رسوم ترامب تهز اتفاق التبادل الحر بين المغرب وأميركا - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رسوم ترامب تهز اتفاق التبادل الحر بين المغرب وأميركا - تكنو بلس, اليوم السبت 5 أبريل 2025 07:21 صباحاً

في خضم التحولات السريعة التي يشهدها النظام التجاري الدولي، عاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليشهر سلاحه المفضل، الرسوم الجمركية، في نهج حمائي لم يسلم منه حتى المغرب، الذي تربطه به علاقات قوية، إذ أعلن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع المغربية، ضمن قائمة شملت دولًا مثل بريطانيا، مصر، السعودية وتركيا. ورغم أن النسبة المعلنة تعد الأدنى بين الدول المستهدفة، إلا أن هذا القرار يثير تساؤلات جدية بشأن مصير اتفاقية التبادل الحر بين الرباط وواشنطن، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2006، وكانت تُعد من الركائز الأساسية للشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

حمولة سياسية واقتصادية
تعتبر اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأميركا، التي تم توقيعها عام 2004 ودخلت حيز التنفيذ عام 2006، واحدة من أبرز الاتفاقيات التي أبرمها المغرب خارج الاتحاد الأوروبي. وكانت خطوة نوعية نحو اندماج المغرب في الاقتصاد العالمي. وشملت الاتفاقية إلغاء الرسوم الجمركية على أكثر من 95% من المبادلات التجارية بين البلدين، كما فتحت السوق الأميركية أمام المنتجات المغربية في قطاعات النسيج، الفلاحة والصناعات الغذائية، إلى جانب توفير إطار قانوني محفز للاستثمارات الأميركية. ولكن الرسوم الجمركية الجديدة تهدد هذا الإطار، سواء من حيث التطبيق العملي أو الرسائل السياسية والاقتصادية التي تبعث بها.
يقول أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة محمد الخامس ياسين البريني، في تصريح لـ"النهار"، إن "فرض رسوم جمركية على السلع المغربية، حتى ولو كانت بنسبة محدودة، يعد خرقاً صريحاً لروح الاتفاقية، التي تقوم على مبدأ المعاملة التفضيلية وتحرير المبادلات". ويضيف أن هذا القرار لا يمكن عزله عن السياق السياسي الذي يسعى فيه ترامب، أو التيار الذي يمثله داخل الحزب الجمهوري، إلى إعادة صياغة السياسة التجارية الأميركية من منطلقات حمائية، ما يعني أن المغرب، كشريك تقليدي، لم يعد مستثنى من موجة إعادة التقييم، محذراً من أن "استمرار هذه المقاربة قد يؤدي إلى تآكل تدريجي لمكتسبات المغرب في السوق الأميركية، ويدفعه إلى إعادة النظر في جدوى الاستمرار في الاتفاق وفق صيغته الحالية، ما لم تُفعل أدوات الرد السياسي والتجاري".

لن يبقى رهينة
من جانبه، يرى الخبير في السياسات التجارية مراد الحليمي أن ما يجري "لا يجب النظر إليه كأزمة فقط، بل كفرصة لإعادة ترتيب الأولويات". ويوضح لـ"النهار" أن المغرب "تبنى منذ سنوات سياسة تنويع شراكاته الاقتصادية بعيداً عن الارتهان للأسواق التقليدية"، مشيراً إلى أن المغرب وقع اتفاقيات مع الصين والمملكة المتحدة بعد البريكست، بالإضافة إلى تعميق حضوره في السوق الأفريقية عبر انضمامه إلى اتفاقية ZLECAF .
ويضيف الحليمي أنه "إذا ثبت أن الولايات المتحدة تتجه نحو التخلي عن التزاماتها السابقة أو إعادة تفسيرها بشكل أحادي، فإن من مصلحة المغرب تعميق حضوره في أسواق ناشئة وواعدة، مع إعادة توجيه استراتيجي لصادراته، خاصة في القطاعات الصناعية". ويرى أنّه "لا يمكن لاتفاق تجاري أن يصمد إذا اختلت فيه المعاملة بالمثل. والمغرب اليوم ليس في موقع ضعف، بل في موقع إعادة تموضع استراتيجي مدروس".

هل ينهار الجسر؟
تُعتبر اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأميركا ذات طابع سياسي قوي، إذ كانت تتويجاً للتقارب الاستراتيجي بين البلدين، خاصة في ظل الدعم الأميركي لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية. ويرى مراقبون أن أي تراجع أميركي عن التزاماتها التجارية قد يؤثر أيضاً على مستوى الثقة المتبادلة، ما يطرح تساؤلات بشأن مدى استمرارية التنسيق بين البلدين في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والهجرة والاستثمار في أفريقيا.
من جانبه، يؤكد المحلل الاقتصادي المختص في السياسات التجارية الدولية علي غزال، في تصريح لـ"النهار"، أن القرار الأميركي بفرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات المغربية "يمثل تحدياً حقيقياً لبنود اتفاقية التبادل الحر التي تضمن معاملة تفضيلية للطرفين". ويضيف أن المغرب "ليس مضطراً للصمت، بل له أدوات قانونية وديبلوماسية يمكن تفعيلها... ويمكنه قانونياً المطالبة بإعادة التفاوض بشأن بعض البنود أو اللجوء إلى آليات التحكيم التي ينص عليها الاتفاق في حال تبين أن هناك خرقًا لمبدأ المعاملة بالمثل".
ويحذر غزال من أن التراخي في التعامل مع هذا الوضع قد يُفهم في واشنطن وعواصم أخرى على أنه قبول ضمني بإعادة تعريف الاتفاقية من طرف واحد، ما يفتح المجال أمام خطوات أكثر عدوانية في المستقبل. ويخلص إلى أن "الوضع يتطلب رد فعل ديبلوماسياً وتجارياص حازماً ومدروساً، يوازن بين الحفاظ على الشراكة التاريخية مع الولايات المتحدة وبين حماية المصالح الاقتصادية الوطنية".

تأثيرات مزدوجة ومفترق طرق
التداعيات الاقتصادية للقرار الأميركي تمتد مباشرة إلى البنية الاقتصادية الوطنية، إذ ستواجه قطاعات تصديرية حيوية صعوبات في التنافسية، وقد تتأثر الأسعار والممارسات التجارية في السوق المحلية. ويوضح الخبير الاقتصادي سعد أبو القاسم، في تصريح لـ"النهار"، أن "القطاعات المغربية الموجهة نحو السوق الأميركية، مثل النسيج، الصناعات الغذائية وبعض المنتجات الفلاحية، قد تتكبد خسائر تجارية نتيجة الرسوم الجديدة". ويشير إلى أن هذه التأثيرات قد تشمل أيضاً الموردين الأميركيين الذين يعتمدون على السوق المغربية. ويضيف أنه "في حال قررت الرباط الرد برسوم مماثلة، فإن الموردين الأميركيين قد يعيدون النظر في استراتيجياتهم التجارية، ما قد يؤثر على توفر بعض المنتجات في السوق المغربية أو يزيد من أسعارها".
وعليه، تواجه اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأميركا مفترق طرق حاسم، إذ يتعين على الرباط اتخاذ قرار بشأن التفاوض لإعادة تقييم الالتزامات المتبادلة أو أن تنزلق الاتفاقية نحو التآكل التدريجي. ويشير أبو القاسم إلى أن "المغرب يجب أن يتبنى مقاربة استراتيجية مرنة تُمكّنه من تقليل تبعيته لأي شريك واحد في ظل التقلبات الكبرى في السياق الدولي". ويضيف أن "الخيار ليس بين الانسحاب أو الانصياع، بل بين الدفاع الذكي عن المكتسبات وتحقيق توازن جديد يرتكز على الوضوح والمصالح المتبادلة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق