في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين المغرب ومصر وتقليص العجز في الميزان التجاري، أعلنت الحكومة المغربية عن خطة طموحة لتصدير سيارات بما يقارب من 13 ألف سيارة إلى السوق المصرية خلال عامي 2025 و2026.

ويأتي ذلك ضمن اتفاقيات موقعة خلال ملتقى الاستثمار والتجارة المصري المغربي الذي عُقد مؤخرًا في القاهرة.

  المغرب يستهدف زيادة تصدير سيارات إلى مصر

أكد عمر حجيرة، كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية في المغرب، أن المملكة تعتزم رفع صادراتها من السيارات إلى السوق المصرية من 3 آلاف وحدة سنويًا حاليًا إلى 5 آلاف سيارة بحلول نهاية عام 2025، ومن ثم إلى 8 آلاف سيارة في عام 2026.

وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة موسعة لزيادة المبادلات التجارية بين البلدين، حيث تستهدف المغرب أيضًا رفع قيمة صادراتها إلى مصر إلى نحو 500 مليون دولار بحلول عام 2026.

جهود لخفض العجز التجاري

تشير بيانات مكتب الصرف المغربي إلى أن المملكة سجلت خلال عام 2024 عجزًا تجاريًا كبيرًا مع مصر، إذ لم تتجاوز قيمة الصادرات المغربية 754 مليون درهم (حوالي 75 مليون دولار)، مقابل واردات من مصر بلغت 12.5 مليار درهم.

ويُعد الاتفاق الجديد جزءًا من استراتيجية أوسع لمعالجة هذا الخلل وتحقيق توازن أكبر في العلاقات التجارية.

منظومة صناعية متقدمة

تُعد صناعة السيارات المغربية إحدى أبرز ركائز الاقتصاد الوطني، إذ تصدرت المملكة القارة الإفريقية في إنتاج سيارات الأفراد، واحتلت المرتبة الأولى كمصدر للسيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي إلى الاتحاد الأوروبي.

وبلغ حجم إنتاج المغرب من السيارات أكثر من 570 ألف وحدة خلال عام 2024، ويُتوقع أن يصل إلى 700 ألف وحدة في 2025، مع خطط لبلوغ الطاقة الإنتاجية مليون سيارة خلال السنوات القادمة.

وتقود هذه النهضة الصناعية شركتان عالميتان هما “رينو” و”ستيلانتيس”، وتبلغ نسبة المكوّن المحلي في إنتاج السيارات المغربية أكثر من 65%، فيما يعمل في القطاع أكثر من 230 ألف شخص ضمن نحو 260 شركة مغذية.

لدى “ستيلانتيس” مصنع سيارات بمدينة القنيطرة المغربية جرى افتتاحه عام 2019، بقدرة إنتاجية تناهز حالياً 200 ألف سيارة، وهي الشركة التي تمتلك علامات تجارية مثل بيجو وسيتروين وفيات وأوبل وكرايسلر وجيب وألفا روميو.

وفي مصنع “رينو” بمدينة طنجة المغربية يتم تصنيع طراز “داسيا سانديرو” وهي السيارة الأكثر مبيعاً في أوروبا منذ 2017.

رينو كارديان.. نموذج للتعاون الصناعي

ضمن نتائج التعاون المشترك بين البلدين، دشنت “رينو المغرب” طراز “رينو كارديان” الجديد، الذي يتم تصنيعه محليًا وتصديره إلى مصر، حيث تم الكشف عنه رسميًا في أبريل الماضي خلال مؤتمر صحفي عقده السفير المغربي بالقاهرة، محمد آيت وعلي.

وأشار السفير إلى أن المغرب تمكن من تصنيع سيارة واحدة كل دقيقة، وأن نسبة المكوّن المحلي في الطراز الجديد تجاوزت 70%.

وطرحت شركة “رينو مصر” طراز “كارديان” بأسعار تبدأ من 849.9 ألف جنيه للفئة الأولى، و899.9 ألف جنيه للفئة الثانية، وتصل إلى 947.9 ألف جنيه للفئة الأعلى تجهيزًا.

اتفاقية أغادير تُسهم في تسهيل التبادل بين المغرب ومصر

يُذكر أن اتفاقية أغادير، التي وُقعت عام 2004 بين مصر والمغرب وتونس والأردن، وانضمت إليها لاحقًا كل من لبنان وفلسطين، تتيح الإعفاء الجمركي الكامل للمنتجات الصناعية، ومن ضمنها السيارات، شريطة ألا تقل نسبة المكون المحلي عن 40%.

وقد ساهمت هذه الاتفاقية في فتح الطريق أمام صادرات السيارات المغربية إلى السوق المصرية.

المغرب يسعى إلى التكامل مع السيارات الكهربائية

في سياق آخر، تسعى الحكومة المغربية إلى تطوير قطاع السيارات ليشمل إنتاج المركبات الكهربائية وقطع غيارها.

ما يُتوقع أن يضاعف قيمة صادرات قطاع السيارات إلى نحو 90 مليار دولار سنويًا خلال السنوات الأربع المقبلة، وفق تصريحات سابقة لرياض مزور، وزير الصناعة والتجارة المغربي.

لجنة مشتركة بين المغرب ومصر لتذليل العقبات

خلص الملتقى الاستثماري إلى الاتفاق على إنشاء لجنة مشتركة تضم ممثلين عن القطاعين العام والخاص في البلدين، بهدف إزالة العقبات التي تعيق التدفقات التجارية.

كما تم الاتفاق على إقامة منصة تعاون مشتركة لتيسير دخول المنتجات المغربية إلى السوق المصرية وتشجيع الاستثمار المتبادل، مع التركيز على تسهيل حركة المصدرين والمستوردين وتقديم الدعم اللوجستي والقانوني اللازم.

اقرأ أيضًا.. أبرزها F-16 في المغرب.. الدول العربية الأكثر تصنيعًا لأسلحة متطورة

نحو شراكة اقتصادية متوازنة بين المغرب ومصر

يمثل اتفاق تصدير السيارات خطوة محورية نحو شراكة اقتصادية أكثر توازنًا بين المغرب ومصر، حيث تسعى الرباط إلى تنويع صادراتها نحو السوق المصرية من خلال منتجات متعددة تشمل الصناعات الغذائية والمنتجات الكيماوية والأجهزة الإلكترونية، إضافة إلى السيارات، لتقليص الفجوة التجارية وتعزيز التكامل الصناعي بين البلدين.

ويبدو أن صناعة السيارات المغربية، بدعم من شبكة اتفاقيات دولية ومنظومة تصنيع قوية، ماضية في لعب دور استراتيجي لتعزيز مكانة المملكة كمنصة تصدير إقليمية ودولية، بما يشمل السوق المصرية التي تمثل وجهة واعدة للنمو في السنوات المقبلة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط