ليبيا في فوضى عارمة... والدبيبة يراهن على امتصاص غضب الشارع - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ليبيا في فوضى عارمة... والدبيبة يراهن على امتصاص غضب الشارع - تكنو بلس, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 07:34 صباحاً

تعيش ليبيا على صفيح ساخن، على وقع صدامات هي الأعنف منذ سنوات، اندلعت في قلب طرابلس وأسفرت عن سقوط أكثر من مئة قتيل.
ومنذ الخميس الماضي، تشهد شوارع العاصمة تظاهرات غاضبة تطالب بإسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الذي يراهن بدوره على عامل الوقت لامتصاص غضب الشارع، مستنداً إلى قاعدته الشعبية في مدينة مصراتة، رغم استقالة معظم وزرائه، وتعطّل مؤسسات حكومية بعد دخول موظفيها في "عصيان مدني".
وعلى وقع توتر أمني حاد واستنفار الفصائل المسلحة المتنافسة، تسير القوى الدولية على خيط دقيق في محاولاتها لاحتواء المشهد السياسي والأمني المتشابك، وسط مخاوف من انزلاق الأوضاع إلى فوضى شاملة.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر ديبلوماسية غربية لـ"النهار" أن "التغيير بات حتمياً وسيحدث قريباً"، مشيرة إلى أن "ملف الأمن، وفي مقدمه تقليص نفوذ الميليشيات، يتصدر أولويات الأجندة الدولية حالياً".
ورغم أن الدبيبة يمر بأصعب لحظاته منذ تولّيه رئاسة الحكومة في ربيع 2021، لا تزال قوى دولية فاعلة تعتبره خياراً مناسباً نظراً الى ما يتمتع به من خبرة في التعامل مع توازنات الغرب الليبي المعقدة. وتحذّر المصادر من أن "رحيل الدبيبة في هذا التوقيت، من دون وجود بديل جاهز، قد يُشعل حرباً مفتوحة بين الميليشيات المتصارعة، تمتد من قلب طرابلس إلى أطرافها ومدنها المجاورة، ولاسيما منها مصراتة"، وهو ما أكدته حالة الاستقطاب الجهوي الحاد التي ظهرت في الأيام الأخيرة.

 

ليبيون يتظاهرون في طرابلس ضدّ الدبيبة. (ا ف ب)

 

وعلى رغم التحفظ الدولي عن انخراط المدنيين في الصراع، إلا أن هناك اتجاهاً يرى أن المواجهة بين الدبيبة وخصومه من الميليشيات قد تُساهم في إضعاف هذه التشكيلات التي تغوّلت في المشهد الليبي خلال السنوات الماضية، مما قد يسهّل تنفيذ خطة لتفكيكها أو دمج عناصرها. وتشير المصادر إلى إجراءات دولية متزامنة بحق عدد من "أمراء الحرب" المصنفين أكثر العناصر خطورة، بينها ملاحقات قانونية وتجميد أرصدة، إضافة إلى تشديد الرقابة على الموازنة الليبية خطوة لتجفيف مصادر تمويل الميليشيات.
وخلال لقائه سفراء دول أوروبية، كرّر الدبيبة تعهده "إنهاء جميع التشكيلات المسلحة الخارجة عن مؤسستي الجيش والشرطة"، وأكد "التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في إطار التزام حكومته مكافحة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة عن الجرائم الجسيمة بحق الليبيين".
وفي خطوة لتعزيز التهدئة، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا تشكيل لجنة يرأسها رئيس الأركان العامة اللواء محمد الحداد، للعمل على تثبيت الهدنة التي تم التوصل إليها الأسبوع الماضي. وفي السياق نفسه، دخلت أنقرة على الخط، إذ زار نائب رئيس جهاز الاستخبارات التركي جمال تشاليك، العاصمة الليبية وعقد سلسلة لقاءات مع قيادات عسكرية، أبرزها قائد "جهاز الردع" عبد الرؤوف كارة، في مسعى لاحتواء التوتر.
وكان وزير الخارجية التركي حقان فيدان كشف عن "وساطة جارية بين شرق ليبيا وغربها، لوضع خريطة طريق تشمل تشكيل حكومة موحدة ثم تنظيم انتخابات"، في ما بدا أنه تحول في الموقف التركي. وقال فيدان: "نعمل على ذلك، وسيكون بمثابة تغيير كبير".
ويعتبر الناشط والمحلل السياسي الليبي الدكتور علاء الدين بن عثمان، والذي شارك في اجتماعات البعثة الأممية، أن ما جرى في طرابلس "يؤكد أن الملف الأمني ما زال في صدارة المشهد، وأن أي مشروع سياسي لا يُبنى على أسس استقرار المدنيين وحمايتهم سيظل هشاً ومعرّضاً للانهيار في أي لحظة". ويؤكد لـ"النهار" أن "رئيس الحكومة أمام اختبار صعب يتمثل في قدرته على احتواء تداعيات الصدامات الأخيرة".
وفيما يرى أن الحديث عن معالجة الوضع الأمني "أمر إيجابي"، يشدد على ضرورة أن تكون هذه المعالجة "مدعومة بخطة واضحة وتدريجية تراعي الواقع المعقد، مع الحفاظ على الاستقرار العام", ويتوقع أن تنعكس التطورات الأخيرة على مستقبل العملية السياسية، وأن تمثل لحظة لإعادة ترتيب المسارات بما يعزز الجانب الأمني ضمن رؤية وطنية شاملة، من دون المساس بالدفع نحو تسوية سياسية كاملة.
وفي الاتجاه نفسه، يتوقع المستشار العسكري الليبي العميد عادل عبد الكافي أن "يمضي الدبيبة في تنفيذ خطته لاحتواء بعض التشكيلات المسلحة التي باتت تسيطر على مفاصل الدولة ومواردها"، معتبراً أن التراجع في هذا الملف "سيشكل انتكاسة خطيرة". لكنه يشير لـ"النهار" إلى أن "تنفيذ هذه الخطة بالكامل، بما فيها إعادة دمج المسلحين، يحتاج إلى وقت، كما أن إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية تتطلب دولة مستقرة ودستوراً دائماً ينظم عمل المؤسسات".
أما الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية فيصل رزق عبد السلام، فيصف اغتيال رئيس "جهاز دعم الاستقرار" غنيوة الككلي بأنه "إجراء محسوب لإعادة ترتيب موازين القوى في العاصمة، عبر تحييد أحد أبرز الفاعلين المسلحين"، مشيراً إلى أن "الدبيبة، الذي واجه ضغوطاً متزايدة من الداخل والخارج لضبط فوضى السلاح، قرر على ما يبدو توجيه ضربة داخلية تهدف إلى التخلص من عبء أمني بات أكبر من أن يُحتمل".
ويضيف أن "الدعم الدولي لخطة الدبيبة يبقى مشروطاً بإظهار نية صادقة لبناء مؤسسات أمنية مهنية، لا مجرّد إعادة تدوير السلاح تحت غطاء جديد".

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق