نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عيد العمّال العالمي يفتّش عن من يحتفل به في لبنان - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 09:08 صباحاً
لا تظاهرات هذه السنة في عيد العمّال العالمي في لبنان، تذكِّر بتظاهرة شيكاغو سنة 1886 التي أسّست لعيد العمّال العالمي، والتي راح ضحيّتها قيادات عمّاليّة بالرصاص الحيّ لأنهم كانوا يطالبوا بــ "8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة، 8 ساعات نوم".
في العادة ينظَّم الحزب الشيوعي اللبناني أو الاتحاد الوطني للنقابات تظاهرات شارك فيها في السنوات الأخيرة عمّال مهاجرين أكثر من عمّال محليين. ودأب الاتّحاد العمّالي العام على الاستغناء عن التظاهرات بــ"حفل إستقبال وتهاني" بعيد العمّال أو بمهرجان خطابي ذي حشد حزبي.
هذه السنة يدخل عيد العمّال العالمي الى الرزنامة اللبنانيّة كالغريب، ذليلاً مهمّشًا. لا أحد يريد أن يحتفل به، أو بشكل أصحّ وأدقّ بعضهم يريد الاحتفال به لكن مواربةً، كأنّهم لا يعترفون به إلاّ بخفر وعلى مضض.
رصدتُ ثلاثة أنشطة بمناسبة عيد العمال، اثنان منها يلمّحان الى عيد العمّال وواحد يتكلّم عنهم دون أن يذكر عيد العمّال بشكل مباشر.
النشاط الأول، في أول أيار، هو مهرجان تنظّمه برعاية وزير العمل، جمعيّة التواصل والحوار الإنساني ومجلة وموقع الحدث والخبر كام نيوز وجمعيّة رابطة أبناء بيروت، بالتعاون مع الاتّحاد العمّالي العام وفي مقرّه. الدعوة الى المهرجان عرّفت عنه بأنه "مهرجان شعري ثقافي بعنوان "تحيّة الى العامل في عيده"، ويتخلّل المهرجان كلمات وإلقاء شعر وعزف موسيقي ورسم مباشر وتكريمات".
جميل ان يُحتفل بعيد العمال في أجواء فنية، لكن لا معلومات لديّ عن الشعراء والموسيقيين والرسّامين ولا عن علاقة الأشعار والأغاني والرسومات بالعمّال. المعلومات الأكيدة ان الجمعيات الداعية، إمّا عائليّة أو إعلاميّة أو عامّة، ولا طابع عمّالي لها. وهي تريد أن تقدّم "تحيّة الى العمّال" من خارج أطرهم النقابيّة، لكن ..... "بالتعاون" مع الاتّحاد العمّالي العام، الذي يبدو، بحسب الدعوة وبرنامج المهرجان، ذا دور ثانوي، وكأنّ العيد ليس عيد من يُفترض انه يمثّلهم هو دون غيره.
النشاط الثاني هو المهرجان الذي ينظّمه الحزب الشيوعي اللبناني، أيضا في أول ايار، في مركز معروف سعد الثقافي في صيدا، تحت شعار "إنتصارًا لأهلنا في الجنوب بمواجهة العدوان الصهيوني، ودعمًا لعمّال لبنان وكادحيه ضدّ نظام المحاصصة الطائفيّة والإفقار".
من المهم ان نتضامن باستمرار مع "أهلنا في الجنوب بمواجهة العدوان الصهيوني"، لكن يستحقّ عيد العمّال العالمي ان نخصّصه للعمّال، بطابعه الطبقي وليس الأهلي أو الطائفي. كما اننا لا نعرف كيف "سينتصر" الحزب الشيوعي لأهلنا في الجنوب هو الذي في عقيدته من المفترض ان ينتصر للعمّال من خلال الثورة على النظام الرأسمالي. ربما كان أقنعنا أكثر لو جاء في شعاره "دعمًا لأهلنا في الجنوب" و "إنتصاراً لعمّال لبنان". لكني أعتقد ان كل المشكلة تكمن في ان الحزب يشعر ان لا قضيّة عمّاليّة يرفعها اليوم، فيستعيض عنها بشعارات سياسيّة – عسكريّة. إلاّ إذا أراد ان يقنعنا ان التناقض الأولي هو مع الإمبرياليّة والصهيونيّة فيما الاستغلال الرأسمالي في الإطار الوطني هو تناقض ثانوي. مما يذكّرنا بشعار الأنظمة العربيّة المستبدّة "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة"...حتى صوت العمال!
النشاط الثالث هو ورشة العمل التي نظّمها قبل يومين من عيد العمّال العالمي، "المرصد اللبناني لحقوق العمّال والموظفين"، والتي تناولت المشروع الذي يعدّه لتعديل قانون العمل اللبناني. شارك في الورشة نقابات واتحادات وروابط وجمعيات مدنيّة ونواب ومؤسّسات داعمة. واقع العمّال وتحسين ظروف عملهم من خلال قانون عمل جديد، كان في صلب النقاشات، إضافة للخطّة التي يجب اتباعها من أجل إقرار هذا القانون.
لا شكّ ان موعد الورشة له علاقة بعيد العمّال، لكن اللافت ان الشعور السائد عند معظم المشاركين، كان ان الجو العمّالي والنقابي العام لا يشجّع على "الاحتفال" بعيد العمّال العالمي، نظرًا للتقاعس النقابي اللبناني في الدفاع عن العمّال والمتمادي منذ سنوات عديدة.
وأنا أتأمل المشهد العمّالي والنقابي هذه السنة، ألاحظ ان الإحتفال الوحيد الفعلي بعيد العمّال العالمي في لبنان، تجسّد في إضراب واعتصامات ومسيرات رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي في شوارع بيروت، التي ملأت بكل شجاعة جزءًا من الفراغ المخيف الذي يطبع النضال العمّالي والنقابي.
0 تعليق