"نُريد أن تَصنَع لنا كلَّ ما نسالُك" - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"نُريد أن تَصنَع لنا كلَّ ما نسالُك" - تكنو بلس, اليوم الخميس 10 أبريل 2025 01:16 مساءً

الاب ايلي قنبر 

 

 

1. ..."لا المراكز الأولى والقوّة"
حين نكون أطفالاً أو في مَوقع المرؤوس، نطلب ما هو أكبر من حجمنا أو قدُراتنا أو حتّى ما لا نستحقُّه. فَنَحرَد "ومنُلبُط بالأرض" أو "منصير نْتَرشِق" ضدّ أهلنا أو الرئيس(ة)، خصوصاً إذا اخذنا الأمر بالشخصيّ.
كلُّ امريءؿٍ يتطلَّع إلى مَوقِعٍ متقدِّمٍ، أكان طفلاً)ةً) أو مُراهِقاً(ةً) أو بالغاً(ةً)، دون أن يَسأل نفسَه ما إذا كان ما يُنشِد يُناسِبُه، أو إذا كان هوَ مُؤَهَّلًا له:"إِنَّكُما لا تَعلَمانِ ما تَطلُبان!"، أجاب يسوع يعقوب ويوحنّا بنَي زبَدى حول سؤالهما التقدُّم على سائر الرسُل: "هَب لَنا أَن يَجلِسَ أَحَدُنا عَن يَمينِكَ وَٱلآخَرُ عَن يَسارِكَ في مَجدِكَ". وأضاف يسوع: "وَأَمّا ٱلجُلوسُ عَن يَميني أَو يَساري فَلَيسَ لي أَن أُعطِيَهُ، بَل هُوَ لِلَّذين أُعِدَّ لَهُم". أي لكلّ الناس دونَما تميِيز، لأنّ ملكوت الله هو للجميع، الأمر الذي لا يفهمه بعض الناس. وهنا يكمُن الحطَر: في أن أكونَ "أنا أوّلًا" كما في حالة ابنَي زبَدى أو ترامپ،  أو "بلَدي أوَّلًا" كما في حالة "أميركا أوّلًا"، التي يُريد بعض حُكّامها ان تبقى مُتحَكِّمة بالعالم وبمَوارِده البشريّة وثرواته المادِّيّة على حساب الآخَرين. الأمر الذي يفعله المُستَعمِر الطامِع في احتكار كلّ عناصر الحياة والقوّة لنَفسِه وحَسْب. بينَما التحلّي بـ"التواضع هو الذي يقود إلى كمال الفضائل، لا المراكز الأولى والقوّة".
2.الوُصول إلى السُلطة
منذ الصِغَر، نرى أُناسًا ونسمعهم يتحدّثون بأشكال وأساليبَ مختلفة عن السُلطة، ونفهم كَم يَصبُون إليها ويُريدونها بأيِّ ثمَن أحيانًا. وعندما يُشجّعهم آخَرون على السَعي للوصول إليها -حتّى لو يُدرِكون غدم أهليّتنا أو صعوبة الوُصول إلى السُلطة- "بْتِكبَر الخسِّه بِراسهُم"... وقد يَدفع بعض الأهل أولادهم للمُطالَبة بمركزٍ سياسيٍّ أو إداريٍّ أو بالدُخول في السِلك الرهبانيّ أو الكهنوتيّ حتّى، لأسبابٍ كامنة في قلوبِهم. ومنها أنّهم كانوا يميلون إليها ويُريدونها، ولم يفلحُوا في تحقيق مُرادِهم.
أمّا كيف الوُصول إلى السلطة، فأمرٌ يستَوجب التوقًّف عنده نظَرًا الى خطورته. إذ منذ غابر الأزمان نسمع بالاستيلاء على السلطة من فرد أو زُمرة عبر الاغتيال أو الانقلاب الدمَويّ أو عبر إجراء انتخابات مُزوَّرة... وقد يأتي إلى السلطة أُناس من خلال انتخابات تمثيليّة، بلديّة كانت أم نيابيّة. وحدهم الإكليروس ورجال الدِّين يتولّون السلطة في الكنائس إلى أجَلٍ غير مُحدَّد في العُموم.
لِمَ يستميت كثيرون للوُصول إلى السلطة؟
نادرًا ما كان الوُصول إلى السلطة يقوم على رؤية وتخطيط وبرامج مع روزنامة تأمينًا للمصلحة العامّة. حتّى في الانتخابات الديموُقراطيّة المزعومة مَن حاسَب يومًا المُنتَخبين بجدِّيَّة على وُعودهم أو على برامجهم وعلى ما فعلوه؟ ولأنّ الناس "أ مِّيُّون" (فكريًّا) فهُم لا يعرفون كيف يُحاسِبونهم، فيَستمرّ الساسة عُمومًا في استعلال مناصِبهم تَأمينًا لمصالحهم، وفي الدُوَل التابعة للمُستَعمِر يعمل "المُرتَزَقة" المُتَزلِّفون والمُتَلوِّنون، الوُصوليّون والانتهازيّون تحديدًا لصالح مُشغِّليِهم المعروفين والمجهولين منهم في آن واحد. و"معظمهم يفضِّلون العمل مع الأميركيين تحديداً، بانتظار حلول ساعة امتطاء القطار الذي سَيقودهم إلى السلطة". وعندنا نجِد مَن "لا مانع لديهم من التسليم لأعداء هذه البلاد أرضنا ومصيرنا، فالأهم هو تسلّطهم وتحكّمهم ممثّلين لسياسات الغير وليس للبنانيين". هذا الكيان السياسي شُيّد كما هو في عام 1920، ويُمنَع منعًا باتاً تطويره أو إصلاحه، أساسه طائفي عنصري وفاسد، ولن يسقط للأسف إلا ببحر من الدماء. والسقوط مُؤجَّل بحِقَن تخدير، لكنّه حتميّ لا محالة". حتّى المُشَغِّل لتلك الطغمة الخاضعة له لا يُحقِّق لها ما تُريدُه بل ما هو يُريده. 
3. إِنَّكُما لا تَعلَمانِ ما تَطلُبان!"
أُذكِّر بما طلبه ابنا زبَدى من يسوع وبإجابته لهُما: "إِنَّكُما لا تَعلَمانِ ما تَطلُبان!". ما يؤكِّد جهلهما أو أُمِّيَّتهما الفكريّة والرؤيَويّة الخِدَميّة التي ارادها يسوع لنَفسِه ولصديقاته ولأصدقائه: "ها نَحنُ صاعِدونَ إِلى أورَشَليمَ، وَٱبنُ ٱلإِنسانِ سَيُسلَمُ إِلى رُؤَساءِ ٱلكَهَنَةِ وَٱلكَتَبَةِ، فَيَحكُمونَ عَلَيهِ بِٱلمَوتِ وَيُسلِمونَهُ إِلى ٱلأُمَمِ، فَيَهزَأونَ بِهِ، وَيَجلِدونَهُ، وَيَبصُقونَ عَلَيهِ، وَيَقتُلونَهُ، وَفي ٱليَومِ ٱلثّالِثِ يَقوم". كان يرسُم أمامهم فاتورة الشهادة حتّى الاستِشهاد. هكذا تُفهَم السياسة الحقّة: خدمة إلى الغاية القُصوَى: "...الراعي الصالح يبذُل نفسَه عن الخِراف"(يوحنّا 10: 11). أمّا ابنا زبِدى فكانا في وارِدٍ آخَر. الأمر الذي توجزه لنا  الأُغنيَة "طُلِع المْنادي يْنادي ما فيهاش إفادة، الرعيان بوادي، والقطعان بوادي". لِمَ لا فائدة من المُناداة؟ هل نيْأس من التغيِير؟ تقول الأُغنية:"(الرعيان) عم يمشوا بواديهم واللَّيل كبير، واديهم كراسيهم وبِخافوا تْطير. والرِّيح تْمَرجِخ فيهم، تاخدهم وتْلَوِّيهم، حاجي تُصرُخ يا مْنادي". نعَم، هناك حسمٌ باتِّجاه عالم آخَر أو وادٍ آخَر يُطِلّ: "نحنا وادينا طايِر عم يِمشي صَوب الضوّ، ونْعمِّر العَمايِر ونْعلّيها بالجَوّ، والشِتي ع شجَرنا والصيف بقناطِرنا، والغِنِّيّة زوّاده من وادي لَوادي".
إذَن، هلَّا صنَعنا معًا "وادينا" العامِر، فنكون كلُّنا ساسةُ يبنون كوكبًا أفضل للأجيال من خلال بناء عائلاتٍ مُحِبّة ومتكافِلة، ومُجتَمعاتٍ مُتفكِّرة ومسؤولة؟
"إذا الشعبُ يومًا ارادَ الحياة فلَا بُدَّ أن يستَجيبَ القدَر"

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق