في تصريحات حذرة لكنها محورية، حذّر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، من التداعيات الاقتصادية المحتملة لسياسة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخراً.

مؤكداً أن هذه الرسوم “أكبر من المتوقع”، وقد تُحدث تأثيراً تضخمياً مستمراً يُضاف إلى التباطؤ المحتمل في نمو الاقتصاد الأمريكي.

وفي كلمته خلال مؤتمر لصحافيي الأعمال، أشار باول إلى أن الولايات المتحدة “تواجه توقعات شديدة الغموض”، مع تزايد المخاطر التي تهدد استقرار التضخم وسوق العمل، مما قد يُعرقل التزام الاحتياطي الفيدرالي بتحقيق هدف التضخم السنوي البالغ 2%، إضافة إلى السعي لتحقيق أقصى مستويات التوظيف.

بسبب الرسوم الجمركية الأسواق العالمية تعاني والتضخم يتربص

تأتي تصريحات باول في وقت عصيب، إذ واصلت الأسواق العالمية خسائرها، وخسرت المؤشرات الأمريكية الرئيسية نحو 10% من قيمتها منذ إعلان ترامب عن سلسلة جديدة من الرسوم الجمركية يوم الأربعاء.

وعلى الرغم من أن باول لم يعلّق بشكل مباشر على هذه الخسائر، فقد اعترف بأن الاحتياطي الفيدرالي يواجه نفس درجة الغموض التي تؤثر على المستثمرين والمديرين التنفيذيين في الشركات.

وأكد أن المجلس لن يتسرع في تعديل سياسته النقدية، بل سينتظر المزيد من البيانات الاقتصادية لفهم مدى تأثير هذه السياسات على الأداء الاقتصادي.

لكنه شدد على أن البنوك المركزية ستكون يقظة تجاه أي إشارات على تضخم مستدام ناتج عن زيادة أسعار الواردات بسبب الضرائب.

الرسوم الجمركية وتضخم طويل الأمد؟

باول أوضح أن التأثيرات المحتملة للرسوم الجمركية لا تقتصر على ارتفاعات مؤقتة في الأسعار، بل قد تكون ذات طابع مستدام إذا لم تبقَ توقعات التضخم مستقرة.

وأضاف: “إذا انعكست هذه الرسوم على الأسعار بشكل دائم، فقد نشهد موجة تضخمية مستمرة تهدد استقرار الاقتصاد الكلي”، مضيفاً أن التزام المجلس سيظل الحفاظ على ثبات توقعات التضخم طويلة الأجل.

احتياطي في وضع مراقبة وترقب

وفيما يتعلق بدور الاحتياطي الفيدرالي، أكد باول أن المؤسسة لا تُعنى بالتعليق على السياسات الحكومية، بل تنحصر مهمتها في قياس تأثير هذه السياسات على الاقتصاد الأمريكي.

وأشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي كان في وضع “مثالي” قبل فرض الرسوم – مع معدل بطالة بلغ 4.2% وإضافة 228 ألف وظيفة في مارس – غير أن البيانات الجديدة المستقاة من الاستطلاعات وجهات الأعمال تُشير إلى تباطؤ محتمل في الأفق.

اقرأ أيضًا … هل تدفع رسوم ترامب الجمركية أوروبا إلى أحضان الصين أم إلى القتال؟  

اختلاف بين البيانات الواقعية والمؤشرات المستقبلية

سلّط باول الضوء على “التوتر” بين البيانات الاقتصادية الإيجابية حالياً، والقراءات المستقبلية التي تعكس مخاوف متزايدة، قائلاً: “نرصد عن كثب هذا التباين… فبينما تشير الأرقام الحالية إلى قوة في سوق العمل، فإن التقديرات غير المؤكدة – بما في ذلك آراء رواد الأعمال – تنذر بتباطؤ اقتصادي”.

وفي ختام كلمته، أشار باول إلى أن حجم الرسوم الجمركية وتأثيرها الاقتصادي كانا أكبر بكثير من التوقعات السابقة، محذراً من أن ذلك قد يؤدي إلى رفع التضخم وتباطؤ النمو، موضحاً أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي في وضع جيد للترقب والتعامل مع التطورات بهدوء، لكنه من السابق لأوانه اتخاذ قرارات حاسمة بشأن تعديلات السياسة النقدية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط