أزمة الكهرباء في أوروبا: انقطاع نادر يربك الحياة ويوقع خسائر بمليارات اليورو - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أزمة الكهرباء في أوروبا: انقطاع نادر يربك الحياة ويوقع خسائر بمليارات اليورو - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025 01:03 مساءً

في مشهد غير مألوف على القارة الأوروبية، تفاجأ ملايين السكان في كل من إسبانيا والبرتغال بانقطاع واسع النطاق للتيار الكهربائي، ابتدأ ظهر الإثنين 28 نيسان/ أبريل 2025، وامتد ليشمل أجزاء من فرنسا، وتسبب باضطرابات حادة في مختلف القطاعات الحيوية، مما أثار تساؤلات عميقة حيال مدى متانة شبكة الطاقة الأوروبية، وقدرة الدول على الاستجابة لمثل هذه الأزمات غير المتوقعة.

أسباب الانقطاع: من الحريق إلى خلل في الشبكة
في الساعات الأولى للأزمة، تجنبت شركات الكهرباء الإسبانية والبرتغالية تحديد السبب بدقة. ومع تزايد الضغط الشعبي والإعلامي، بدأت الروايات تتوالى. ففي البرتغال، تحدث وزير التنمية عن احتمال وجود "هجوم إلكتروني"، لكن رئيس الوزراء عاد وأكد أن "لا شيء مستبعداً، ولا توجد أدلة قاطعة". 

أما الرواية التقنية، فأتت لاحقاً من شركة "رين" الوطنية للطاقة، والتي نسبت الانقطاع إلى حريق شب قرب جبل "ألارك" جنوب غرب فرنسا، ما أدى إلى تلف خطوط الضغط العالي المرتبطة بشبكة الكهرباء الأوروبية. كما تحدثت شركة "إي-ريديس" عن احتمال حدوث خلل في الجهد الكهربائي، وهو ما يعزز فرضية ضعف التنسيق أو ضعف البنية التحتية العابرة للحدود في أوروبا.

 

 

تداعيات واسعة: مدن مشلولة ومرافق حيوية معطّلة
خلف هذا الانقطاع "الاستثنائي" كما وصفته السلطات، سلسلة من التداعيات التي شملت مختلف أوجه الحياة اليومية:

- المرور والطرق: توقفت شارات المرور، ما أدى إلى اختناقات مرورية كبيرة، خصوصاً في مدريد ولشبونة.
- النقل العام: أُغلقت محطات المترو، وعلّقت شركة القطارات الإسبانية كل رحلاتها، كما تم إخلاء محطات مثل "سانتس" في برشلونة.
- المطارات: شهدت مطارات كبرى مثل "باراخاس" في مدريد و"إل برات" في برشلونة تأخيرات وتعليقاً جزئياً للرحلات. كذلك أُغلق مطار "هومبرتو دلغادو" في لشبونة.
- الخدمات الصحية: انقطعت الكهرباء عن بعض المستشفيات، وأُعلن عن تشغيل أنظمة بديلة لضمان الخدمات الأساسية.
- الاتصالات والإنترنت: شهدت مدن كبرى مثل مدريد وبرشلونة اضطرابات في شبكات الإنترنت والهاتف، كما تأثرت شبكات الاتصال في المغرب والجزائر.
- الخدمات المالية: تعطلت عمليات الدفع الإلكتروني، واصطف المواطنون أمام الصرافات الآلية.
- الرياضة: توقفت بطولة مدريد للتنس بعد انقطاع الكهرباء عن مرافق الحدث.

غادر المشاركون في بطولة موتوا مدريد المفتوحة مرافق كاخا ماجيكا بسبب انقطاع التيار الكهربائي في شبه الجزيرة يوم الاثنين هذا (وكالات)

السلطات في حالة طوارئ
استجابت الحكومات الأوروبية المتأثرة بسرعة، إذ عقدت إسبانيا والبرتغال اجتماعات طارئة، وشكلت لجنة أزمة في مدريد، كما فعّلت الحكومة الإسبانية خطة الطوارئ من المستوى الثالث. وتواصلت المفوضية الأوروبية مع السلطات المعنية لمتابعة التحقيق، فيما دعت حكومة مدريد السكان إلى البقاء في منازلهم وعدم استخدام الطرق إلا للضرورة.

 

الامتداد الإقليمي: فرنسا، بلجيكا، وشمال إفريقيا
لم تتوقف الأزمة عند إيبيريا، بل امتد تأثيرها إلى جنوب فرنسا وبلجيكا، وحتى دول شمال إفريقيا. ففي المغرب، أفادت شركة "أورانغ" عن حدوث اضطرابات في الإنترنت بسبب الأزمة الأوروبية، فيما حذرت السلطات الجزائرية من احتمال تأثير الانقطاع على خدمات الإنترنت. ومع ذلك، أكدت اتخاذ تدابير احترازية لضمان استمرارية موقتة.

الخسائر الاقتصادية المحتملة

نتيجة التأثير الواسع على قطاعات حيوية. ويمكن تصنيف هذه الخسائر بشكل مبدئي وفقاً للقطاعات المتضررة:

قطاع النقل والمطارات كان الأكثر تضرراً، إذ أدى انقطاع الكهرباء إلى إلغاء عشرات الرحلات الجوية وتأخيرها، وتعطيل حركة القطارات والمترو، ما يُقدّر بخسائر تراوح بين 200 إلى 300 مليون يورو.

القطاع الصناعي والخدمات تكبد خسائر كبيرة نتيجة توقف عمليات الإنتاج، وتعطل المعاملات اليومية، خصوصاً في المصانع والخدمات اللوجستية، ما يُقدر بين 500 إلى 700 مليون يورو.

الاتصالات والإنترنت شهدت انقطاعات واسعة في التغطية وضعفاً في تشغيل الشبكات، مما أثر على البنية التحتية الرقمية والخدمات الإلكترونية، وقدرت الخسائر بما لا يقل عن 100 مليون يورو.

قطاع التجزئة والدفع الإلكتروني تضرر بفعل تعطل أنظمة الدفع وتوقف المبيعات، خصوصاً في المراكز التجارية والسوبرماركت، مع تقديرات أولية تراوح بين 150 إلى 250 مليون يورو.

السياحة والفنادق تأثرت بإلغاء الحجوزات وتعليق حركة التنقل الداخلية والدولية، مما أدى إلى خسائر تقدر بحوالى 100 مليون يورو.

هذه الأرقام مبنية على تقديرات تقريبية تستند إلى متوسطات يومية للنشاط الاقتصادي في كل قطاع من القطاعات المتأثرة، وقد تتغير مع مرور الوقت بناءً على حجم الأضرار الفعلية ومدى سرعة التعافي.

 

هل تكررت مثل هذه الأزمات سابقاً؟

نعم، فقد شهدت أوروبا حادثتين بارزتين:

- في 2006: انقطاع كهرباء أثر على 5 دول، بسبب خلل في التنسيق بين الشبكات.
- في 2003: انقطاع شامل في إيطاليا دام 12 ساعة بسبب عطل في الخط الواصل مع سويسرا.

وهذا يعيد طرح سؤال مهم حيال مدى كفاءة الشبكة الأوروبية المشتركة، وأهمية تحديثها واستثمار المزيد فيها.

أثر محتمل على ثقة المستثمرين والاقتصاد

في عصر يتسم بالاعتماد الكبير على الطاقة والاتصالات، فإن أزمة من هذا النوع تقوّض ثقة المستثمرين الدوليين بجاهزية البنية التحتية الأوروبية. كما قد تعزز الدعوات إلى:

- فصل الشبكات الحيوية وعدم ربطها المفرط عبر الحدود.
- الاستثمار في مصادر بديلة مستقلة لكل دولة.
- رفع درجات الأمان السيبراني، خصوصاً في ظل الشكوك بوجود هجوم إلكتروني.

على المدى القصير، ستواجه الدول المتأثرة تباطؤاً في النمو اليومي للناتج المحلي، وقد تتأثر الأسواق المالية الأوروبية إذا استمرت التحقيقات مدة طويلة من دون نتائج واضحة.

 

ناقوس خطر للطاقة الأوروبية
رغم أن أوروبا لطالما تفاخرَت بقوتها في مجال الطاقة وتكامل الشبكات العابرة للحدود، إلا أن حادث 28 نيسان/أبريل 2025 يمثل ناقوس خطر يُنذر بضرورة إصلاح جذري في بنية الطاقة، وزيادة التنسيق الأمني والتقني بين الدول.

فالأمر لا يقتصر على أعطال فحسب، بل يشمل استعداداً سياسياً، وبنية تحتية تواكب التغير المناخي، والهجمات السيبرانية، والطلب المتزايد على الكهرباء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق