نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الجولاني الناصري - تكنو بلس, اليوم الخميس 15 مايو 2025 12:33 صباحاً
في تراث أهل التوحيد، السلام نوعان: مجاودة ومشالحة. المجاودة أن تلتهب المصافحة بالقبل، وإن كان الرجلان من الأجاويد، تبادلا تقبيل اليدين برفعهما متماسكين إلى الشفتين؛ والمشالحة أن يرمي أحدهما السلام على آخر، فلا يلتقي الكفّان، بل توضع اليد اليمنى على الصدر مائلةً قليلاً ناحية القلب. أما المصافحة، على طريقة الرئيسين الأصيل دونالد ترامب والمؤقت أحمد الشرع، فمتحدّرة قليلاً من الصفح بعد الخلاف، ومن الفرج بعد الشدة.
لي صديق سوري قديم، منشقّ عن الجيش الحرّ، لم يُفاجأ بلقاء ترامب بالشرع، "فمن يقول إنهما مختلفان أصلاً"، مستعيداً بذلك أرجوزة "صنع العدو"، أو القتل بضمير مرتاح كما كتب الفرنسي بيار كونيسا، وبعضاً من كلام ما زال في باب النظريات لا أكثر، عن أن الجولاني في "النصرة" صنيعة العدو الإمبريالي – الصهيوني – الرجعي في المؤامرة الكونية على سوريا، وألعوبة الأسد في الخلاص من ثوار سوريا الحقيقين.
إن مصافحة ترامب – الشرع في الرياض هي فعلياً مصافحة "القرن"... باتجاهين: صفحٌ أميركيٌ عن جهادي يحاول خلع عباءته السوداء عن كاهله ليحكم الشام بتوافق أميركي – عربي – تركي – إسرائيلي، عجز حافظ الأسد نفسه ببالغ دهائه عن أن يحظى به؛ وسعيٌ سوريٌّ إلى دفن مرحلة "الأمة العربية وقلبها النابض" بشعاراتها كلها، والحصول من العالم على صكّ براءة من التوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني ومن رواسب الممانعة، لحاقاً بألكسندر أرباتوف، المستشار الدبلوماسي لآخر السوفيات ميخائيل غورباتشوف، حين قال للأميركيين بعد نجاح البيريسترويكا: "سنقدّم لكُم أسوأ خدمة... سنحرمكُم من العدو".
بعد هذه المصافحة، إن قفز الشرع إلى قارب "أبراهام"، فسيغيّر مفاهيم نشأ عليها خمسة أجيال من بقايا المناضلين في سبيل فلسطين، وجيلين من المتاجرين بقضيتها، وستدخل سوريا آمنة في جنة الدولة القُطرية، بعد كوابيسٍ الوحدوية. حينها، سيكون الشرع قد استفرغ كل جهاديته... وصار ناصرياً ممتازاً.
0 تعليق