نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل تناور إيران ترامب كما فعلت مع بايدن؟ - تكنو بلس, اليوم الأحد 6 أبريل 2025 06:11 صباحاً
بموازاة التأرجح السريع بين التهديد بالقصف والتلويح بالتفاوض، تحاول إيران صياغة رد معقول على خطوات دونالد ترامب. كرر الرئيس الأميركي أنه يفضل اتفاقاً، لكنه حذر من أن البديل سيكون "القصف".
في الثاني من نيسان/أبريل، نقل "أكسيوس" عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن البيت الأبيض يفكر جدياً في اقتراح إيران إجراء مفاوضات نووية غير مباشرة، لكن مسؤولي الإدارة منقسمون في مقاربة الموضوع. بحسب الموقع، ثمة من يعتبر أن هناك فرصة للنجاح في المفاوضات المحتملة فيما يقول آخرون إن الأمر مجرد مضيعة للوقت.
مناورة قديمة جديدة؟
إذا حسمت إيران موقفها بالتفاوض غير المباشر، مع العلم أن ترامب اقترح محادثات مباشرة، فسيكون الطرفان قد وجدا تسوية مشتركة: الإيرانيون قبلوا بتوقيت التفاوض فيما قبل الأميركيون بشكله. مع ذلك، يظل النجاح الموضوعي للتسوية بعيد المنال. ربما تكون إيران قد بدأت بممارسة المناورات نفسها التي جرّت إدارة بايدن إليها في الأعوام السابقة. فهي قبلت بالعودة إلى التفاوض غير المباشر مع الأميركيين في فيينا، واستمرت تلك المحادثات نحو عامين قبل أن تصطدم بالفشل.
حينها، طالبت إيران بشطب الحرس الثوري عن لائحة الإرهاب وبضمان ألا يخرج رئيس أميركي مستقبلي من الاتفاق المحدث. بينما كان المطلب الأول مكلفاً سياسياً بالنسبة إلى الإدارة الديموقراطية، إلى جانب أنه لم يرتبط بموضوع البرنامج النووي أساساً، شكّل المطلب الثاني استحالة دستورية. كان واضحاً أن إيران لم تكن مستعجلة كي تبرم اتفاقاً جديداً لأن بايدن لم يهدد إيران ببديل قاسٍ.
كما رأى المحللان إريك بروير وهنري روم في مجلة "فورين أفيرز" قبل نحو عامين، لم يكن بديل بايدن عن الخطة "أ" (أو التسوية الديبلوماسية) الخطة "باء" (أي فرض الضغوط) بل الخطة "ج" التي تستند إلى تفادي التصعيد، على أن تقتنع إيران لاحقاً بالتفاوض الجاد. خسر بايدن الرهان بطريقة غير مفاجئة.
ما الذي حدث في عيد النوروز؟
صحيح أن ترامب عاود فرض حملة الضغط الأقصى على إيران في شباط/فبراير، وهددها مؤخراً برد عسكري بالتوازي مع نقله أصولاً عسكرية إلى الشرق الأوسط وجزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي. لكن نفور ترامب الواضح من الحروب يضعف قيمة تهديداته. وثمة نقطة ضعف أخرى تعاني منها الإدارة الحالية تجاه إيران. لا يملك ترامب والمقربون منه موقفاً آيديولوجياً من النظام القائم في طهران.
لاحظ النائب الأول لرئيس "مجلس السياسة الخارجية الأميركية" إيلان بيرمان أن الإدارة الحالية وجهت إلى الإيرانيين رسالة تهنئة مبهمة، "غير استراتيجية"، بمناسبة عيد النوروز (رأس السنة الفارسية). اقتصرت الرسالة على التمني بعيد مليء بالبهجة بعيداً من المقارنات الأميركية السابقة بين تاريخ الحضارة الإيرانية وما يكابده الشعب الإيراني من صعوبات تحت الحكم الحالي. وكتب بيرمان في مجلة "نيوزويك" الثلاثاء أن حديث موفد ترامب ستيف ويتكوف عن أهمية الحديث مع إيران لإزالة "التصورات الخاطئة" عن طموحاتها النووية يعني أن فريق الرئيس مرتاح لترك إيران تحتفظ بإمكانات نووية، وقد يرفع العقوبات حتى من دون تفكيك شامل لبرنامجها.
وفي سياق يكشف أكثر أفكار الموفد الخاص، كان ويتكوف قد علّق بكلمة "عظيم" على منشور وزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي على "أكس" يوم الأربعاء والذي ذكّر فيه بأن بلاده تعهدت بموجب اتفاق 2015 بعدم تطوير أو حيازة أي سلاح نووي "تحت أي ظرف". لكن ويتكوف عاد وحذف تعليقه.
إذا كان المراقبون الغربيون قادرين على رصد هذه الرسائل الضمنية فالمسؤولون الإيرانيون لن يكونوا أقل قدرة على ملاحظتها، هم الذين ناوروا أربعة رؤساء سابقين مع إداراتهم (بمن فيهم ترامب خلال ولايته الأولى)، وذلك من دون أن يقدموا تنازلات كبيرة. وبالرغم من تكبدهم صعوبات اقتصادية واجتماعية بفعل العقوبات، تمكنوا من تطوير برنامجهم النووي إلى درجة جعلت بلادهم تصبح دولة تقف، أو تكاد تقف، على العتبة النووية.
قوة إيران... من سماح ترامب
ليس بالضرورة أن تواصل إيران مساراتها السابقة في الرهان الشكلي على المفاوضات حتى الاعتراف بشرعية بنيتها التحتية النووية كاملة، لأن قوتها الاقتصادية والعسكرية باتت أضعف من السابق بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول. كما ليس ضرورياً أن يتراجع ترامب عن تهديداته إذا لاحظ أن إيران تماطل، مخافة أن ينتهي به المطاف إلى حيث انتهى بسلفه بايدن. فترامب، وعلى عكس بايدن، يفعّل جزئياً الخطة "باء".
لكن الأسباب التي تمكّن طهران من جس نبض الرئيس الأميركي لفترة معقولة، ربما تتخطى بضعة أشهر، لا تزال حاضرة. فبمجرد قبول ترامب التفاوض غير المباشر يعني أن لديه أملاً بالتوصل إلى نتيجة مرضية. بإمكان طهران أن تستغل هذا الأمل لإطالة أمد المحادثات، وكذلك توسيع نطاقها، لتشمل ما هو أبعد من البرنامج النووي.
ولا تنسى طهران أيضاً أن الإدارة الحالية منقسمة بشأن مواجهتها، وآخر دليل على ذلك، إلى جانب كلام ويتكوف، تسريبات "سيغنال غيت" التي أظهرت أن نائب الرئيس الأميركي لم يكن موافقاً على الضربات الأخيرة ضد الحوثيين.
خسرت إيران الكثير من الأوراق لتواجه بها الولايات المتحدة، لكنها لا تزال تملك ما يكفي منها للمماطلة وانتزاع بعض التنازلات. بشكل مفارق، قد يكون ترامب مسؤولاً ولو جزئياً عن امتلاكها لبعض تلك الأوراق.
0 تعليق