في زمنٍ باتت فيه الحوكمة الرشيدة عملة نادرة، أطل المهندس حسن البيلي كرجل يحمل على عاتقه مشعل التغيير، غير آبهٍ بالمجاملات ولا مكترثٍ بالصوت العالي، واضعًا شعار "الانضباط أولاً" فوق كل اعتبار، في قطاع الكهرباء.

فمنذ أن تسلّم مسؤولية شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، بدا واضحًا أن الرجل لا يسعى إلى مجرد إدارة روتينية، بل إلى إعادة صياغة واقع مترهل، وتصويب بوصلة مؤسسة حيوية طالها الإهمال والتسيّب لسنوات.

جمع دفاتر الحضور والانصراف الخاصة بمكاتب متابعة رؤساء القطاعات

بخطى ثابتة وحزم واضح، قاد "البيلي" حراكًا إصلاحيًا لم يتوقعه أحد داخل أروقة الشركة، قراراته الأخيرة تعكس نهجًا لا يعرف التهاون، كان أبرزها التعليمات الصارمة التي أصدرها بجمع دفاتر الحضور والانصراف الخاصة بمكاتب متابعة رؤساء القطاعات، موجهاً بأن يكون التوقيع في الشؤون الإدارية أسوة ببقية الموظفين، في خطوة تهدف إلى كسر التمييز وترسيخ مبدأ المساواة.

كسر التمييز وترسيخ مبدأ المساواة

لم تتوقف قراراته عند هذا الحد، فقد شدد على ضرورة تنفيذ القرار فورًا بدءًا من صباح اليوم التالي، بعد رصده لمخالفات إدارية تتعلق بسوء استخدام نظام الحضور والانصراف، مؤكدًا أن الانضباط سيشمل الجميع دون استثناء، من مدير الإدارة وحتى أصغر عامل في الشركة.

الانضباط سيشمل الجميع دون استثناء

ولأن الحفاظ على المال العام جزء أصيل من أي إصلاح حقيقي، أقدم المهندس حسن البيلي على حصر السيارات التي كانت مخصصة لبعض مديري الإدارات، وقام بسحبها لإعادة توظيفها ضمن حملات الضبطية القضائية لمكافحة سرقات التيار الكهربائي، في خطوة تعكس وعيًا بمسؤولياته وحرصًا على توجيه الموارد لخدمة الصالح العام.

حملات الضبطية القضائية لمكافحة سرقات التيار الكهربائي

بعيدًا عن العبارات الرسمية، يمكن القول إن البيلي لا يقود مجرد إصلاح داخلي، بل ثورة تصحيحية شاملة تنسف مفاهيم المحاباة وتعيد الاعتبار للعمل الجاد والالتزام، وسط إشادة متزايدة من داخل الشركة وخارجها بأداء رجل لا يخشى المواجهة، ولا يتردد في التصدي لأي خلل أو تقصير.

إن التجربة التي يخوضها المهندس البيلي داخل شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء تُعد نموذجًا يحتذى به في كيفية فرض النظام، وإرساء قواعد الشفافية، وإعادة هيكلة بيئة العمل بما يعيد الثقة في قدرة المؤسسات العامة على النهوض والتطوير إذا ما توافرت لها الإرادة الحقيقية.

إعادة هيكلة بيئة العمل بما يعيد الثقة في قدرة المؤسسات العامة

تأتي هذه القرارات الجريئة ضمن رؤية جديدة تسعى لإعادة هيكلة منظومة العمل داخل شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، وتعزيز مبادئ الانضباط والشفافية، فالإجراءات التي اتخذها المهندس حسن البيلي تعكس إدراكًا حقيقيًا للتحديات التي تواجه قطاع الكهرباء، وخاصة ما يتعلق بسلوكيات العاملين وتأثيرها المباشر على كفاءة الخدمات المقدمة للمواطنين.

ومن خلال توجيه الموارد إلى أولويات حيوية كالتفتيش الفني ومكافحة سرقات التيار، فإن الإدارة الحالية تؤكد على أهمية إعادة توجيه الطاقات البشرية والمادية نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية، بما يضمن الاستفادة القصوى من الإمكانيات المتاحة، وتحقيق العدالة في توزيع الأدوار والمسؤوليات داخل الشركة.

وفي ضوء هذه التطورات، تبرز ضرورة دعم هذا التوجه الإصلاحي من قِبل جميع العاملين والجهات المعنية، لضمان استدامته وتوسيعه إلى قطاعات أخرى، إذ إن نجاح هذه الخطوات لا يقتصر على شركة واحدة، بل يمكن أن يمثل نموذجًا يحتذى به في باقي شركات الكهرباء، بما يسهم في تحسين أداء القطاع بأكمله ورفع مستوى ثقة الجمهور بالمؤسسات الخدمية.