كتب: عبد الرحمن عطية

تعيش هايتي مرحلة غير مسبوقة من الانفلات الأمني، حيث فرضت العصابات المسلحة سيطرتها على ما لا يقل عن 90% من أراضي البلاد بين شهري يوليو وفبراير، في ظل تصاعد أعمال العنف الإجرامي بشكل ممنهج، أودى بحياة أكثر من 4200 شخص وأصاب نحو 1350 آخرين، بينما هرب الآلاف من السجون، وفقا للتقارير الإعلامية.

لم تميز جرائم القتل بين مدنيين أو رموز دينية، إذ أكد رئيس أساقفة بورت أو برنس، ماكس لوروا ميسيدور، مقتل راهبتين من رهبنة القديسة تريزا في مدينة ميريباليه على يد مسلحين اقتحموا المنطقة بداية الأسبوع، ما يعكس مدى تغول الجماعات المسلحة وغياب الردع.

وتصاعدت حدة الاحتجاجات الشعبية، في العاصمة، حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين وصلوا إلى مقار السلطة المؤقتة في "مدينة الاستقبال"، في مشهد يعكس الغضب العارم والانفصال الكامل بين الشعب والسلطة.

وأصبحت مشاهد الشوارع المدمرة، والمباني المحترقة، والمدارس والمرافق الحكومية المغلقة، مألوفة في الحياة اليومية للهايتيين، وسط انتشار كثيف لإطلاق النار ونهب مراكز الشرطة، دون وجود فعلي للدولة على الأرض.

وحاول رئيس المجلس الرئاسي الانتقالي، فريتز ألفونس جان، احتواء الأزمة بتصريحات تعترف بحجم المأساة، مؤكداً أن البلاد تحولت إلى "جحيم للجميع"، ومعلنا عن نية المجلس اتخاذ إجراءات أمنية عاجلة.

ووعد جان بتخصيص ميزانية جديدة لمواجهة العنف، ودمج عناصر من قوة مسلحة بيئية في جهود حفظ الأمن، داعياً رئيس الوزراء والأجهزة الأمنية للتحرك الفوري، ومعلنا صراحة أن هايتي باتت في "حالة حرب"، لكن هذه التصريحات، رغم قوتها، لم تفلح في طمأنة الشارع أو استعادة ثقة المواطنين في قدرة الدولة على استعادة سيادتها وسط هذا الانهيار الشامل، حسبما ذكرت التقارير الإعلامية.