نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"أسوأ كازينو في العالم"... عن أوكرانيا واتفاقيّة المعادن - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 10:46 صباحاً
"بالنسبة إلى رجل أعمال مثل ترامب، قد يكون هذا بيانَ التزام أقوى من نشر قوات" على الأراضي الأوكرانية. هكذا علّق ماثيو كرونيغ، نائب رئيس مركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن في "أتلانتيك كاونسيل"، على فوائد إبرام واشنطن وكييف اتفاقية المعادن يوم الأربعاء الماضي.
ليت الأمر بهذه السهولة.
مع ذلك، يمكن استعراض بعض النقاط الإيجابية لكييف من اتفاقية "تأسيس الولايات المتحدة وأوكرانيا صندوقاً استثمارياً لإعادة البناء".
مكاسب في المدى القريب
نجحت أوكرانيا بعد مفاوضات شاقّة في التخفيف من الانحياز الفاقع للصيغة الأساسية من الاتفاقيّة لمصلحة الولايات المتحدة. لم تعد الاتفاقيّة ردّ دين لواشنطن على مساعداتها العسكرية والمالية السابقة، وبشكل أقل المساعدات التي بالغ ترامب نحو أربع مرات بتقديرها، إلى حدّ 500 مليار دولار. عوضاً عن ذلك، ستعوض الاتفاقية الديون المستقبلية الناتجة عن الدعم العسكري، إلى جانب مشاريع استثمارية أخرى. لا يعبّر هذا الواقع الجديد بالضبط عن صورة واشنطن التقليدية لدى الحلفاء والتي تعطي الأولوية للقيم على الأرباح. لكن بما أن لا شيء تقليدياً في حقبة ترامب، يبقى الوضع الجديد أفضل من ذاك الذي ساد في الأيام المئة الأولى من ولايته.
ونجحت أوكرانيا أيضاً في الاتفاق على تقاسم عائدات الصندوق المشترك بنسبة النصف، وهذا تقدّمٌ إضافي عن النسخة الأساسية. وهي ستواصل حيازة موارد الطاقة والمعادن، كما ستكون صاحبة القرار بشأن ما ينبغي استخراجه من تلك الموارد. ومن النقاط الإيجابية الأخرى التي حققتها أوكرانيا، اعتراف الولايات المتحدة بضرورة ألا تتعارض الاتفاقية مع مسار أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ونصّت الاتفاقية على أنه إذا كان هناك من حاجة لإعادة مراجعة الشروط بسبب "التزامات إضافية" كجزء من الانضمام إلى الاتحاد، فستوافق واشنطن على التفاوض بحسن نيّة.
ومن الثمار "الملموسة" و"السريعة" للاتفاقية، دعم واشنطن لأوكرانيا بـ 50 مليون دولار من الأسلحة. هو مبلغ ضئيل بالمقارنة مع حاجات أوكرانيا، لكنّه مع ذلك، قد يكون معبّراً عن مستقبل أقلّ توتراً بين البلدين. وحملت الاتفاقية نبرة أقسى مما هو معتاد لدى الإدارة تجاه روسيا، مثل ورود عبارة "الغزو الروسي الواسع النطاق"، والتوافق على "اصطفاف استراتيجي طويل الأمد" بين أميركا وأوكرانيا. كذلك، أعلنت وزارة الخزانة منع أي شخص أو دولة ساهمت في تمويل أو دعم "آلة الحرب الروسية" من الاستفادة من إعادة إعمار أوكرانيا. لكن مزايا الاتفاقية تنتهي عند هذا الحد تقريباً.
"أسوأ كازينو في العالم"
بما أن الاتفاقيّة باتت أفضل لأوكرانيا، من دون أن تحمل الكثير من المكاسب لبلاده في المدى المتوسط، بإمكان ترامب أن يتراجع عنها بسهولة في وقت لاحق. علاوة على ذلك، ربما يفرض وجود شركات أميركية بعض الردع ضد روسيا من غزو مستقبلي، لكن فقط في حدود النطاق الجغرافي الضيق لعمل تلك الشركات.
ترامب وزيلينسكي على هامش جنازة البابا فرنسيس (أ ب)
عملياً، وفي العقد الأول، سيعاد استثمار المكاسب "بشكل كامل في الاقتصاد الأوكراني". 10 أعوام بدون إفادة مباشرة للولايات المتحدة هي فترة طويلة جداً لرئيس غير صبور. وليس الأمر أن واشنطن لن تستفيد عما قريب من الاتفاقية وحسب.
يجب تجديد عمليات المسح الجيولوجي في أوكرانيا والتي تعود تقديراتها الأولية إلى الحقبة السوفياتية. تتطلب هذه العمليات تنقيباً مكثفاً واستثماراً هائلاً في الطواقم والآلات، وهو مصطلح معروف باسم "الاستثمار في الحقول الخضراء". في حديث إلى "واشنطن بوست"، تقول آشلي زوموالت-فوربس، نائبة مدير دراسات البطاريات والمواد الحرجة في وزارة الطاقة خلال ولاية بايدن، إنّ هذا النوع من الاستثمار يُعرف باسم "أسوأ كازينو في العالم".
في المعدّل العام، يتطلب تطوير منجم ومنشأة متصلة به نحو 18 عاماً، وبكلفة تتراوح بين نصف مليار ومليار دولار بحسب "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية". إذاً، لا يتوجب على الولايات المتحدة أن تنتظر طويلاً فقط، بل أن تدفع الأموال في وقت تترقب قطف أرباح غير أكيدة. هذا إلى جانب أنّ أوكرانيا لا تشتهر برواسب "المعادن النادرة" (17 عنصراً) بعكس بعض المعادن الحيوية مثل الليثيوم والتيتانيوم والغرافيت. وتضيف زوموالت-فوربس: "نحن نعاني في كسب المال من عمليات استكشاف المعادن في أماكن مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا"، فكيف الحال مع دولة تعاني من الحرب.
ومن جملة المزايا التي حصلت عليها الولايات المتحدة في النسخة الحديثة من الاتفاقية إدراج الاستثمار في موارد النفط والغاز في بنودها. مع ذلك، إن عقبات استخراج تلك الموارد غير قليلة، إذ إنّ قسماً كبيراً منها يقع أيضاً في شرق البلاد المحتل أو بالقرب من خطوط التماس. وثمة حاجة أيضاً إلى إجراء مسح جديد لتلك الموارد.
معضلة "رجل الأعمال"
إذا كان كرونيغ من "أتلانتيك كاونسيل" يذكّرنا بأن صفة ترامب كرجل أعمال تكاد تجعل من الاتفاقية أمراً أفضل لأوكرانيا من مجرد التزام بنشر قوات على الأرض، فاللافت للنظر أن ترامب ليس رجل أعمال عادياً. هو بالتحديد، وفي كثير من الأحيان، رجل أعمال متقلّب. بالإمكان سؤال كندا والمكسيك عن الاتفاق التجاري الذي وقعتاه مع الولايات المتحدة سنة 2018، على أساس أنه أكثر إنصافاً من سلفه "نافتا". لم يدم هذا "الإنصاف" حتى ولايته الثانية.
في الخلاصة، ليست الاتفاقية أفضل من الضمانة الأمنية. أساساً، لو كان أمن أوكرانيا أولوية، لما برزت ضرورة لمناقشة كييف قضايا استثمارية تحت الإكراه العسكري والديبلوماسي الذي تتعرض له. لكن بالحد الأدنى، تستطيع أوكرانيا الافتخار بأنها أول دولة توقع على اتفاقية مع الولايات المتحدة، وسط حروبه التجارية المعلقة. ما إذا كان ترامب سيلتزم بها أمر مختلف.
0 تعليق