نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رحلتي مع التّنمّر والتّقبّل - تكنو بلس, اليوم الاثنين 7 أبريل 2025 11:04 صباحاً
باتريسيا حمزة
الصّفّ الثّامن الأساسيّ-القسم الفرنسيّ
شوف ناشيونال كولدج-بعقلين-الشّوف
كانت تجربتي مع التّنمّر على شكلي الخارجيّ تجربة مؤلمة لا يمكن نسيانها بسهولة. نشأت في مجتمع لا يزال يقيّم النّاس بناءً على مظهرهم، حيث يصبح الوزن، لون البشرة، وحتّى ملامح الوجه معايير قاسية يُحكم بها على الشّخص. منذ سنّ مبكرة، كنت هدفاً لتعليقات جارِحة، سواء بسبب وزني أم بعض ملامحي الّتي لم تتناسب مع "المعايير" المجتمعيّة السّائِدة.
بدأ التّنمّر في المدرسة، حيث كان بعض الزّملاء يطلقون عليّ ألقابًا مُؤْذِية وينتقدون مظهري علنًا. في البداية، حاولت تجاهلهم، ثم مع مرور الوقت، بدأت كلماتهم تتسلّل إلى أعماقي، تُضعف ثقتي بنفسي، وتجعلني أشعر بالخجل من جسدي. شيئًا فشيئًا، أصبحت أكثر انعزالًا، وأقلّ إيمانًا بقيمتي كإنسان.
الأكثر إيلامًا أنّ هذا التّنمّر لم يقتصر على المدرسة، بل امتدّ إلى الأماكن الاجتماعيّة الأخرى. كان البعض يظنّون أنّ التّعليق على الشّكل أو الوزن أمر عاديّ ومقبول، من دون أن يدركوا مدى الأذى الّذي يمكن أن تسبّبه كلماتهم. في كلّ مرّة كنت أسمع تعليقًا جارِحًا، كنت أشعر وكأنّني أقلّ شأنًا من الآخرين، وكأنّ مظهري هو الشّيء الوحيد الّذي يحدّدني في عيون المجتمع.
في ثَقافتِنا، لا تزال فكرة ارتباط الجمال بالوزن المثاليّ وملامح وجه محدّدة مسيطرة. نرى هذه الفكرة تتكرّر في وسائل الإعلام، في الإعلانات، وحتّى في حياتنا اليوميّة. إذا لم يكن مظهرك متناسبًا مع هذه "المعايير"، فأنت عُرضة للانتقاد أو السّخرية. نعيش في مجتمع يركّز على المظهر الخارجيّ، مُتجاهلًا الجوانب الأعمق للإنسان، مثل أخلاقه، شخصيّته، وقيمته الحقيقيّة.
لكن مع مرور الوقت، أدركت أنّني لا يمكنني السّماح للآخرين بتحديد قيمتي بناءً على شكلي. بدأت أتعلّم كيف أتقبّل نفسي كما أنا، وأن أكون فخورة بمظهري، بغضّ النّظر عن آراء الآخرين. كانت هذه رحلة طويلة وشاقّة، لكنّها كانت ضروريّة لاستعادة ثقتي بنفسي.
أدركت أنّ الجَمال الحقيقيّ ينبع من الدّاخل، من الشّخصيّة والرّوح والعطاء. صحيح أنّ المجتمع ما زال يحكم على النّاس بالمظهر، لكنّني تعلّمت كيف أكون قويّة أمام هذه الأحكام. اليوم، أحاول نشر هذه الفكرة لمن حولي، خاصّة لمن يمرّون بتجارب مشابهة. كلّ شخص يستحقّ أن يكون محبوبًا ومقبولًا كما هو، بغضّ النّظر عن مظهره الخارجيّ.
في النّهاية، ما أتمنّاه هو أن يصبح مجتمعنا أكثر تقبّلًا وتقديرًا للتّنوّع. الجمال ليس معيارًا واحدًا أو شكلًا محدّدًا، بل هو مزيج من الاختلافات الّتي تجعل كلّ شخص فريدًا ومميّزًا. إذا استطعنا التّخلّص من فكرة أنّ الشّكل الخارجيّ يحدّد قيمة الإنسان، فسنتمكّن من بناء مجتمع أكثر تَسامُحًا وإنسانيّة.
0 تعليق