أثارت تصريحات أمريكية عن إمكانية ترحيل مهاجرين غير شرعيين إلى ليبيا تساؤلات واسعة حول ما إذا كانت ليبيا ستتحول إلى وجهة جديدة لاستقبال المهاجرين من أمريكا، في خطوة ستكون الأولى من نوعها.

الحكومة الليبية سارعت إلى نفي وجود أي تنسيق مع واشنطن، مؤكدة رفضها المطلق لاستخدام أراضيها “كمقصد لترحيل المهاجرين دون علمها أو موافقتها”، ومشددة على تمسكها بـ”السيادة الوطنية”.

حكومة ليبيا ترفض استقبال مهاجرين من أمريكا

في بيان رسمي صدر اليوم الأربعاء، شددت حكومة الوحدة الوطنية، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، على أن ليبيا “ترفض أي ترتيبات من هذا النوع تتم خارج الأطر الرسمية”.

وأكدت بحسب وسائل إعلام أن الهجرة قضية سيادية تمس الأمن القومي، ولا يمكن التعامل معها كأمر واقع مفروض من الخارج.

واشنطن تفكر في ليبيا كوجهة لترحيل المهاجرين

البيان الليبي جاء عقب تقرير نشرته وكالة “رويترز”، نقل عن ثلاثة مسؤولين أمريكيين أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس ترحيل مهاجرين إلى ليبيا للمرة الأولى، وقد يتم ذلك خلال هذا الأسبوع.

وقال اثنان من المسؤولين إن الجيش الأمريكي قد ينقل المهاجرين جواً إلى ليبيا، لكنهم أشاروا إلى أن “الخطة لا تزال قابلة للتغيير”.

وحتى اللحظة، لم توضح الإدارة الأمريكية عدد المهاجرين المعنيين بالترحيل أو جنسياتهم، كما لم يصدر تعليق رسمي من وزارة الدفاع الأميركية أو البيت الأبيض.

وزير خارجية أمريكا يتحدث عن مشاورات مع ليبيا لاستقبال مهاجرين

في تصريحات مثيرة للجدل، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الأسبوع الماضي، خلال اجتماع في البيت الأبيض:
“نعمل مع دول أخرى لنقول: نريد أن نرسل إليكم بعضاً من أكثر البشر خسة، فهل ستفعلون ذلك كمعروف لنا؟… كلما ابتعدوا عن أمريكا، كان ذلك أفضل.”

وأشار روبيو إلى أن واشنطن تسعى لتوسيع قائمة الدول التي تستقبل المرحلين، بدلاً من الاكتفاء بإرسالهم إلى السلفادور، مؤكدًا أن مشاورات تُجرى منذ أسابيع مع عدد من الدول، منها ليبيا.

مخاوف حقوقية وسط الفوضى الليبية

بحسب تقارير تواجه الخطط الأمريكية المقترحة انتقادات حقوقية متزايدة، إذ سبق لوزارة الخارجية الأمريكية نفسها أن انتقدت في تقريرها السنوي ما وصفته بـ”الظروف القاسية والمهددة للحياة في السجون الليبية”، وأشارت إلى انتشار “الاعتقال والاحتجاز التعسفي”، في ظل غياب منظومة قضائية مستقرة.

ويزداد الغموض حول إمكانية تنفيذ هذا المخطط في بلد يعاني من الانقسام السياسي الحاد منذ سقوط نظام معمّر القذافي في 2011. فليبيا اليوم مقسّمة فعليًا بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، وحكومة أخرى في شرق البلاد لا تعترف بشرعية الأولى.

ترحيل بالملايين وتهديد بالغرامات

وكان الرئيس دونالد ترامب، الذي تولّى الحكم في يناير، وعد منذ بداية ولايته بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين. ووفق وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، تم ترحيل أكثر من 152 ألف مهاجر حتى الأسبوع الماضي.

كما تعمل الإدارة الأمريكية على تشجيع المغادرة “الطوعية” عبر التهديد بفرض غرامات ضخمة، وتجريد المهاجرين من أوضاعهم القانونية، أو الزجّ بهم في سجون مثيرة للجدل مثل غوانتانامو.

هل تنجح أمريكا في الضغط على ليبيا؟

رغم النفي الرسمي الصادر من طرابلس، فإن مراقبين يرون أن الولايات المتحدة قد تمارس ضغوطًا سياسية أو تقدم حوافز اقتصادية لإقناع بعض الحكومات في مناطق النزاع بقبول المهاجرين المبعدين.

ومع ذلك، فإن هشاشة الوضع الأمني في ليبيا، والانقسام الحاد بين القوى السياسية، قد يجعل أي اتفاق من هذا النوع محفوفًا بالمخاطر القانونية والإنسانية.

اقرأ أيضا

شحنة أدوية عراقية تقود وزير الصحة الليبي للسجن.. ما القصة؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط