب أن يُبنى على رؤية اقتصادية أساسها ضمان توزيع عادل للثروة على كافة الجغرافيا الليبية، وألا تظل مسألة توزيع الموارد بيد حكومة مركزية قد تكون محسوبة على طرف أو أيديولوجيا معينة تستحوذ على المال وتحرم خصومها".
عناصر من الأمن الليبي أمام المصرف المركزي (رويترز)
من جانبه، يرى الخبير السياسي الليبي محمد محفوظ أن "الأزمة الاقتصادية، التي طالما حذرنا منها، لا تزال في بدايتها، ونحن أمام إرهاصات ونتوقع تبعات أكثر عنفاً". ويقول لـ"النهار" إن "هذه الأزمة هي نتيجة أزمة سياسية بحتة، فلو لم يكن هناك انقسام سياسي، فراغ تشريعي، وغياب موازنة موحدة لحكومة موحدة مع انعدام الرقابة على الصراف، لما حدث هذا السيناريو".
ويشير محفوظ إلى أن "التبعات التي خلفها الانقسام السياسي قد نضطر لدفع ثمنها حتى ولو تمت معالجة أزمة الانقسام"، متفقاً مع شيباني على أن الوضع الاقتصادي المتدهور "يُعدّ عاملاً إيجابياً سيحفز المسار السياسي الذي تقوده البعثة الأممية عبر اللجنة الاستشارية، التي يُتوقع أن تنهي أعمالها نهاية الشهر الجاري. كما قد يدفع الدول المؤثرة في الشأن الليبي لتحريك المياه الراكدة، إذ إن بقاء الوضع كما هو ينذر بالمزيد من التبعات، وقد نصل إلى حالة الانهيار، وهو سيناريو متوقع".
في السياق نفسه، يعوّل الخبير السياسي الليبي على "ضغط الشارع، حيث بدأ المواطن يدفع ثمن تبعات الصراع وتقسيم الثروة بين المتخاصمين. وبالتالي، فإن حراك الشارع سيكون مهماً للمطالبة بالتغيير ووضع خريطة طريق واضحة لإجراء الانتخابات. وقد نشهد تحركات في المدن الليبية خلال الأيام المقبلة، وقد بدأت الدعوات لذلك، وهو ما سيكون له صدى واسع".
0 تعليق