شهدت أسعار الوقود في منطقة الخليج تباينًا ملحوظًا مع بداية شهر مايو 2025، حيث أعلنت كل من قطر والإمارات عن تسعير جديد للبنزين والديزل، تزامنًا مع استمرار تراجع أسعار النفط عالميًا للجلسة الثالثة على التوالي، وسط مخاوف من ركود اقتصادي وتزايد المعروض.

قطر تخفض أسعار الوقود للمرة الثانية في 2025

أعلنت “قطر للطاقة”، اليوم الأربعاء، عن تسعيرة الوقود لشهر مايو 2025، والتي شهدت انخفاضًا في أسعار جميع أنواع الوقود الرئيسية مقارنة بشهر أبريل.

ووفقًا للأسعار الجديدة، تم تحديد سعر لتر الديزل عند 1.95 ريال قطري، بينما بلغ سعر لتر البنزين “سوبر 95” 1.95 ريال، وكذلك البنزين “ممتاز 91” بسعر 1.95 ريال أيضًا.

ويعكس هذا التراجع في أسعار الوقود في قطر التأثير المباشر لانخفاض أسعار النفط العالمية، بالإضافة إلى حرص الحكومة القطرية على تمرير مكاسب السوق العالمية إلى المستهلك المحلي، لا سيما في ظل التباطؤ الاقتصادي الإقليمي وتراجع الطلب.

الإمارات تعلن أسعار الوقود وترفع البنزين وتخفض الديزل

على النقيض، أقرت لجنة متابعة أسعار الوقود في الإمارات زيادة طفيفة في أسعار البنزين بكافة أنواعه لشهر مايو 2025، فيما خفضت سعر الديزل بشكل ملحوظ.

ووفقًا للأسعار الجديدة، أصبح سعر لتر الديزل 2.52 درهمًا، مقارنة بـ2.63 درهم في أبريل، أي بتراجع بلغ 11 فلسًا. في المقابل، ارتفع سعر البنزين “سوبر 98” إلى 2.58 درهمًا للتر، مقارنة بـ2.57 درهم في الشهر السابق.

وارتفع “خصوصي 95″ إلى 2.47 درهم، مقارنة بـ2.46 درهم، و”إي بلس 91” إلى 2.39 درهم مقابل 2.38 درهم في أبريل.

وتُعد هذه المرة الأولى خلال العام الجاري التي تُقرر فيها الإمارات رفع أسعار البنزين، وذلك بعد خفضين متتاليين شهدهما السوق في مارس وأبريل، بينما يعد تخفيض سعر الديزل استمرارًا لاتجاه تراجعي بدأ منذ بداية العام.

أسباب التباين في سياسات التسعير الخاصة بـ أسعار الوقود

ويرى مراقبون أن التباين في التسعير بين قطر والإمارات يعكس اختلافًا في آليات احتساب الأسعار ومدى تأثر كل دولة بعقود الشراء المستقبلية وتكاليف النقل والتكرير.
كما تلعب سياسة الدعم الحكومي والتوجهات الاقتصادية دورًا في تحديد مستويات الأسعار المحلية.

وفي حين تعتمد الإمارات نظامًا مرنًا يتبع الأسعار العالمية للنفط مع إضافة تكلفة النقل والتوزيع والضرائب، فإن قطر تتبع سياسة تسعير مستقلة تراعي التوازن بين الأسواق العالمية والقدرة الشرائية للمواطنين والمقيمين.

النفط يواصل الهبوط ويسجل أكبر خسارة شهرية منذ 2021

تزامن إعلان أسعار الوقود في دول الخليج مع تواصل الانخفاض العالمي في أسعار النفط الخام، حيث تراجعت الأسعار بنحو 1.5% خلال تعاملات الأربعاء 30 أبريل، لتسجل ثالث خسارة يومية على التوالي، في ظل مخاوف من ركود اقتصادي عالمي بسبب الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين.

وبحسب بيانات السوق، تتجه أسعار النفط نحو تسجيل أكبر انخفاض شهري لها منذ أكثر من ثلاث سنوات، متأثرة بتزايد المعروض وتراجع الطلب العالمي.

وسجل خام برنت والخام الأمريكي تراجعات حادة تجاوزت 2.5% في تعاملات أمس الثلاثاء 29 أبريل، مدفوعة بتشاؤم المستثمرين بشأن آفاق النمو الاقتصادي.

الحرب التجارية تضرب الطلب على النفط

وتعود الضغوط الأخيرة على أسعار النفط إلى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية شاملة على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة مطلع أبريل الجاري، وهو ما قوبل برد فعل صيني تمثل بفرض رسوم مماثلة على واردات أمريكية.

وساهم هذا التصعيد في تأجيج المخاوف من تباطؤ التجارة العالمية وانكماش الطلب على الطاقة، خاصة من أكبر مستهلكين للنفط في العالم.

ويؤكد محللون لوكالة رويترز، أن هذه التوترات التجارية ألقت بظلال قاتمة على الأسواق، إذ لم تعد أسعار النفط تتحرك فقط وفق المعطيات التقليدية، بل أصبحت أكثر حساسية تجاه الأخبار الجيوسياسية والاقتصادية الكلية.

المعروض النفطي يفاقم الضغوط على السوق

على صعيد الإمدادات، زادت المخاوف من تراجع الأسعار بسبب ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية.

فقد أفادت بيانات معهد البترول الأمريكي، بزيادة قدرها 3.8 مليون برميل في الأسبوع الماضي، ما عزز من القلق بشأن تخمة المعروض، في وقت تستعد فيه مجموعة “أوبك+” لزيادة إنتاجها التدريجي خلال الربع الثالث من 2025، التزامًا باتفاقات سابقة.

فيما قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية اليوم الأربعاء إن مخزونات النفط الخام والبنزين في الولايات المتحدة انخفضت بينما ارتفعت مخزونات نواتج التقطير الأسبوع الماضي.

وأضافت الإدارة أن مخزونات النفط الخام انخفضت 2.7 مليون برميل إلى 440.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 25 أبريل، مقارنة بتوقعات محللين في استطلاع لرويترز بارتفاعها 429 ألف برميل.

اقرأ أيضًا.. صادرات مصر غير النفطية تتجاوز 13 مليار دولار في 3 أشهر.. 4 قطاعات بالمقدمة

مستقبل الأسعار مرهون بالتطورات العالمية

يرجّح الخبراء أن تظل أسعار النفط والوقود متذبذبة في الأشهر المقبلة، وسط ترقب نتائج المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين، وتحركات “أوبك+”، إلى جانب البيانات الاقتصادية من الاقتصادات الكبرى. كما تبقى مستويات التضخم العالمية وسعر الدولار من العوامل المؤثرة على سلوك السوق.

وفي المنطقة، ستواصل الدول الخليجية مراقبة تطورات السوق لاتخاذ قرارات شهرية تتناسب مع مصالحها الاقتصادية وظروفها المحلية، ما يعني أن أسعار الوقود قد تشهد المزيد من التعديل سواء بالزيادة أو النقصان خلال الفترة المقبلة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط