تكثف إدارة ترامب جهودها لحشد الدعم لخطة إسرائيل بشأن غزة، والتي ستستأنف المساعدات الإنسانية المحدودة تحت إشراف إسرائيلي صارم.

وفقا لتقرير واشنطن بوست، رغم المعارضة الكبيرة من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة المختلفة، تسعى الولايات المتحدة إلى حشد الدعم الدولي لخطة ترى أنها ضرورية لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة.

يأتي اقتراح إسرائيل باستئناف توزيع المساعدات بعد حصار استمر شهرين على غزة، لم يُسمح خلاله بدخول أي مواد غذائية أو إمدادات إلى القطاع. وبموجب الخطة الجديدة، ستخضع كمية محدودة من الإمدادات لفحص السلطات الإسرائيلية، ثم تُنقل عبر ممرات مخصصة إلى مراكز توزيع في جنوب غزة.

ستتولى حراسة هذه المراكز شركات أمنية أمريكية خاصة، بينما تتولى المنظمات الإنسانية القائمة، بما في ذلك برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إدارة التوزيع.

معارضة الأمم المتحدة لخطة إسرائيل بشأن غزة

واجهت الخطة مقاومة شرسة من الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، التي وصفتها بانتهاك المبادئ الإنسانية الأساسية والقانون الدولي.

في ورقة إحاطة رسمية وُزّعت على شركاء الإغاثة، أعلن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية عدم مشاركته في المبادرة التي تقودها إسرائيل، مُشيرًا إلى مخاوفه بشأن امتثالها للمعايير الدولية.

على الرغم من ذلك، دافعت إسرائيل عن المقترح، حيث اتهم سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون الأمم المتحدة بإضاعة فرصة الحوار. وكرّر دانون موقف إسرائيل القائل بأن حماس مسؤولة عن سرقة المساعدات الإنسانية، وهو ادعاءٌ دحضته على نطاق واسع منظمات الإغاثة والمسؤولون الأمريكيون.

تتواصل الإدارة الأمريكية بنشاط مع كل من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة لكسب دعم المبادرة. وقد وصف ترامب الخطة بأنها خطوة ضرورية لمعالجة النقص الحاد في الغذاء في غزة، مُسلّطًا الضوء على الحاجة المُلِحّة لتقديم المساعدات لمنع المجاعة.

شروط خطة إسرائيل بشأن غزة

صُممت خطة المساعدات الجديدة لضمان حصول الفلسطينيين الذين يخضعون لتدقيق السلطات الإسرائيلية على المساعدات فقط.

بينما تَعِد الخطة بتوزيع الغذاء بناءً على الحاجة – دون معايير أهلية قائمة على الهوية أو الانتماء – يُجادل المنتقدون بأن التدقيق الصارم للبرنامج ونطاقه المحدود لا يكفيان لتلبية احتياجات المنطقة.

تهدف المرحلة الأولى من الخطة إلى الوصول إلى 1.2 مليون غزاوي، معظمهم في جنوب غزة. إلا أن الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا. فقد استُنفدت مخازن الغذاء، ووصل سوء التغذية الحاد إلى مستويات مُقلقة. وقد علّقت العديد من منظمات الإغاثة، بما في ذلك منظمة “المطبخ المركزي العالمي” (WCK)، عملياتها بسبب نقص الوصول والموارد.

أعلنت منظمة “المطبخ المركزي العالمي”، التي كانت في الخطوط الأمامية لتوزيع الغذاء في غزة، أنها لم تعد تملك الإمدادات اللازمة لمواصلة عملياتها. وأعربت المنظمة عن معارضتها الشديدة للخطة الإسرائيلية، مُجادلةً بأنها تُقوّض الكرامة والمبادئ الإنسانية.

اقرأ أيضا.. بعد اشتباك الهند وباكستان المثير للقلق.. هل من مَخْرج؟

حلٌّ مثير للجدل في ظلّ تصاعد الصراع

يأتي قرار إسرائيل بالسيطرة المباشرة على توزيع المساعدات في غزة في إطار استراتيجيتها العسكرية الأوسع نطاقًا لإعادة توطين معظم سكان غزة، البالغ عددهم مليوني نسمة، بالتزامن مع تصعيد العمليات ضدّ مقاتلي حماس.

يرى المنتقدون أن الخطة الإسرائيلية لا تُركّز على الإغاثة الإنسانية بقدر ما تُركّز على السيطرة على سكان غزة تحت ستار المساعدات.

يُعدّ السياق الجيوسياسي للخطة بالغ الأهمية أيضًا. فمن المقرر أن يسافر الرئيس ترامب إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة الأسبوع المقبل، حيث من المتوقع أن تُشكّل مناقشات غزة وقضايا الشرق الأوسط الأوسع محور الاهتمام.

مع ذلك، لا يزال الوضع في غزة متقلّبًا، مع تزايد الضغوط الدولية على الولايات المتحدة لإعادة النظر في نهجها.

معضلة التمويل الأمريكي

لا تزال الولايات المتحدة مانحًا رئيسيًا لبرامج المساعدات الدولية، بما في ذلك تلك المخصصة لغزة، لكنّ التخفيضات الأخيرة في المساعدات الخارجية الأمريكية أثارت تساؤلات حول مستقبل مشاركة الولايات المتحدة في الجهود الإنسانية.

يواجه برنامج الغذاء العالمي ضغوطًا شديدة للمشاركة في الخطة الإسرائيلية، وهو عالق بين مطالب الولايات المتحدة واعتراضات المنظمات الشريكة. وتخشى منظمات الإغاثة من أن المشاركة في الخطة الإسرائيلية قد تُضعف مصداقيتها وتنتهك المبادئ التي لطالما التزمت بها.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط