نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رودولف سعادة لـ"النهار": نفكّر في مركز شحن جوي إقليمي في لبنان... الاستثمار بعقل وقلب - تكنو بلس, اليوم الاثنين 7 أبريل 2025 05:04 صباحاً
على المدى الزمني العاصف بالظروف الصعبة، بقي لرودولف سعادة، رئيس مجلس إدارة مجموعة CMA CGM العالمية، ارتباط راسخ بلبنان. لا يكتفي بزياراته المنتظمة مرتين أو ثلاث مرات في السنة، بل يحرص على متابعة المشاريع والاستثمارات، والانخراط في النقاشات حول مستقبل لبنان الاقتصادي. في حوار مع "النهار" و"لوريان لوجور" ، يتحدث سعادة عن التفاؤل الحذر الذي يشعر به، والاستثمارات الجارية والمستقبلية في مجالات الشحن، اللوجستيات، التكنولوجيا، الإعلام، والطاقة البديلة، كاشفاً عن مشروع طموح يتمثّل في التفكير بإنشاء مركز شحن جوي إقليمي في لبنان.
في صوته نبرة هادئة لا تشي بالعواصف التي يواجهها عالم يعجّ بالأزمات والمنافسات الكبرى. يجلس رودولف سعادة خلف مكتبه في الطابق العلوي من مبنى CMA CGM الزجاجي المُطلّ على مرفأ مرسيليا، كربّان اعتاد الملاحة في المياه العميقة. هو نجل جاك سعادة، مؤسس الإمبراطورية البحرية الفرنسية، لكنه لم يرث فقط الاسم والشركة، بل تَشرّب منذ صغره معنى البناء بالصبر والرهان على المستقبل.
لم يكن عبوره إلى الصفوف الأمامية في قطاع الشحن العالمي محض مصادفة، بل مسار رسمه بخطى ثابتة، مازجاً ما بين جذوره اللبنانية وأحلامه العابرة للقارات. في زمن التحوّلات الكبرى، وتحت ضغوط سلاسل الإمداد وتعقيدات الجغرافيا السياسية، برز رودولف سعادة كواحد من الوجوه التي تُعيد رسم خريطة التجارة العالمية، مستنداً إلى فلسفة تقوم على الابتكار والاستجابة السريعة لعالم لا ينتظر. هكذا تحضر المجموعة العالمية في أكثر من 160 بلداً وتضم أكثر من 160,000 موظف.
وقت لطيّ الصفحة
يعبّر رودولف سعادة، رئيس مجلس إدارة مجموعة CMA CGM العالمية، عن ارتباطه الشديد بلبنان، "أحاول المجيء بانتظام لمراجعة فرقنا وبُنانا التحتية. هذه المرة، رغبت في لقاء الحكومة الجديدة ورئيس الجمهورية لأفهم رؤيتهم للوضع. تحدّثت مع رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، وشعرت بوجود مناخ جديد... هناك رغبة حقيقية في التقدّم".
يبدي ارتياحه لتشكيل حكومة جديدة وتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، مشدداً على أن "الناس بحاجة إلى هذا الأمل، وقد آن الأوان لطيّ الصفحة والمضيّ قدماً على أسس جديدة. لن يتغيّر كل شيء بين ليلة وضحاها، لكن الإرادة موجودة".
استثمار بالقلب والعقل
يؤمن بأن أفضل الاستثمارات هي تلك التي تجمع بين العاطفة والمنطق. "أنا لا أراهن على لبنان، أنا لبناني... لا أستفيد من الوضع، بل أستثمر كما يستثمر أي لبناني يؤمن بإمكانيات هذا البلد. أملك مجموعة عالمية ورائي، لكن في لبنان، أعمل كلبناني أولاً". ورغم التحديات، "نواصل العمل في لبنان في السراء والضراء".
يشرح: "نستثمر في النقل البحري، وناقشنا مع السلطات مسألة تمديد امتياز مرفأ بيروت، وتطوير مرفأ طرابلس والمنطقة الحرة هناك". وفي مجال اللوجستيات، تخطط المجموعة لتوسيع شبكة مستودعاتها، مشيراً إلى أن "الفرص موجودة، ولدينا الإرادة".
مركز شحن جوي للبنان؟
ربما أكثر ما يلفت في تصريحات سعادة هو كشفه عن مشروع قيد الدرس لتحويل لبنان إلى مركز إقليمي لطائرات الشحن التابعة للمجموعة. "نملك أسطولاً من خمس طائرات شحن من نوع بوينغ 777، وطائرة إيرباص A330، ونتوقع وصول 13 طائرة A350 خلال عامين. لبنان يتمتع بموقع جغرافي مثالي، ونحن ندرُس حالياً إمكانية إنشاء هذا المركز هنا".
وبحسب سعادة، فإن المطار ليس بالضرورة أن يكون في بيروت: "نبحث في خيارات عدّة، أرسلت فريقي لزيارة مواقع مختلفة. ما نحتاج إليه هو مطار يمكنه استقبال طائرات تحمل أكثر من 100 طن. المشروع يعنيني شخصياً".
تكنولوجيا وتعليم
أما في المجال التكنولوجي، فـ"لدينا حوالي 650 موظفاً في مراكز الخدمات المشتركة في لبنان، بالإضافة إلى مركز رقمي لتطوير التطبيقات يضم 150 شخصاً. نوعية الشباب اللبناني تثير إعجابي: شباب متعلّم، يتقن ثلاث لغات، resilient وطموح".
ومؤسسة CMA CGM ملتزمة "بقوة في لبنان، ولا سيما في مكافحة هشاشة الأمن الغذائي والعمل من أجل تحسين الوصول إلى تعليم عالي الجودة. وأعتمد على الفرق، تحت إدارة جو دقاق، لمواصلة دفع مشاريعنا العديدة إلى الأمام".
أطلقت المجموعة "صندوق التميّز" الذي قدّم منحاً لأكثر من 250 طالباً في 9 جامعات شريكة في لبنان، فرنسا، والمملكة المتحدة. كما يجري التفكير في شراكات مع جامعات أميركية مرموقة.
ويشير سعادة إلى عدم الإكتفاء بتمويل تعليم الطلاب، "بل نمنحهم فرصاً للعمل معنا"، لافتاً أيضاً إلى مشروع "École 42" الذي بدأ في لبنان في حزيران 2024 ويضم حالياً أكثر من 150 طالباً.
وتستثمر في مشاريع الطاقة البديلة، أبرزها ثلاث مزارع شمسية في شمال لبنان، جبل لبنان والبقاع، تنتج كلّ منها 15 ميغاواط، "الكهرباء مشكلة كبيرة في لبنان، لكننا نبدأ من مكان ما. ما نريده هو أن تكون استثماراتنا مفيدة لنا وللبلد".
أما "ما سيجذب المستثمرين اليوم إلى لبنان فهو الدليل على تحسّن الأوضاع. لدينا حكومة قائمة، ولدينا حاكم جديد لمصرف لبنان. يجب أن نستمر في منحهم الثقة".
يستثمر رودولف سعادة، رئيس مجلس إدارة مجموعة CMA CGM العالمية عن قناعة لأنه يرى أن هناك إمكانيات حقيقية، "سواء في النقل البحري، أو اللوجستيات، أو في قطاع الأغذية والمشروبات، وخاصة مع علامتنا التجارية "RIFAI" والمتجر الأخير الذي افتتحناه "Chocolat Souchet"، فإن جميع الاستثمارات تجعلني فخوراً، لأن هناك فرقاً عاملة، صامدة، وتطمح إلى دفع المشاريع التي نطلقها نحو الأمام".
المنطقة والمرونة
أما عن الوضع الإقليمي، فيقرّ سعادة بتعقيده، لكنه يعرب عن تفاؤله الحذر: "السلام الإقليمي آتٍ، لكن سيستغرق وقتاً. هناك دول تتطور بسرعة مثل السعودية، الإمارات وقطر. نتابع ما يجري في سوريا عن كثب ونأمل أن نستأنف علاقتنا معها".
وبخصوص أزمة البحر الأحمر، يشرح كيف اضطرّت المجموعة إلى تعديل مسارات سفنها والمرور عبر رأس الرجاء الصالح، ما أضاف أسبوعين إلى الرحلات، مع ما ترتب على ذلك من تكاليف إضافية. "في عالم مليء بالأزمات، يكمن مفتاح النجاح في القدرة على التكيّف. وهذا ما نفعله".
ترامب ورودولف سعادة (وكالات)
العولمة وأميركا
رغم التحديات، لا يؤمن سعادة بانحسار العولمة، بل على العكس: "أؤمن بالتبادل الحر، وكلما زادت الصعوبات، ازدادت الحاجة إليه".
ورداً على سؤال حول الاستثمار الأخير في الولايات المتحدة، يعتبر أن الأخيرة تمثّل سوقاً استراتيجية للمجموعة، مؤكداً نية الشركة الاستمرار في تطوير البنى التحتية في الموانئ الأميركية، وبناء سفن، بدعم من إدارة ترامب، "نحن موجودون في أميركا منذ أكثر من 40 عاماً، ونتحدث مع المسؤولين حول تطوير النشاط البحري هناك. لا أعلم إن كان كل شيء سيتحقق، لكن الإرادة موجودة لتطوير النقل البحري. وهذا أمر يهم الرئيس ترامب وإدارته. وقد تبادلنا معه الحديث حول هذه المواضيع".
الإعلام
تلفت فلسفة سعادة للاستثمار في قطاع الإعلام، "أعتقد أنه سيتوجب علينا الاستمرار في تقديم إعلام يوفّر معلومات ذات جودة، ومعلومات صحيحة. وهذا هو الأمر الأهم. طبعاً، الذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً، لكن في عالم نميل فيه إلى النظر إلى هواتفنا أكثر من الصحف، سيتوجب علينا تكييف إعلامنا مع هذا التحول الرقمي. هذا التحول جارٍ، سواء في الصحافة أو في المجال السمعي البصري. والشراكات التي أقمناها مع جهات مثل Google أو Mistral، وهي شركة ناشئة فرنسية كبيرة، تساعدنا في تطوير أدوات رقمية تتيح لجمهورنا الوصول إلى محتوى أكثر تكيّفاً مع عالم سريع الحركة".
تركيز الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يأتي "من ايماني الكبير بهذه التقنيات الجديدة. هناك طبعاً بُعد اجتماعي يجب مراعاته، ولكن بعد أخذ كل هذه العوامل بعين الاعتبار، أعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يساهم في التقدّم".
وهل تنوون توسيع الاستثمار قطاع الإعلام خارج الفرانكفونية، إلى لغات وأسواق أخرى؟
"نعم، أرغب في التطوير الى اللغة الإسبانية وكذلك اللغة الإنكليزية".
واللغة العربية؟ "لمَ لا".
0 تعليق